فصل جديد من الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتياً، وبين حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) في اليمن، تدور أحداثه حالياً في وادي وصحراء حضرموت شرقي اليمن، وسط مخاوف لدى الأهالي من انفجار الوضع عسكرياً على غرار ما حدث في شبوة وأبين. وحشد المجلس الانتقالي اليوم الجمعة تظاهرة كبيرة في كل مناطق حضرموت الوادي والساحل، في الذكرى الـ 59 لثورة 14 أكتوبر (طرد الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن)، تحت شعار "جمعة الخلاص".
واتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي من مدينة تريم معقلاً لتحركاته، وحشد أنصاره وجماهيره، في تظاهرات تطالب برحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى القابعة بوادي حضرموت ونقلها إلى الجبهات لمواجهة الحوثيين. ورفعت جماهيره شعارات المجلس الانتقالي وصور قادته إلى جانب علم الانفصال.
من جهته، اتخذ حزب الإصلاح من سيئون، عاصمة وادي حضرموت، منطلقاً لحشد جماهيره وتحركاته الأسبوع الماضي، محمياً بقوات المنطقة العسكرية الأولى التي تتخذ من المدينة مقراً لقيادتها ووجودها. وطالبت جماهيره، التي خرجت في أكبر تظاهره لها في حضرموت منذ مدة، بإعطاء الحضارم حقوقهم وعدم مصادرتها من ثروات وغيرها، إضافة إلى إعطاء حضرموت إدارة سياسية مستقلة رافعين علمين؛ علم اليمن الموحد وعلم حضرموت كدولة مستقلة.
وقال مصدران في الانتقالي لـ"العربي الجديد"، إن "المجلس، وبعد أن أزاح نفوذ "الإصلاح" من عدن وأبين وشبوة، إلى جانب حضرموت الساحل، يسعى إلى تضييق الخناق أكثر عليهم، وتوسيع نفوذ سيطرته إلى وادي حضرموت أهم معقل للثروات في البلد. ولفتا إلى أن "الانتقالي" يريد إبعاد أي قوات شمالية، أو توالي أي طرف آخر غير المجلس الانتقالي الجنوبي من حضرموت".
وبحسب المصدرين، فإن "المجلس يدفع إلى أن تستلم قوات النخبة الحضرمية أمن وادي وصحراء حضرموت". ويؤكدان على وجود حذر في التعاطي مع مستقبل حضرموت السياسي، وهو ما ينعكس في خطابات المجلس وإعلامه الذي يتبنى النظام الفيدرالي في الجنوب، بدلاً من النظام المركزي، بهدف طمأنة حضرموت والمحافظات المجاورة لها شرقاً بعدم تكرار نظام الحزب الاشتراكي قبل الوحدة.
واتهم المصدران حزب الإصلاح بمحاولة اللعب بآخر أوراقه بعد أن خسر جنوباً كل قوته ونفوذه، وبأنه يحاول استخدام عدد من القبائل أو الموالين له، وقوات المنطقة العسكرية الأولى، لتضليل الرأي العام في حضرموت أو خارجها.
ومع أن حزب الإصلاح لم يعلن تبنيه أو ينفي علاقته بتظاهرات سيئون والشعارات التي رفعت، إلا أن سلسلة تدوينات للقيادي في إصلاح حضرموت صلاح باتيس، عبر "فيسبوك"، بشأن الوضع في المنطقة، فُهم منها أنها دعوة ضمنية للحراك. وقادت منشوراته إلى سجال مع المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري، وهو من أبناء حضرموت أيضاً.
ومما قاله باتيس في تدويناته "إلى أهلي في حضرموت وكل محافظات الشرق اليمني أحييكم وأحيي اصطفافكم وصمودكم ونضالكم لنيل الحقوق المشروعة والاستحقاقات المكتسبة للوصول إلى الندية والشراكة العادلة ورفض التبعية والإقصاء والظلم. فهذه لحظات فارقة في تاريخنا المعاصر لها ما بعدها بعون الله، ثم بمزيد من الاصطفاف والتلاحم والنضال، وإننا اليوم لسنا كالأمس فقد تعلمنا من أخطاء من سبقونا، واستفدنا من تاريخ الآباء والأجداد، وفهمنا وأدركنا حجم المؤامرات وخطورة المنعطفات، فتمسكوا بهذه الأرض، وكونوا الرقم الصعب في المعادلة، وحجر الزاوية، ومنطق التوازن والعدالة".
متحدث "الانتقالي"، وهو ينتمي إلى قبائل آل كثير التي قيل إنها من قادت تظاهرات سيئون رد على باتيس، بالقول: "ما وددت الرد عليك لكن ما تفعلونه منكراً ينبغي التصدي له يا إصلاح، معيب أن تتستر أنت وجماعتك خلف قبيلة بحجم قبيلة آل كثير.. وإنه من المهين أن تقحم نفسك وجماعتك في شؤون قبيلة ترفض مشاريعكم المأفونة". مضيفاً "لولا حكمة الشيخ عبدالله بن صالح الكثيري شيخ مشايخ آل كثير لأحدثتم بصنيعكم هذا فتنة وانقساماً يقوض تماسك هذه القبيلة التي تنأى بنفسها ورجالها عن الصراعات السياسية".
عبد الله باجندب، وهو من أنصار حزب الإصلاح في حضرموت، شارك في التظاهرة التي نُظمت الأسبوع الماضي، قال لـ"العربي الجديد"، إنهم في الحزب لا يفضلون الصدام مع أي طرف. ولفت إلى أنه من حق أبناء حضرموت المطالبة بحقوقهم وإدارة محافظتهم بعيداً عن الاستغلال الاقتصادي.
وأضاف: "من حقنا كحضارم رفض جر محافظتنا إلى صراع كما نرفض الإقصاء والتهميش"، وبخصوص دور حزب الإصلاح في المحافظة، لفت باجندب إلى أن الحزب "مكون سياسي وشريك في حكومة الشرعية مع كل الأطراف، ويعمل ضمن هذا النطاق".