أحكمت القوات التابعة لمحافظ شبوة عوض الوزير، المدعوم من دولة الإمارات والموالي للمجلس الانتقالي المطالب بانفصال جنوب اليمن، سيطرتها على كامل مدينة عتق، وذلك عقب تغير الموقف لصالحها بفعل تدخل الطيران المسير الذي شنّ، اليوم الأربعاء، غارات عنيفة ودقيقة استهدفت قوات الجيش والأمن اليمني.
وأفاد مسؤولون لوكالة "أسوشييتد برس" بمقتل 35 جندياً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن قوات تابعة لمحافظ شبوة نهبت كافة محتويات منزل قائد القوات الخاصة المقال العميد عبد ربه لكعب بعد مداهمته، وعدد من المنازل الأخرى.
وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لعمليات نهب منزل لكعب.
وبدأ نشطاء "الانتقالي" يتداولون قائمة تضم أسماء قيادات عسكرية وحزبية وإعلاميين وصحافيين يصفونهم بالإرهابيين وسفكة الدماء والخونة، ويطالبون بمحاسبتهم.
وقال مصدران عسكريان مقربان من قوات الجيش والأمن ومصدران محليان من سكان مدينة عتق، لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات الجيش كانت قد سيطرت على معظم المدينة وصولاً إلى محيط مبنى السلطة المحلية في ساعات الفجر، ولم يتبق لحلفاء الإمارات سوى شارع وسوق في أطراف المدينة، قبل أن يتدخل سلاح الجو ويغير المعادلة بأكثر من 30 غارة.
وأوضحت أنّ غارات الطيران استهدفت المواقع التالية: "تبة الإرسال، معسكر النجدة، مستشفى الهيئة، معسكر اللواء 21 ميكا، نقطة مفرق نوخان، معسكر الشهداء، نقطة مفرق المصينعة، موقع الكدس، الشرطة العسكرية، قيادة محور عتق، المطار".
وأضافت المصادر أنّ قوات الجيش والأمن تراجعت بشكل كبير أمام زحف القوات التابعة للانتقالي (دفاع شبوة، عمالقة) بعد تدخل الطيران، وسيطرت على معسكر الشهداء، مقر القوات الخاصة ومعسكر النجدة، كما اقتحمت قوات أخرى في وقت لاحق منزل العميد عبد ربه لعكب الذي أقيل أخيراً من قيادة قوات الأمن الخاصة، وما زال مصيره مجهولاً حتى اللحظة.
ووفقاً للمصادر، فإنّ المحافظ لم يصدر بيانه الأخير إلا بعد سيطرة قواته على معظم عتق، فيما أشارت المصادر المحلية إلى أنّ قوات تابعة للمحافظ تنفذ حالياً حملات دهم وتفتيش واعتقالات في عدد من الأحياء بالمدينة.
وكانت المواجهات في محافظة شبوة اليمنية قد تواصلت اليوم الأربعاء، لليوم الثالث على التوالي، بين قوات الجيش والأمن من جهة وقوات "دفاع شبوة" و"لواء العمالقة" الموالية للمحافظ عوض الوزير.
يأتي هذا فيما شن طيران مسير، فجر اليوم الأربعاء، غارات على مواقع للجيش، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى.
وقالت مصادر عسكرية ومحلية لـ"العربي الجديد"، إن طائرات مسيرة يُرجح أنها إماراتية هاجمت مواقع للجيش في عتق، مركز محافظة شبوة، فجر الأربعاء، أبرزها محيط مبنى المحافظة ومعسكر شرطة النجدة، ما تسبب في سقوط قتلى وجرحى من أفراد الجيش والأمن، من دون وجود إحصائية دقيقة.
وقالت المصادر المحلية إن قذيفة يعتقد أنها قذيفة طيران سقطت على منزل بالقرب من مطار عتق وخلفت قتلى وجرحى مدنيين، من دون مزيد من التفاصيل.
ولم يصدر أي بيان عن الإمارات يؤكد تبعية الطائرات لها، كما لم تصدر وزارتا الدفاع والداخلية اليمنيتان أي بيان بالخصوص. وقالت مصادر عسكرية إن المسيرات ربما تكون تابعة لحلفاء الإمارات المحليين، لكن مصادر أخرى استبعدت ذلك وقالت: "إذا كانت لدى العمالقة طائرات، فلماذا لم تستخدمها منذ اليوم الأول"، وذكّرت باستهداف الطيران الإماراتي قوات الحكومة على مدخل عدن في أغسطس/آب عام 2019 دعماً للانفصاليين.
وجاء هذا التطور بعد وقت قصير من وصول وزيري الدفاع الفريق الركن محسن الداعري والداخلية اللواء الركن إبراهيم حيدان إلى عتق للإشراف على تنفيذ قرارات مجلس القيادة الرئاسي، وتطبيع الأوضاع في المدينة، وفق ما أفاد به مصدر عسكري في القصر الرئاسي بعتق "العربي الجديد".
وشهدت مدينة عتق، الليلة الماضية مواجهات عنيفة وقصفاً متبادلاً بمختلف الأسلحة بين الجانبين، حققت خلالها قوات الحكومة تقدماً ملحوظاً وسيطرت على بعض المواقع، قبل أن يتدخل الطيران.
