أعلن الأمين العام السابق لحزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، عبد الإله بنكيران، مساء الخميس، عن تجميد عضويته في الحزب، في خطوة تكشف حدة الاحتقان الذي يسود داخله، بعد أن فوجئ الإسلاميون بإقرار الحكومة التي يقودونها لمشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
وسارع بنكيران، بعد نحو أربع ساعات على مصادقة الحكومة التي يقودها خلفه سعد الدين العثماني على مشروع القانون المثير للجدل، إلى تنفيذ التهديد الذي كان قد أطلقه في الأول من الشهر الجاري، بتجميد عضويته في الحزب في حال موافقة الأمانة العامة للحزب (أعلى هيئة تنفيذية) على المشروع.
وقال الأمين العام السابق للحزب الإسلامي، في بيان مكتوب بخط يده تم نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنه قرر قطع علاقاته بالأمين العام الحالي للحزب ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بالإضافة إلى قياديين بارزين هما: وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، المصطفى الرميد، ووزير الطاقة عزيز رباح، ووزير الشغل والاندماج المهني، محمد أمكراز، والوزير السابق، لحسن الداودي.
وكان بنكيران قد هدد بالانسحاب نهائياً من الحزب في حال مصادقة برلمانيي الحزب على مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي. وقال، في بيان اطلع "العربي الجديد " على نسخة منه: "أنا الموقع أسفله عبد الإله ابن كيران بصفتي عضواً في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية وإذا ما وافقت الأمانة العامة للحزب على تبني القانون المتعلق بالقنب الهندي (الكيف) المعروض على الحكومة، فإنني أجمّد عضويتي في الحزب المذكور. وفي حالة إذا ما صادق ممثلو الحزب في البرلمان على القانون المذكور فسأنسحب من هذا الحزب نهائياً".
ومساء اليوم، أقرّ مجلس الحكومة المغربية مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وذلك بعد أسبوعين من التأجيل، جراء الخلاف الحاد الذي أثاره في صفوف حزب "العدالة والتنمية "، قائد الائتلاف الحكومي الحالي.
وتمكن مجلس الحكومة، بحضور وزراء حزب "العدالة والتنمية"، خلال اجتماعه اليوم، من حسم موقفه من مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بالمصادقة عليه، بعد أن تم تجاوز الخلافات بين أعضاء الحكومة حول مضمونه.
وجاء تمرير مشروع القانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بعد يومين على دعوة لافتة للأمانة العامة لـ"العدالة والتنمية" إلى توسيع النقاش العمومي حول المشروع وإنتاج دراسة الأثر بشأنه. كما قررت خلال اجتماعها بداية الأسبوع الحالي، متابعة دراسة الموضوع في اجتماعاتها المقبلة، في إشارة تفيد إلى أن مشروع القانون، الذي أحدث انقساما داخل الحزب الإسلامي، سيبقى مؤجلا إلى حين.
كما تأتي المصادقة على المشروع بعد زيارة مفاجأة قادت رئيس الحكومة والأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، أول أمس الثلاثاء، إلى بيت سلفه عبد الإله بنكيران، من أجل إطلاعه على مستجدات مشروع القانون ومحاولة إيجاد أرضية مشتركة للنقاش حوله.
إلى ذلك، ينتظر أن تسهم مصادقة الحكومة، اليوم الخميس، على مشروع القانون في المزيد من الاحتقان في البيت الداخلي الذي يعيش على إيقاعات تنظيمية وسياسية منذ توقيع أمينه العام سعد الدين العثماني على اتفاق استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بعد أن بدا أن قيادة الحزب تتجه لإرجاء الحسم فيه إلى ما بعد الانتخابات المقبلة.
ولم يخف قيادي في الحزب، في حديث مع "العربي الجديد "، وقع المفاجأة على البيت الداخلي للإسلاميين بشأن تمرير المشروع، متوقعاً أن يتسبب في إحداث المزيد من الانقسام بين قيادة الحزب وأعضائه، ودفع العديد من المعارضين لتدبيرها إلى اتخاذ خطوات احتجاجية بتجميد أنشطتهم أو تقديم استقالاتهم من هيئات الحزب.
في المقابل، اعتبرت مصادر من الحزب الإسلامي، طلبت عدم ذكر اسمها، أن المصادقة كانت منتظرة، وأن الحزب "لا يمكنه أن يعارض اختيارات الدولة"، لافتة، في حديث مع "العربي الجديد "، إلى أن مصادقة وزراء الحزب على المشروع في المجلس الحكومي، والتي تشكل انطلاقة المسار التشريعي لإقرار قوننة القنب الهندي لأول مرة في تاريخ البلاد، لن تؤثر على البيت الداخلي رغم المعارضة التي لقيها من قبل بعض القيادات كان من أبرزها الأمين العام السابق.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن قيادة الحزب حسمت أمرها بخصوص المخرج من مأزق مشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي الذي وجدت نفسها أمامه، من خلال عدم تبني المشروع وامتناع الكتلة النيابية للحزب عن التصويت عليه بمناسبة عرضه، خلال الأسابيع المقبلة، على أنظار مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي).
وكان مجلس الحكومة قد شرَع، في 25 فبراير /شباط الماضي، في دراسة مشروع القانون المتعلق بالقنب الهندي الذي قدمه وزير الداخلية، قبل أن يقرر في مناسبتين تأجيل استكمالها والمصادقة عليه.