المناورات الصينية في أفريقيا: نيات توسعية لبكين؟

08 اغسطس 2024
البحرية الصينية، هونغ كونغ، 30 إبريل 2012 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تكثيف المناورات العسكرية الصينية في أفريقيا**: أطلقت الصين تدريبات بحرية مشتركة مع موزمبيق وتنزانيا ضمن "مناورات السلام المشتركة لجيش التحرير الشعبي الصيني لعام 2024"، بهدف مكافحة الإرهاب والقرصنة.

- **أهداف المناورات وأهمية التعاون العسكري**: تهدف المناورات إلى تعزيز قدرات الدول الأفريقية في مكافحة الإرهاب والقرصنة، وتعكس مخاوف الصين بشأن التوترات الأمنية في الشرق الأوسط والبحر الأحمر وتأثيرها على مبادرة الحزام والطريق.

- **التعاون البراغماتي والنفوذ الاقتصادي**: تعتبر الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري السنوي 282 مليار دولار، وتسعى من خلال هذه التدريبات إلى تعزيز التعاون العسكري البراغماتي وزيادة التنسيق لحفظ الأمن والسلام.

كثّفت الصين خلال الأيام الماضية مناوراتها العسكرية في القارة الأفريقية، حيث أطلقت الثلاثاء الماضي تدريبات بحرية مشتركة مع موزمبيق من المقرر أن تستمر حتى عصر اليوم الخميس. أيضاً كانت سفن صينية قد اختتمت مناوراتها البحرية المشتركة مع تنزانيا مطلع الأسبوع الحالي. وتأتي هذه المناورات الصينية في أفريقيا في إطار ما يعرف باسم "مناورات السلام المشتركة لجيش التحرير الشعبي الصيني لعام 2024 في أفريقيا"، وتهدف إلى مكافحة الإرهاب والقرصنة. وكانت البحرية الصينية قد أرسلت، الأسبوع الماضي، إلى تنزانيا وموزمبيق، سفينتي إنزال، هما: وو جي شان، وتشي ليان شان، إضافة إلى مدمرة صواريخ موجهة من طراز دي 052. وأرسلت القوات الجوية للجيش الصيني طائرة نقل استراتيجية من طراز واي 20 في عملية تسليم عبر الحدود متعددة الأبعاد تحمل قوات من المشاة ومعدات ثقيلة مثل المركبات المدرعة الهجومية.

وان زانغ: لا يستطيع أحد مزاحمة الصين في أفريقيا على المستوى الاقتصادي والتجاري والاستثمار في البنية التحتية

وأدرجت وسائل إعلام صينية حكومية، انخراط الصين في تبادلات عسكرية مكثفة وتدريبات ودوريات مشتركة مع دول أجنبية، في إطار سعيها إلى تعزيز الصداقة والتفاهم والتعاون البراغماتي. وقالت إن المناورات الصينية في أفريقيا لها أهمية عملية في القارة، حيث تحدث هجمات إرهابية وعمليات قرصنة بشكل متكرر، وإنها ستساعد الدول الأفريقية على تعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب والقرصنة، وهو ما يؤدي إلى السلام والاستقرار في المنطقة. وأشارت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها الصين تدريبات مشتركة مع دول أفريقية شملت مشاركة قوات من البحرية والجيش في الوقت ذاته. وأضافت أن هذا سيعزز قابلية التشغيل البيني للجيش الصيني بين الخدمات والفروع العسكرية المختلفة. وبحسب وزارة الدفاع الصينية، شملت التدريبات المشتركة، التدرب على إطلاق النار بالمدفع الرئيسي، والبحث والإنقاذ المشترك، ومكافحة الإرهاب وعمليات القرصنة.

