اعتبر مدير المركز الإعلامي لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، فرهاد شامي، أن "التقارير التي تتحدث عن إخلاء النظام السوري لعدد من المواقع ضمن مناطق سيطرته بمدينة الرصافة (40 كم جنوب محافظة الرقة)، وتركها لعناصر "داعش" خطيرة"، مُشيراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "ذلك يأتي بالتزامن مع هجوم "داعش" على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، شمال شرقيّ سورية".
وأكد المسؤول الإعلامي لـ"قسد" أن قواتهم "اتخذت إجراءات احترازية لمنع "داعش" من الاستفادة من عمليات الإخلاء تلك وتشكيل خطورة على محيط الرقة"، لافتاً إلى أن "النظام يسعى للضغط على محافظة الرقة أيضاً".
وذكر شامي أن "النظام السوري يستفيد من الوضع الراهن بسبب وقوعه في الكثير من الأزمات"، مضيفاً أن "النظام لم يستطع الدفاع عن حيّ غويران في أثناء هجوم "داعش" عام 2015، ولم يقف مع أبناء المنطقة الذين دافعوا عنه".
وأوضح أنّ "على النظام إبداء مواقف واضحة من الوضع الحالي، وتحديد موقفه إذا كان مع "داعش" أو مع أبناء المنطقة".
إلى ذلك، قالت مصادر من أبناء محافظة الحسكة، لـ"العربي الجديد"، إن خمس مدرعات تابعة لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، دخلت عصر اليوم الثلاثاء إلى سجن الصناعة (غويران) وسط مدينة الحسكة، في ظل استمرار تمركز بعض عناصر تنظيم "داعش" في بعض المهاجع داخل السجن.
وأكدت المصادر أن "طائرة مروحية أميركية استهدفت بصاروخين وطلقات رشاش أفراد خلية تابعة لتنظيم "داعش" كانت تتمركز في أحد الأبنية غرب سجن الصناعة، ما أدى إلى مقتل أفراد الخلية، وتدمير المبنى الذي كانوا يتحصنون بداخله"، مُشيراً إلى أنه "عقب الاستهداف بساعة تمكنت خمس مدرعات أميركية من دخول سجن غويران من البوابة الرئيسية".
وأوضحت المصادر أنه "لا تزال بعض المهاجع داخل السجن يتحصن بداخلها عناصر ومحتجزون من "داعش"، في ظل استمرار الاشتباكات بشكلٍ متقطع بين الفينة والأخرى، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرتين مروحيتين أميركيتين في سماء المنطقة"، مرجحةً أن "يكون دخول المدرعات الأميركية إلى داخل السجن للتفاوض مع من بقي من خلايا التنظيم المتحصنين داخل السجن، وذلك بعد سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على أجزاء واسعة منه".
وأشارت المصادر إلى أن "قوات "قسد" الأمنية والعسكرية عززت حواجزها على مداخل المدن والبلدات في محافظة الحسكة بمدرعات ورشاشات ثقيلة وعناصر، في ظل فرض حظر التنقل بين المدن والبلدات والريف، وخاصة وسط مدينة الحسكة".
وحول آخر المستجدات في السجن، قال شامي إن "الوضع داخل سجن الصناعة في مرحلة حساسة، خاصة في الأماكن التي توجد فيها تحركات "داعش" ويقومون بعملية العصيان"، مضيفاً أن "عدد الإرهابيين الذين استسلموا لقواتنا اليوم الثلاثاء بلغ 350"، مُشيراً إلى أن "أكثر من 850 سلموا أنفسهم منذ اليوم الأول من الاشتباكات وحتى الآن".
