تضع الاشتباكات التي شهدتها محافظة شبوة اليمنية، بين أطراف مفترض أن تكون تابعة للسلطة الشرعية، مجلس القيادة الرئاسي في أصعب مواقفه منذ تشكيله في إبريل/نيسان الماضي، وتزيد الشكوك في قدرته على توحيد كافة القوى المعارضة للحوثيين ضمن سلطة واحدة وتحت قراره.
فشل المجلس الرئاسي بوقف اشتباكات شبوة
وكانت الاشتباكات في شبوة قد انتهت الأربعاء بسيطرة قوات دفاع شبوة (النخبة الشبوانية سابقاً) ولواء العمالقة، الموالية لمحافظ شبوة عوض الوزير والمجلس الانتقالي الجنوبي، والمدعومة من الإمارات، على مدينة عتق، بعد مواجهات مع قوات الجيش والأمن التابعة للسلطة الشرعية، إثر تدخّل طيران مسيّر في المعركة، يُعتقد أنه تابع لأبوظبي.
ولم تنجح تحركات المجلس الرئاسي ولا القرارات التي أصدرها، في وقف المواجهات، ليجد نفسه أمام غضب الشارع الرافض لاستمرار التوترات الأمنية، إضافة إلى بروز خلافات داخله.
وفي هذا السياق، تحدثت وسائل إعلام محلية عن استقالة العضو في المجلس الرئاسي عبد الله العليمي في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء بسبب الاشتباكات، لكن مصدراً مقرباً منه قال لوكالة "رويترز" إنه تم إقناعه بالعدول عن قراره، لمنع أي اهتزاز داخل المجلس.
وأكدت مصادر مطلعة على أجواء المناقشات في قصر معاشيق الرئاسي في عدن، لـ"العربي الجديد"، أن تداعيات اشتباكات شبوة ألقت بثقلها على قيادة المجلس، إذ تحمّل رئيسه رشاد العليمي اللوم بشكل كبير على ما حصل.
وأشارت المصادر إلى أن هناك محاولات من المجلس لتخفيف تداعيات ما حصل، من أجل الحفاظ على تماسكه، وكذلك الوحدة بين القوى والأطراف السياسية المختلفة، لذلك هناك خطوات يستعد المجلس لاتخاذها على شكل إجراءات لتخفيف التوتر في الشارع والغضب الشعبي.
وقال أحد المصادر إن المجلس يشعر أنه تعرض لهزة في قدرته على إدارة المرحلة بعد انتكاسة شبوة، فقوات الجيش والأمن التي تعرضت للهجوم ولهجمات الطيران الإماراتي كانت تحظى بشعبية.
وأكد أن هناك ضغطاً على المجلس من قبل بعض الأطراف السياسية لإقالة محافظ شبوة عوض الوزير بسبب تحميله مسؤولية التسبّب بهذه المواجهات.
ضغط على المجلس من قبل بعض الأطراف السياسية لإقالة محافظ شبوة عوض الوزير
وفي سياق محاولات تدارك تداعيات الاشتباكات، شكّل المجلس لجنة لتقصي الحقائق، برئاسة وزير الدفاع محسن الداعري وعضوية وزير الداخلية إبراهيم حيدان وخمسة من أعضاء اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة.
ووصلت اللجنة أمس الخميس إلى عتق للقاء قيادة السلطة المحلية في المدينة ممثلة بالمحافظ عوض الوزير وبعض المسؤولين الآخرين. ولكن اللافت أن اللجنة توقّفت قبل وصولها، في بلحاف المطلة على بحر العرب، حيث اجتمعت بقيادة القوات الإماراتية.
العليمي يشدد على وحدة الصف
وكان العليمي قد أصدر مساء الأربعاء بياناً اعتبر فيه أن "الأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة عتق، تعطي درساً إضافياً في أهمية الالتفاف حول سلطة الدولة وحقها في احتكار القوة واتخاذ كافة الوسائل لإنفاذ أرادتها وحماية مواطنيها".
