فتحت النيابة العمومية التونسية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تحقيقاً حول الدعوات إلى "تطهير القضاء" ومهاجمة المحاكم يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبلة، والدعوة إلى التجمهر أمام المجلس الأعلى للقضاء.
وأكد بيان صدر مساء الخميس، عن مكتب الاتصال في المحكمة الابتدائية في تونس، أن "قاضي التحقيق المتعهّد بالملف، وبناء على ما تم تداوله على بعض شبكات التواصل الاجتماعي على غرار صفحة (سيّب صالح) و(توانسة أوريجنال)، تولى الإذن بإجراء التساخير الفنية اللازمة "للوصول إلى من يقف وراء الدعوات التحريضية والكشف عن هويات أصحاب حسابات التواصل الاجتماعي المذكورة ومسيّريها".
وأكدت عضو جمعية القضاة، القاضية لمياء الماجري، في تصريح لـ"العربي الجديد" على أن هذه الدعوات "مرفوضة"، ورأت أن هناك "حملة تشويه انطلقت منذ فترة واستهدفت القضاة، وقد تصل إلى حد المس بسلامتهم الجسدية، ولهذا أصدرت الجمعية التونسية للقضاء بياناً للتنديد بها"، مشيرة إلى أن "القضاء يحتاج إلى إصلاحات، وهناك هنات موجودة قبل 25 يوليو وحتى بعدها، والأداء لم يرتق إلى المأمول، حتى إنه كان من بين عدة أسباب أدت إلى فشل الانتقال الديمقراطي في تونس، وهو ما يستدعي مراجعات وإصلاحات".
هناك حملة تشويه انطلقت منذ فترة واستهدفت القضاة، وقد تصل إلى حد المسّ بسلامتهم الجسدية
وأوضحت الماجري أن "إصلاح القضاء لا يكون عبر السب والشتم والتعرض لأعراض القضاة وعائلاتهم وتشويههم وتسميتهم بالأسماء، والتشهير بهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي، أو الدعوة إلى حل المجلس الأعلى للقضاء"، مؤكدة أن "الصفحات التي تقوم بهذه الأعمال لا تقوم بها لأهداف سليمة، لأن التشهير والتحريض يدخلان تحت طائلة القانون"، معتبرة أن "فتح بحث تحقيقي حول الموضوع مسألة واجبة وضرورية".
ولفتت الماجري إلى أنه "لا بد من التعرف على من يقف وراء هذه الصفحات وأسباب الهجمة على القضاة بتلك الطريقة"، مؤكدة أن "عديداً من القضاة يشتكون من تلك الصفحات وسبق أن أودعوا شكايات لدى وكالة الجمهورية بتونس في تعرض هذه الصفحات لمعطياتهم الشخصية"، مضيفة أن "هذه الصفحات تتعاطى مع الشأن القضائي دون أي موضوعية، فنقد القضاء ممكن ولا يمكن للقضاء أن يتطور إلا بالنقد، ولكن بعيداً عن هتك الأعراض والتشهير بالصور ونسبة أشياء غير صحيحة، فهذا قد يقود إلى تهديد السلم الاجتماعي".
وشددت على أن "دعوات حل المجلس الأعلى للقضاء ليست الحل ولن تصلح القضاء، لأن ذلك يعني البقاء تحت السلطة التنفيذية، ولا توجد أي دولة ديمقراطية أصلحت قضاءها بوضعه تحت السلطة التنفيذية، والمطلوب اليوم هو تفاعل السلط فيما بينها، وبإمكان رئيس الجمهورية كسلطة تنفيذية اقتراح تنقيحات ويتم النظر في هذه المسائل".
"النهضة" تحمّل سعيّد المسؤولية
من جانبها، نبهت حركة النهضة التونسية من "خطورة التراجع في ضمانات المحاكمة العادلة وحماية حقوق المتّهمين وتراجع الثقة في دولة القانون في ظل الاستهداف الممنهج للسلطة القضائية وهرسلة (مضايقة) القضاة وتهديدهم".
وعبّرت الحركة عن تضامنها مع كل مكونات المرفق القضائي، وطالبت بتتبع الحملات التي تدعو لاقتحام المحاكم التونسية والاعتداء على موظفيها وقضاتها، محمّلة رئيس الجمهورية مسؤولية التحريض على القضاة.
وسجّل بيان الحركة اعتراضها على إصدار قانون المالية التكميلي لسنة 2021 "من خلال مرسوم غير دستوري وبطريقة أحادية في علامة جديدة على نزعة التفرد بالسلطة وإلغاء كل مؤسسات الدولة"، وكذلك "الغموض وغياب الشفافية الذي اكتنف القانون، والذي عمّق عجز الميزانية في إطار سياسة توسّعية، لم يقابلها وضوح حول مواردها الداخلية والخارجية".
ودانت الحركة "الإيقافات والانتهاكات العديدة التي حصلت لتونسيين من بينهم أنصار للحركة، عند مشاركتهم في الوقفة الاحتجاحية ليوم 14 نوفمبر المنددة بالانقلاب والمطالبة بعودة الحياة البرلمانية واحترام استقلال القضاء"، مضيفة "شاهدنا تجاوزات خلنا أننا قطعنا معها بشكل نهائي، من مثل التنكيل بالمتظاهرين واعتداء على حرمتهم الجسدية وإهانتهم ومساءلتهم بسبب انتمائهم السياسي".