وقالت المصادر العسكرية إن المواجهات اندلعت عقب هجمات شنتها قوات "دفاع شبوة" ولواء العمالقة على معسكر النجدة ومواقع أخرى، منتصف الليلة الماضية، صدتها قوات الجيش والأمن وشنت هجوماً مضاداً حققت خلاله الأخيرة تقدماً وسيطرت على بعض المواقع وتمكنت من الوصول إلى محيط مبنى السلطة المحلية.
وجاء هجوم دفاع شبوة بعد ساعات من خطاب لمحافظها عوض الوزير وجهه لقادة الوحدات العسكرية والأمنية في المحافظة اتهمهم فيه بخيانة القسم العسكري، قبل أن يعلن في بيان جديد نُشر في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء عن عملية عسكرية قال إنها تهدف لفرض الأمن في المحافظة، وذلك بعد حشد قوات من مختلف مناطق نفوذ حلفاء الإمارات إلى المحافظة خلال اليومين الماضيين.
وقال المحافظ، في بيانه، إنه استنفد "كل الطرق السلمية في التعامل مع التمرد والانقلاب الغاشم"، واتهم من وصفها بـ"بعض الفئات" باستخدام "القوة والعنف وخلق الفوضى وزرع الفتنة والإخلال بالأمن والاستقرار الوطني ومخالفة كافة القرارات والقوانين المعمول بها في هذه المحافظة".
وقال إن القوات الحكومية استهدفت "أهدافاً مدنية ومنشآت محرمة بموجب القانون الدولي الإنساني"، متوعداً بـ"محاسبة كافة المتسببين في التمرد والانقلاب الفاشل والذي تسبب في قتل عدد من الأبرياء وترويع الآمنين"، حسب قوله.
واتهم المحافظ خصومه بالتعاون مع جماعة الحوثيين المدعومين من إيران، وقال إن من "ترك الجبهات الساخنة مع العدو الحقيقي لليمن بأكمله وتوجه بقوته وأسلحته إلى قتال بني جلدته من قبائله وشعبه لا يستحق أن يكون له موطئ قدم في هذه المحافظة".
في موازاة ذلك، دخل المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يمثله عيدروس الزبيدي في مجلس القيادة الرئاسي، على خط الأزمة، بإعلان دعمه الكامل "لكافة الإجراءات التي أعلن عنها محافظ محافظة شبوة رئيس اللجنة الأمنية، بما في ذلك محاسبة المتورطين في هذا الانقلاب وإحالتهم للمحاكمة على خيانتهم للشرف العسكري، وتمردهم على قيادتهم".
ووصف المجلس، في بيان للمتحدث باسمه علي الكثيري، ما يجري في شبوة بأنه "تمرد عسكري على قيادة السلطة المحلية في المحافظة، وقرارات مجلس القيادة الرئاسي"، معبراً عن إدانته لما وصفها بـ"كافة أعمال الفوضى والتمرد والعصيان".
ومنذ الإثنين الماضي، يعيش السكان في مدينة عتق حالة حصار وقلق وخوف بسبب الاشتباكات التي تتجدد بين الحين والآخر، واضطر كثير من السكان لمغادرة المدينة بعدما وجدوا أنفسهم غير قادرين على الحركة ومنازلهم عرضة للنيران.
2- وإذ نؤكد إدانتنا لكافة أعمال الفوضى والتمرد والعصيان، فإننا نؤكد في الوقت ذاته على دعمنا الكامل لكافة الإجراءات التي أعلن عنها محافظ محافظة شبوه رئيس اللجنة الأمنية، بما في ذلك محاسبة المتورطين في هذا الانقلاب وإحالتهم للمحاكمة على خيانتهم للشرف العسكري، وتمردهم على قيادتهم.
— علي الكثيري (@aaalkathery) August 10, 2022
واندلعت الاشتباكات فجر الإثنين، إثر مقتل قائد قوات الطوارئ في محور عتق الحكومي أحمد لشقم الباراسي العولقي، في نقطة مستحدثة لقوات العمالقة وسط المدينة، وذلك بعد أشهر من التوتر إثر نزاع على صلاحيات تأمين المدينة الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والمدعومة من التحالف بقيادة السعودية.
وتصاعدت وتيرة المواجهات بعد تدخل قوات من عدد من ألوية الجيش (21 ميكا، الثاني جبلي، حماية المنشآت، 163 مشاة، شرطة الدوريات) التابعة لوزارة الدفاع والقوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية، في القتال ضد قوات دفاع شبوة (النخبة الشبوانية سابقاً) والتابعة للانتقالي الجنوبي، وقوات العمالقة، إضافة الى حشود كبيرة استقدمها المحافظ من محافظات الجنوب الخاضعة لحلفاء الإمارات.
وفشل مجلس القيادة الرئاسي، الذي تتواصل اجتماعاته منذ الإثنين الماضي، في التخفيف من حدة التوتر رغم إصداره يوم الإثنين قرارات أقال بموجبها عدداً من القادة العسكريين والأمنيين وعيّن بدلاء لهم من التوجهات ذاتها. وقال أحد المصادر العسكرية إن "الأمور تتجه لمزيد من التصعيد إذا لم يحمل وزيرا الدفاع والداخلية الجديد في جعبتهما".