خشية من تهجير قسري في محيط سجن غويران
أكدت مصادر محلية من أبناء محافظة الحسكة، لـ"العربي الجديد"، أن عناصر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) سرقت أثاث بعض منازل المدنيين خلال الـ48 ساعة الفائتة ضمن أحياء غويران والنشوة والزهور (ذات الغالبية العربية) في مدينة الحسكة، شمال شرقي سورية، بالإضافة لعمليات جرف لمنازل المدنيين في المنطقة، وذلك خلال مداهمات أجرتها القوى الأمنية والعسكرية التابعة لـ"قسد" بحجة ملاحقتها لخلايا تنظيم "داعش" في المنطقة، عقب الهجوم الذي شنته خلايا التنظيم على سجن "الصناعة - غويران".
وقال ياسر الفرحان رئيس "الهيئة الوطنية السورية لشؤون المفقودين والمعتقلين" التابعة لـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، في حديث لـ "العربي الجديد": "اليوم وصلتنا أنباء أن مليشيات (PYD) دخلت على منازل المدنيين بالجرافات، وجرفت قسماً منها في حي غويران ضمن مدينة الحسكة، وهذا سلوك ممنهج ومتكرر ضمن سياسة النهب والتعفيش لتلك الميليشيات في المنطقة"، موضحاً أن "الأمم المتحدة حذرت من عملية تهجير ونزوح لـ 45 ألف مدني من ضمن الأحياء الثلاثة".
وأضاف المتحدث: "نخشى على الحسكة من تكرار السيناريو، بتهجير الأهالي، ثم تدمير البيوت ونهب الممتلكات، ثم فتح مجال للدواعش أن يطلعوا لمنطقة ثانية، وبالنتيجة استبدال الإرهاب بإرهاب، واستمرار الفساد وانتهاك حقوق الإنسان"، مُشيراً إلى "استفادة مليشيات (PKK، YPG، PYD) من عدم القضاء على الدواعش واستخدامهم فزاعة تبرر استمرار الأوضاع على ما هي عليه"، مطالباً "الأطراف الدولية بتحمل مسؤوليتها عن ذلك، والتدخل العاجل لحماية المدنيين ومنع اقتلاعهم من أرضهم".
وأكد الفرحان أن "أحياء غويران والنشوة وحي الزهور في الحسكة لم يدخلها لا ماء ولا خبز لليوم السادس على التوالي، بسبب الحصار المفروض عليها من قبل مليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الإرهابية بحجة ملاحقة عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي"، مُشيراً إلى أن "معظم أهالي تلك الأحياء نزحوا من منازلهم إلى أحياء مجاورة في ظل الظروف الجوية القاسية خوفاً من القصف والاشتباكات".
ولفت الفرحان إلى أن "تنظيم داعش هو حصان طروادة للأسد ومليشيات (PYD) معاً، كلما ضاق الخناق بأحدهما، يرمي له طوق النجاة"، مُشيراً إلى أن "الأهالي هم الضحايا، وإن ما يجري في الحسكة مسرحية مفتعلة، يدفع ثمنها المدنيون"، معتبراً أنه "في ثنائية الإرهاب والاستبداد يعتاش كل منهما على الآخر".
وطالب رئيس الهيئة "الصليب الأحمر والمنظمات الدولية بإدخال المواد الغذائية والمياه للمدنيين في الأحياء المحاصرة في الحسكة بالسرعة القصوى"، كما طالب "التحالف الدولي بحماية المدنيين خلال عمليات ملاحقة خلايا داعش الإرهابية"، مذكراً بمبادئ القانون الدولي في الحيطة والتمييز والتناسب.
ودعا الفرحان إلى "تقييم تجربة الفشل المتكرر لمليشيات PYD – YPG / PKK في القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي رغم الدعم الهائل المقدّم لها في ذلك، وفي ظروف ارتكاب ممنهج لهذه المليشيات جرائم ضد الإنسانية، وتورطها بنهب ثروات المنطقة وترك سكانها تحت خط الفقر".
