دعا البيت الأبيض صربيا، الجمعة، إلى "سحب" وحدات من قواتها منتشرة عند الحدود مع كوسوفو، مع تصاعد التوتر بين الجانبين بعد اشتباكات في قرية كوسوفية.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي: "نحضّ صربيا على سحب هذه القوات من الحدود"، مشيراً إلى أن حشد القوات، بما يشمل نشراً "غير مسبوق" لبطاريات المدفعية، هو "تطوّر مزعزع للاستقرار للغاية".
وفي وقت لاحق الجمعة، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن تحدث مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش وأكد على أهمية تهدئة التوترات مع كوسوفو بعد أعمال عنف في الآونة الأخيرة.
وأضافت في بيان "أكد الوزير أنه يتعين محاسبة المسؤولين عن الهجمات الموجودين الآن في صربيا".
من جهته، قال الرئيس الصربي، الجمعة، إن بلينكن أبلغه بالإجراءات المحتملة التي قد يتم اتخاذها ضد بلغراد.
وأضاف فوتشيتش، في تصريح صحافي بعد اتصال هاتفي مع بلينكن: "قلت لبلينكن.. أنتم دولة كبيرة، وقوة كبيرة.. من حقكم أن تفعلوا ما تعتقدون أنه يتعين عليكم القيام به".
واستطرد: "أنا ضد تحذير بلغراد من إجراءات محتملة بسبب النزاع في كوسوفو، وأعتقد أنه أمر سيئ للغاية، ولكن هناك أشياء يجب علينا الالتزام بها.. هذه هي الحقيقة".
ولفت فوتشيتش إلى أنهما "اتفقا على ضرورة تهدئة التوترات وإعطاء دور أكبر لمهمة حفظ السلام التي يقودها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في كوسوفو".
وأكد إجراء محادثة طويلة وسهلة مع وزير الخارجية الأميركي، قائلاً إن "هناك العديد من الأشياء التي اتفقنا عليها وأخرى لم نتفق عليها".
وأردف الرئيس الصربي: "أبلغته بتفاصيل الحقائق بشأن الأحداث الأخيرة في كوسوفو"، دون مزيد تفاصيل.
الحلف الأطلسي مستعد لتعزيز انتشاره
هذا، وأبدى حلف شمال الأطلسي، الجمعة، استعداده لتعزيز عديد قوته "كفور" المنتشرة في كوسوفو، وذلك بهدف "مواجهة الوضع" بعد هجوم الأحد الفائت.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ في بيان "أمس (الخميس)، أجاز مجلس شمال الأطلسي (هيئة اتخاذ القرار السياسي في الحلف) نشر قوات إضافية لمواجهة الوضع".
ولم يحدد البيان ماهية القوات التي يمكن نشرها إذا اقتضت الضرورة، لكن وزارة الدفاع البريطانية ذكرت من جهتها أنه تم وضع كتيبة تضم ما بين 500 و650 عنصراً في تصرف "كفور" عند الضرورة.
وأضافت الوزارة البريطانية أنّ هذه الكتيبة وصلت "أخيراً إلى المنطقة" للقيام بتدريبات مقررة منذ وقت طويل.
وأضاف ستولتنبرغ "سنتخذ على الدوام كل التدابير الضرورية للحفاظ على بيئة آمنة، وكذلك على حرية الحركة بالنسبة إلى جميع من يعيشون في كوسوفو".
سياسي صربي كوسوفي يؤكد مسؤوليته عن تشكيل مجموعة مسلحة قتلت شرطياً
وفي مؤشر على تصاعد التوتر بين الجانبين، أكد ميلان رادويتشيتش، أحد الزعماء السياسيين لصرب كوسوفو، اليوم الجمعة، من خلال محاميه، أنه شكّل من دون علم بلغراد مجموعة مسلحة قتلت شرطياً كوسوفياً نهاية الأسبوع الماضي.
وأوضح ميلان رادويتشيتش، الموجود في صربيا، في رسالة مفتوحة قرأها محاميه غوران بيترونييفيتش، في مؤتمر صحافي في بلغراد، أنه تحرّك رداً على "إرهاب" حكومة كوسوفو ضد المجتمع الصربي المحلي.
وأشار إلى أن الهدف مما قام به كان "تهيئة الظروف لتحقيق حلم الحرية لشعبه في شمال كوسوفو".
وترفض صربيا الاعتراف بالاستقلال الذي أعلنه عام 2008 إقليمها الجنوبي السابق الذي تقطنه غالبية ألبانية.
مقتل الشرطي الألباني الكوسوفي، الأحد، في كمين في شمال كوسوفو، حيث يشكل الصرب غالبية، وإطلاق النار الذي أعقب ذلك بين القوات الخاصة لشرطة كوسوفو والمجموعة المسلحة الصربية المدججة بالسلاح، يعدان إحدى أخطر حلقات التصعيد في السنوات الأخيرة.
وقد أدت العملية إلى مقتل ثلاثة من أفراد المجموعة المسلحة الذين لجأوا إلى دير أرثوذكسي في قرية بانيسكا القريبة من الحدود مع صربيا.
وأكد رادويتشيتش في الرسالة "لقد قمت بنفسي بجميع الاستعدادات اللوجستية"، قائلاً إنه تصرف من دون علم بلغراد التي تتهمها حكومة بريشتينا بالوقوف وراء المجموعة المسلحة.
وأضاف "لم أبلغ أحدًا في مؤسسات السلطة في جمهورية صربيا بهذا الأمر... ولم أحصل على أي مساعدة منهم".
واعتبر أن مقتل الشرطي كان "عرضياً" و"تلته مواجهة شرسة ضحّى فيها رفاقنا الأبطال الثلاثة بحياتهم من أجل الحرية".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، اتهم وزير داخلية كوسوفو جلال سفيتشيلا، رادويتشيتش بأنه قائد المجموعة المسلحة. وبثّ مقطع فيديو تم تصويره بطائرة مسيّرة تابعة لشرطة كوسوفو خلال الاشتباكات التي ظهر فيها ميلان رادويتشيتش وسط مجموعة من القوات شبه العسكرية.
من جانبه، قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش هذا الأسبوع إنّ رادويتشيتش موجود في "وسط صربيا" وسيتم استجوابه.
وأعلن رادويتشيتش في الرسالة استقالته من منصب نائب رئيس "حزب القائمة الصربية"، علماً أنه يخضع لعقوبات أميركية منذ عام 2021.
وأجرت شرطة كوسوفو، صباح الجمعة، عمليات تفتيش في عدة مواقع في شمال كوسوفو، لا سيما في ميتروفيتشا، وخصوصاً في المباني التي يعتقد أنها تابعة لرادويتشيتش، وكذلك في أحد المستشفيات.
(فرانس برس، رويترز)