أعلن حلف شمال الأطلسي "الناتو"، في ختام قمّته التي استضافتها فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، في البيان الختامي أمس الأربعاء، أنه سيبحث مع الأردن إمكانية إنشاء مكتب ارتباط إقليمي للحلف في عمّان.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن مسؤول رفيع المستوى في الحلف أن مكتب "الناتو" المُرتقب في عمّان سيكون الأول من نوعه في العالم العربي، وهو ثمرة للتعاون الوثيق بين الجانبين، موضحاً أن من شأن المكتب أن يُعزز العلاقات الثنائية القائمة بين الحلف والمملكة بشكل أكبر، وسيكون بمثابة بوابة لتعزيز آفاق التعاون بين الحلف وشركائه في منطقة الجنوب.
ومن المتوقع أن يزور وفد من الحلف المملكة في أكتوبر/ تشرين الأول المُقبل لبحث عدة أمور، منها إمكانية إنشاء مكتب ارتباط للحلف في الأردن، مشيراً إلى أن التنسيق والتعاون عالي المستوى بين حلف شمال الأطلسي والأردن، والكثير من البرامج والأنشطة والتدريبات المشتركة بين الطرفين.
وفي السياق، يؤكد الخبير الأمني والعسكري جلال العبادي، لـ"العربي الجديد"، أن هناك وفداً من الحلف سيزور الأردن في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لبحث هذا الموضوع وزيادة التعاون بين الجانبين، موضحاً أن "التعاون بين الأردن والحلف بدأ من حوالى سنة 2005، وأن تمرين الأسد المتأهب العسكري جزء من هذا التعاون، الذي يشارك به الأردن بشكل مستمر عاماً بعد آخر".
وأضاف العبادي: "من الممكن أن يكون الأردن المركز الإقليمي للحلف ويتم من خلال هذا المركز التنسيق مع دول المنطقة بشأن التعاون والشراكة بين الطرفين"، مشيراً إلى أنه "بعد حرب أوكرانيا بدأ الحلف التحسب للتهديدات من جميع الاتجاهات، خاصة الجنوب من مالي وحتى منطقتنا، وهذا يسمى حزام الجنوب، ويضم حوالى 37 دولة، حيث أكد الحلف في بيانه الختامي أن عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا يؤثر بشكل مباشر على أمن الحلف وشركائه".
ويرى العبادي أن "دور الأردن كمركز إقليمي سيركز على التدريب، إضافة إلى مكافحة الإرهاب والأعمال الاستخباراتية، والدعم اللوجستي، وكذلك مواجهة الإشكالات الحديثة مثل الأمن السيبراني"، مشيراً إلى أن "العمل حالياً في العالم ليس فقط بمواجهة الهجمات الإرهابية المباشرة، بل يتعدى ذلك إلى الأمن السيبراني".
ورجّح اختيار الأردن لعلاقاته الوثيقة مع الحلف، إضافة الى موقعه القريب من سورية والعراق وإسرائيل، والأهم إيران، خصوصاً في ظل المحاور في المنطقة.
وقال إن "الأردن يستفيد من ذلك بتلقي تدريبات عسكرية متطورة، خصوصاً مكافحة الإرهاب والاستفادة من الخبرات، والدعم اللوجستي، والاستفادة من الآليات العسكرية، التي يبقى الكثير منها في أماكن التدريب، وتمنح للأردن كمساعدات وهدايا".
وبحسب العبادي، فإن الحلف والولايات المتحدة ليسا بحاجة لقواعد عسكرية جديدة في الأردن، خصوصاً أن لها العديد من القواعد العسكرية في المنطقة، معتبراً أن الولايات المتحدة تشكل 70 بالمائة من قوة الحلف وإمكاناته، والأردن سيستفيد من ذلك، خصوصاً أن الولايات المتحدة تقدم حوالى 1.5 مليار دولار سنوياً مساعدات للأردن، جزء كبير منها مساعدات عسكرية.
من جانبه، قال الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "التعاون بين الأردن والناتو ليس جديداً، فالأردن تصنيفه لدى الحلف حليف وليس عضواً، وهو أعلى تصنيف لدولة ليست عضواً، فالأردن يعتبر خطاً متقدماً لحلف شمال الأطلسي".
ورأى السبايلة أن "إعلان الأردن مركزاً إقليمياً لا يحمل الكثير من الجديد، فمعظم قواعد الحلف تعتمد على الأعضاء أو الحلفاء، يضاف إلى ذلك أن هناك قواعد عسكرية أميركية وفرنسية وألمانية تستفيد من التعاون مع الأردن".
ولفت إلى أن "الأردن بحاجة إلى تطوير القدرات ورفع مستوى التأهب والاستفادة من التطور التكنولوجي، وبحاجة إلى شركاء دائمين في حال وجود أخطار، خصوصاً أنه يواجه اليوم نمطاً جديداً من عصابات المخدرات، وأخطاراً على الحدود، وتهديد عودة الإرهاب".
يُذكر أن العاهل الأردني بحث، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مع أعضاء مجلس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، سبل توسيع التعاون المشترك في المجالات العسكرية والأمنية والتدريب ومكافحة الإرهاب، والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط.
وجرى الاتفاق على تجديد اتفاقية التعاون المشترك بين الأردن وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتجديد حزمة برنامج بناء القدرات، وبرنامج شراكة الوضع المتقدم.
وفي ذلك الوقت، قال الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، إن الأردن والناتو يعملان معا منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما، مضيفاً: "نقدر مساهمتكم في مهماتنا وعملياتنا التي قمنا بها في أفغانستان والبوسنة وغيرها، بالإضافة إلى التدريب والعمل المشترك بيننا، الأمر الذي يساعد الناتو، وآمل أنه يساعد الأردن كذلك".