استمع إلى الملخص
- قبول عضوية دولة جديدة في الأمم المتحدة يتطلب موافقة مجلس الأمن والجمعية العامة، وفلسطين حالياً بصفة مراقب غير عضو، مما يتيح لها المشاركة دون حق التصويت.
- الوضع الجديد يمنح فلسطين حقوقاً إضافية، لكنها تحتاج لدعم دولي لتحقيق العضوية الكاملة، وسط معارضة أميركية تعقد المساعي.
جلس مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، في لحظة تاريخية على المقعد الرسمي الجديد لفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتّحدة، حسب الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء، ووُضعت أمامه لافتة كتب عليها "دولة فلسطين". فقد كانت البعثة الفلسطينية قبل هذه الحالة الجديدة بعثة مراقبة، تجلس خلف الدبلوماسيين الخاصين بالدول الأعضاء.
سياق القرار
عَقدت الجمعية العامة في 9 مايو/أيّار الماضي جلستها الاستثنائية الطارئة العاشرة، تضمن جدول أعمالها البند رقم 5 المتعلق بـ"الأعمال الإسرائيلية غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة"؛ كما وضع على أجندة الجلسة التصويت على الطلب المُقدم من مجموعة من الدول العربية، وغيرها من الدول، حول قبول أعضاء جدد في الأمم المتحدة. وعليه، صوتت الأغلبية الساحقة من أعضاء الجمعية العامة لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وأصدرت الجمعية قراراً يمنح دولة فلسطين حقوقاً إضافية داخل الجمعية العامة، كما اعتبر القرار سارياً منذ انطلاق أعمال الدورة السنوية التاسعة والسبعين للجمعية العامة في الأمم المتحدة.
إن القرار السابق الإشارة إليه، الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتّحدة في جلستها الاستثنائية الطارئة، على ضوء دعم الطلب الفلسطيني المقدم بالحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، المُقدم في 8 إبريل/نيسان 2024، إلى جانب فشل تمرير مشروع القرار الجزائري المُقدم داخل مجلس الأمن مباشرة، في 18 إبريل 2024، الذي يوصي بمنح فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، حينها صوّت لصالح القرار اثنا عشر عضواً من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، وعارضته الولايات المتّحدة، وامتنعت المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت، ولأن الولايات المتّحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية، فإن معارضتها في هذه الحالة تعد استخداماً لما يُعرف بحقّ النقض "الفيتو"، الذي حال دون اعتماد مشروع القرار، رغم تصويت غالبية أعضاء المجلس لصالحه.
قرب الوضع الجديد، "المقعد الرسمي" الممنوح لفلسطين، من حالة الدولة والعضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وجدد الأمل بذلك
من الجدير ذكره هنا، أنّ مساعي الدبلوماسية الفلسطينية كانت تطمح دائماً للحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، لكن قوبلت هذه المساعي بالكثير من العقبات، حتى جرى التصويت على منح فلسطين مقعداً غير عضو، بصفة المراقب في الأمم المتحدة. وحصلت على هذا الوضع بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية كبيرة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، حينها صدر القرار بتأييد 138 دولة، ومعارضة تسع دول، وامتناع 41 عن التصويت، ما زالت هذه المساعي متجددة بالطلب الأخير المجدد لمطلب الحصول على العضوية الكاملة، الذي لم يبت فيه حتى تاريخ تحرير المقالة.
كيف تقبل الأمم المتحدة عضوية دولة جديدة؟
وفقاً للنُّظم الضابطة لعمل هيئات الأمم المتحدة، على الدول الساعية للانضمام إلى الأمم المتحدة تَقديم طلب إلى الأمين العام، الذي يرسله بدوره إلى مجلس الأمن لتقييمه والتصويت عليه، لمجلس الأمن لجنة خاصّة بقبول الأعضاء الجدد، مكونة من أفراد ينتمون للدول الأعضاء بالأمم المتحدة. بداية تقوم اللجنة بتقييم الطلب، للتأكد من استيفائه متطلبات عضوية الأمم المتحدة، من خلال جلسة واحدة أو جلسات عدّة، ثم تقرر اللجنة إما تأجيل الطلب أو طرحه للتصويت الرسمي في مجلس الأمن. ويتوجب الإشارة إلى أن النظام الناظم لعمل هذه اللجنة يتطلب موافقة تسعة أصوات مؤيدة على الأقل، وعدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين حق النقض "الفيتو".
