بالرغم من الانفراجات الجزئية في مسار المفاوضات الممتدة التي تجري في درعا جنوبيّ سورية برعاية روسية بين ممثلي النظام والأهالي، فإن الوضع هناك ما زال محفوفاً بالمخاطر بسبب إصرار النظام على بلوغ جميع مطالبه، وخاصة تسليم السلاح.
وقال الناشط أبو محمد الحوراني، لـ"العربي الجديد"، إنه لم يجرِ التوصل إلى اتفاق حتى الآن، لأن النظام يريد الدخول إلى درعا البلد وتجريد السلاح ووضع نقاط هناك، واعتقال مطلوبين.
وأضاف الحوراني أنّ "الروس والنظام أرادوا تهجير بعض الأشخاص، وتمت تلبية تلك المطالب من خلال تهجير 8 أشخاص في الدفعة الأولى، و79 شخصاً في الدفعة الثانية، لكن النظام يريد أكثر من ذلك، ويصرّ على تحقيق كامل مطالبه، ويسايره الروس في ذلك إلى حد ما".
وأوضح أن قوات النظام، وخاصة الفرقة الرابعة، تواصل عمليات القصف على منطقة درعا البلد، ومناطق أخرى، بهدف الضغط على الأهالي والمفاوضين، مشيراً إلى أن تلك القوات قصفت الليلة الماضية وصباح اليوم بقذائف الدبابات والهاون أحياء درعا، فيما دارت اشتباكات بين عناصر النظام والمسلحين المحليين على محاور المنشية في درعا البلد وسط تحليق لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة.
وكانت قد دارت الليلة الماضية اشتباكات بين الجانبين على محور الكازية في منطقة المنشية بدرعا البلد، حيث حاولت مليشيات الفرقة الرابعة التسلل من عدة محاور إلى داخل درعا البلد، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مع أبناء المنطقة، أجبر فيها المهاجمون على التراجع دون إحداث أي تغيير في خريطة السيطرة. وتزامن ذلك مع قصف قوات النظام حيّ طريق السد بصواريخ من نوع "جولان"، واستهداف السهول المحيطة في منطقة الري بريف درعا الغربي بين بلدتي المزيريب اليادودة بالرشاشات الثقيلة. كذلك دارت اشتباكات في محيط تل السمن شمال مدينة طفس في الريف الغربي من محافظة درعا، الذي تتمركز فيه قوات عسكرية تابعة للنظام.
من جهتها، ذكرت وكالة أنباء "سانا" التابعة للنظام أنّ جندياً من قوات النظام أُصيب بجروح "جراء اعتداء فلول المجموعات الإرهابية على حاجز للجيش العربي السوري في حيّ المنشية بمدينة درعا مساء أمس، وأُسعِف إلى مشفى درعا الوطني، وهو ما استدعى رداً من وحدات الجيش على مصادر إطلاق النيران"، بحسب الوكالة.
واحتفت وسائل الإعلام التابعة للنظام بخروج دفعة من المعارضين والمدنيين في حافلتي تهجير من درعا إلى شمال سورية أول من أمس الخميس، قبل انتهاء المهلة التي أعلنها النظام.
واعتبرت أنّ تنفيذ عملية التهجير، جاء تطبيقاً لاتفاق مع لجان التفاوض في إطار "الحل السلمي" لتجنيب المنطقة مواجهة عسكرية، مشيرة إلى أن بنوداً أخرى قد تُستكمَل خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة. وبالرغم من إصرار النظام في الأيام الماضية على خروج شخصين من مدينة درعا (محمد المسالمة ومؤيد حرفوش) يتهمهما بالارتباط بتنظيم "داعش"، إلا أنّ الرواية الرسمية تميل الآن إلى تجاوز قضيتهما والانتقال إلى ملفات أخرى.
في غضون ذلك، انتقدت منظمة العفو الدولية سياسة النظام في درعا، القائمة على تجويع المدنيين لتحقيق أهدافه. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الباحثة في شؤون سورية بمنظمة "العفو الدولية"، ديانا سمعان، قولها أمس الجمعة إنه "يجب على الحكومة السورية أن ترفع فوراً الحصار لتسهيل الوصول غير المقيد للمنظمات الإنسانية والسماح بالإجلاء الطبي للمرضى والجرحى".