وقال إنه بادر واتخذ "جملة من الإجراءات، منها إقالة بعض القادة في المحافظة إضافة إلى تعليمات أخرى لتطبيع الأوضاع بما في ذلك تشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع، لتقوم بتقصي الحقائق وتحديد مسؤولية السلطة المحلية والقيادات العسكرية والأمنية ودورها في تلك الأحداث". وأكد التزام الدولة بجبر ضررهم ومعالجة آثار هذه الأحداث واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تكرارها.
وأعلن العليمي أنه يتحمل مسؤولية "قيادة المجلس الرئاسي من منطلق الحرص على وحدة القوى السياسية وكافة وحدات القوات المسلحة والأمن بمختلف تشكيلاتها لمواجهة الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران"، وأنه "قبل بهذا المنصب للمساهمة الوطنية في وحدة تلك القوى والمكونات السياسية الممثلة في المجلس والحكومة".
العليمي: لن أقبل أو أسمح أن توجّه أسلحتنا لغير العدو المشترك لليمنيين جميعاً
وأكد "أهمية الدور المحوري والرائد لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات بتماسك ونجاح مجلس القيادة الرئاسي في تحقيق هدف استعادة الدولة وتعزيز الأمن والاستقرار في المناطق المحررة".
وناشد القوى والمكونات السياسية بتجسيد روح التوافق والشراكة من دون إقصاء والعمل على وحدة الصف، ذلك أن أي صراع بين رفاق السلاح سيشكل خدمة للانقلابيين ومشروعهم الإيراني التوسعي في المنطقة"، مضيفاً "لن أقبل أو أسمح أن توجّه أسلحتنا لغير العدو المشترك لليمنيين جميعاً".
وأعلن أنه سيعمل على "توحيد كافة الوحدات العسكرية والأمنية وتكاملها تحت مسؤولية وزارتي الدفاع والداخلية، وبدعم ومساندة من قيادة التحالف لأن ذلك هو الطريق الأمثل لتحقيق الأهداف التي تم إنشاء المجلس من أجلها".
غضب في شبوة من خلافات أطراف الشرعية
أما في الشارع، فإن عودة الخلافات بين أطراف الشرعية أثارت الغضب لانعكاسها على معيشة الناس ووظائفهم وحياتهم وممتلكاتهم، وهي حالة كان يؤمل أن تنتهي مع تشكيل المجلس الرئاسي.
وقال ماجد سويلم، وهو مدرس في شبوة، لـ"العربي الجديد" إنه يشعر بالغضب من جميع الأطراف السياسية بسبب موجات الصراع المتكررة في محافظته، لأنها تريق دم الأبرياء وتوقف التنمية والعمل وحتى توقف المدارس وتعطّل الحياة.
وأضاف أنه كلما سيطر طرف جاء بنظامه وتصرفاته الخاصة والتي يحتاج الناس فترة طويلة للتأقلم معها، خصوصاً أن شبوة ذات حساسية قبلية ومجتمعية تختلف عن محافظات أخرى، متمنياً أن تكون هذه الحرب هي آخر الحروب في شبوة.
أما عمرو يونس وهو موظف مدني في السلطة المحلية في شبوة، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "المواطن هو من دفع ثمن هذه المواجهات، لذلك نتمنى وقف الحرب ولا يهم من يحكم"، مضيفاً أنه يجب تعويض الناس الذين دفعوا أرواحهم ومنازلهم ثمناً لهذا العبث من خلال التعويض وجبر الضرر.
مواطن في شبوة: عودة الصراع داخل أطراف الشرعية تؤكد أن المجلس الرئاسي فشل في إنهاء الخلافات والأزمات
واعتبر أن عودة الصراع داخل أطراف الشرعية تؤكد أن المجلس الرئاسي فشل في إنهاء الخلافات والأزمات التي قال إنها مهمته الأولى.
من جهته، قال محمد إسلام لـ"العربي الجديد"، إن توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية هو الكفيل بإنهاء الأزمات والمشاكل، والطريقة الصحيحة إذا أراد المجلس الرئاسي إنهاء الخلافات والصراعات والاهتمام بتوفير الخدمات والتنمية والاقتصاد، داعياً إلى جعل كل القوات تحت قيادة واحدة بعيداً عن القيادات التي تسببت في الأحداث الأخيرة.