بعد انتهاء مجلس الأمن من الإجراءات الداخلية، للموافقة على طلب انضمام عضو جديد، ينتقل الطلب إلى الجمعية العامة للموافقة عليه، هنا يحتاج طلب العضوية إلى أغلبية الثلثين حتّى يحظى بموافقة الجمعية العامة، أي لا يمكن لأي دولة الانضمام إلى الأمم المتحدة إلّا بموافقة مجلس الأمن والجمعية العامة.
جديد وضع فلسطين القانوني
تتمتع دولة فلسطين منذ انضمامها للأمم المتّحدة بصفة المراقب غير العضو، إذ يحقّ لها بموجب هذه الحالة المشاركة في جلساتها، والتحدث في الجمعية العامة للأمم المتّحدة، والمشاركة في اجتماعات المنظمة المختلفة، من دون أن يكون لها حقّ التصويت على القرارات. كما يحقّ لها تقديم المقترحات والتعديلات، والمشاركة في النقاشات، والجلوس في قاعة الجمعية العامة بعد الدول الأعضاء مباشرة؛ كما يحقّ لها الانضمام للاتّفاقيات الدولية، ومنها نظام روما.
تمنح حالة فلسطين الجديدة، دولة ذات مقعد رسمي، مجموعة من الحقوق والامتيازات الإضافية، مثل: الحقّ في الجلوس مع الدول الأعضاء حسب الترتيب الأبجدي، وحقّ التسجيل في قائمة المتحدثين في إطار بنود جدول الأعمال، غير البنود المتعلقة بقضيتي فلسطين والشرق الأوسط، والحقّ في الإدلاء ببيانات باسم مجموعة ما، إلى جانب ممثلي المجموعات الرئيسية، والحقّ في تقديم، والمشاركة في تقديم، مقترحات وتعديلات وعرضها، بما في ذلك باسم مجموعة ما، والحقّ في تقديم تعديلات للتصويت باسم الدول الأعضاء في مجموعة ما، وحقّ الرد في ما يتعلق بمواقف مجموعة ما، والحقّ في أن يُنتخب أعضاء وفد دولة فلسطين لعضوية مكتب الجمعية العامة، ومكاتب اللجان الرئيسية التابعة لها، والحق في المشاركة الكاملة والفعالة في مؤتمرات الأمم المتحدة، والمؤتمرات والاجتماعات الدولية، التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة. لكن أبقى القرار على عدم قدرة فلسطين على التصويت في الجمعية العامة، أو على أن تترشح لأجهزة الأمم المتحدة.
ما أبعاد الوضع الجديد على حالة الفاعلية الفلسطينية في الساحة الدولية؟
لقد قرب الوضع الجديد، "المقعد الرسمي" الممنوح لفلسطين، من حالة الدولة والعضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، وجدد الأمل بذلك. سوف تمكن هذه الحالة فلسطين من تقديم مقترحات ومشاريع أمام الجمعية العامة، أو تقديم أبناء فلسطين لرئاسة وعضوية مكاتب الجمعية العامة، ومكاتب اللجان الرئيسية التابعة لها. الأمر الذي ينعكس على رفع مستوى المشاركة الدبلوماسية لفلسطين، ويساهم في المشاركة في صياغة الإرادة الدولية بشأن معالجة القضايا العالمية، التي تمس الأمن والسلم الدوليين.
أنّ مساعي الدبلوماسية الفلسطينية كانت تطمح دائماً للحصول على العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، لكن قوبلت هذه المساعي بالكثير من العقبات
لكن، وبالرغم من هذه الامتيازات، سوف تبقى كيانية فلسطين منقوصة وقائمة على مرتكزات خارجية، وبحاجة لمساحة واسعة من الإسناد الدولي في مواجهة تحدياتها، فبدون عضوية كاملة في الأمم المتحدة سوف تبقى فلسطين غير قادرة مباشرة على تحريك دعاوى قضائية في مواجهة سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية. إلى جانب، الترشح لعضوية مجلس الأمن الهيئة الأهم في هيئة الأمم المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن فلسطين تنتظر رد مجلس الأمن حول طلبها المقدم بخصوص الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والذي لا نتوقع الكثير من الإيجابية في الرد عليه، لأن التوجهات السياسية الأميركية الحالية لا تدعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، بالرغم من الإرادة الدولية التي أظهرتها حول هذا الأمر في مايو/أيار الماضي. ولهذا نتوقع أنه لن يسمح للقرار بالمرور عبر مجلس الأمن، سواءً من خلال لجنة خاصة بقبول الأعضاء الجدد، أو عبر التصويت العام لأعضاء المجلس.