أهداف المناورات الصينية في أفريقيا

وأعرب الخبير في العلاقات الدولية بمركز تايبيه (تايوان) للدراسات السياسية، وان زانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن اعتقاده بأن نيات الصين واضحة ومكشوفة بشأن تكثيف علاقاتها العسكرية مع دول أفريقية مطلة على المحيط الهندي جنوب شرق القارة السمراء (تنزانيا وموزمبيق). وقال إن عنوان المناورات الصينية في أفريقيا الحالية (عنوانها "مناورات السلام المشتركة لجيش التحرير الشعبي الصيني لعام 2024 في أفريقيا")، يعكس مخاوف بكين وقلقها المتزايد بشأن التوترات الأمنية في الشرق الأوسط والبحر الأحمر، وانعكاس ذلك على ممراتها المائية التي تتضمنها مبادرة الحزام والطريق الصينية، إذ إن استمرار التوتر من شأنه أن يؤثر على سلاسل التوريد التي تربط الصين بالعالم في الاتجاهين، خصوصاً في منطقة البحر الأحمر وحوض البحر الأبيض المتوسط". وأضاف: "لذلك تعتقد بكين أن هناك حاجة ملحّة للبحث عن ممرات بحرية بديلة مثل المرور عبر مضيق موزمبيق في المحيط الهندي بين جزر مدغشقر وساحل جنوب أفريقيا، والاستدارة حول رأس الرجاء الصالح قبل الاتجاه شمالاً، غير أن تلك المنطقة تشهد عمليات قرصنة خطيرة، وهو الأمر الذي دفع الصين إلى هناك لتدريب القوات البحرية في تنزانيا وموزمبيق، وربما يكون ذلك تمهيداً لتثبيت وجودها العسكري بما يخدم مصالحها الاستراتيجية".

تقارير دولية
التحديثات الحية

وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كانت بكين تسعى إلى مزاحمة النفوذ الغربي والروسي في القارة السمراء، قال وان زانغ إن الصين لديها بالفعل وجود كبير في أفريقيا على المستوى الاقتصادي والتجاري والاستثمار في البنية التحتية، ومشاريع الكهرباء والطاقة الضخمة، ولا أحد يستطيع مزاحمتها في هذه المجالات، بحسب تعبيره، إذ تعتبر الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لـ15 عاماً على التوالي بواقع تبادل تجاري سنوي بلغ 282 مليار دولار العام الماضي. لكنه لفت إلى أن الجديد هو الدخول إلى القارة السمراء بما هي قوة عسكرية، وأن المناورات العسكرية تحت مسميات مثل مكافحة الإرهاب وعمليات القرصنة مجرد غطاء لنيات توسعية قد تنتهي بتثبيت قواعد عسكرية جديدة كما فعلت في جيبوتي.

تدرّب الصين القوات البحرية في تنزانيا وموزمبيق، تمهيداً ربما لتثبيت وجودها العسكري هناك

مجرد تعاون براغماتي

في المقابل، قال الباحث في العلاقات الدولية بمركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، لـ "العربي الجديد"، إن الصين تربطها علاقات ومصالح استراتيجية مع الدول الأفريقية، ومناوراتها العسكرية الأخيرة جزء من برنامج تدريبي مشترك شمل دولاً عدة من خارج القارة الأفريقية، مثل روسيا وبيلاروسيا ومنغوليا. وأضاف أن تزامن هذه المناورات في مناطق جغرافية متباعدة، يعكس التعاون العسكري البراغماتي بين الصين والدول الأخرى وقدرة الجيش الصيني على إدارة التفاعلات العسكرية في البحر والبر والجو وفي مناطق وأقاليم مختلفة. واعتبر أن استمرار هذا النهج من شأنه أن يجلب الأمل في زيادة التنسيق بين القوى الإقليمية والدولية لحفظ الأمن والسلام في مناطق الحروب والنزاعات.

وكان الأستاذ في مركز الدراسات السياسية في جامعة جينان، شياو لونغ، قد قلّل في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، من تأويل وتداعيات الأنشطة العسكرية الخارجية للجيش الصيني. وقال إن جميع هذه التفاعلات معد لها مسبقاً وغير مرتبطة بأحداث وتطورات آنية.

المساهمون