"مسد" ينفي حدوث انتهاكات
من جانبه، نفى عضو "الهيئة التنفيذية في مجلس سورية الديمقراطية" (مسد) ثابت الجوهر الأنباء حول الانتهاكات، قائلاً لـ"العربي الجديد" إن حكومة النظام هي من تبث هذه الإشاعات، مؤكداً أن أكثرية قوات "قسد" هي من المكوّن العربي، مضيفاً أن النسبة الغالبة في أحياء حوش الباعر وغويران هي من الشرابية وهي من عشيرته، وعملية التمشيط هناك تتم دون إزعاج للمدنيين.
وأكد أنه لم يتم انتهاك حرمة أي من المدنيين أو سرقة أي من منازلهم، والقوات التي تقاتل الإرهابيين في السجن هم من أبناء الأحياء المحيطة به، لافتاً إلى أن هناك عصابة من "داعش" كانت مختبئة في منزل بحي الباعر، وقتلت اثنين من أبناء العشائر العربية، والأهالي طلبوا من "قسد" هدم هذا المنزل فوق العصابة للتخلص منها.
وانتقد العضو تصريحات الائتلاف المعارض وحكومة النظام التي تقول إن "قسد" تسعى إلى تهجير المكون العربي، لافتاً إلى أن جميع السكان النازحين من أحياء محيط السجن نزحوا إلى الأحياء ذات المكون الكردي، وليست هناك أي مشكلة مجتمعية أو عرقية بين السكان في الجزيرة السورية.
وأشار الجوهر إلى أن هناك مجلس عشائر في مناطق "قسد"، وهو مكوّن من كلّ القبائل والعشائر السورية بمختلف أشكالها، كردية وعربية وآشورية وغيرها، وليس هناك تفريق بين سوري وآخر، داعياً كل من يريد التأكد إلى الذهاب للمنطقة.
عفو الأسد عن الفارين
في سياق آخر، أصدر رأس النظام السوري، بشار الأسد، مرسوماً تشريعياً يقضي بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي الفرار الداخلي والخارجي قبل صدور المرسوم اليوم الثلاثاء 25 يناير/ كانون الثاني.
وشمل مرسوم الأسد "العفو عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي المنصوص عليها في المادة الـ 100 من قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950 وتعديلاته، وعن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الخارجي المنصوص عليها في المادة الـ 101 من قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 61 لعام 1950 وتعديلاته".
ولم "تشمل أحكام هذا المرسوم "المتوارين عن الأنظار والفارين من وجه العدالة إلا إذا سلموا أنفسهم خلال ثلاثة أشهرٍ بالنسبة إلى الفرار الداخلي، وأربعة أشهرٍ بالنسبة إلى الفرار الخارجي".
من جهته، اعتبر الخبير في القانون الدولي وقضايا حقوق الإنسان، المحامي بسام طبلية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذا المرسوم يأتي في سياق الخطوات السياسية والمراسيم التي تصدر من أجل محاولة إقناع المجتمع الدولي بأن النظام يقوم بكل شيء من شأنه إصلاح العلاقة ما بين النظام والشعب السوري".
وأشار طبلية "في حقيقة الأمر أن هذا المرسوم يدل على أن النظام يسعى لتجنيد الشباب المتوارين عن الأنظار والمشكلين للفرار، سواء الداخلي أو الخارجي، من أجل إلقاء القبض عليهم لاحقاً وإلحاقهم بصفوف المليشيات أو الجيش الذي سُخِّر لخدمة النظام وأدواته القذرة في تعفيش ممتلكات المعارضين له، أو كي يستخدمهم كدروع من أجل تحقيق مآربه لإظهار نفسه أنه قد انتصر في حربه على شعبه".
ولفت الخبير القانوني إلى أن "هذا المرسوم يهدف بنهاية المطاف إلى محاولة إقناع الشباب المتوارين عن الأنظار والفارين من أجل تسليم أنفسهم، ومن ثم إلحاقهم بأداء الخدمة الإلزامية لكي يسد النقص في صفوف الجيش الذي تم تحريف بوصلته ليصبح هدفه الدفاع عن النظام".