لليوم السابع على التوالي، يواصل أهالي محافظة السويداء، جنوبي سورية، انتفاضتهم ضد النظام السوري وسط تأييد شعبي، في ظل الحفاظ على وتيرة الحراك ضمن المطالب الرئيسية التي تنادي بإسقاط النظام وحكم الشعب وفق القرار الدولي "2254".
وكان لافتاً في حراك اليوم الوجود الكبير للنساء في الاعتصام بساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، والهتافات التي تميزت بالجرأة وعدم المواربة أمام كاميرات وسائل الإعلام.
وطالب المحتجون، اليوم السبت، بإسقاط رأس النظام وإطلاق سراح المعتقلين ووحدة الشعب السوري، رافعين شعاراً يطالب بحرية الناشط أيمن فارس، الذي اعتقل صباحاً أثناء انتقاله من مدينة جرمانا بريف دمشق إلى السويداء مع أحد أبناء المحافظة للاحتماء من بطش السلطة وأجهزتها، وفق ما نشرته "شبكة الراصد" المحلية في السويداء.
ساحة السير/الكرامة: المحتجون يطالبون بإطلاق سراح الناشط #أيمن_الفارس ابن #اللاذقية، الذي تم اعتقاله من السلطات الأمنية صباح اليوم الجمعة، عندما كان في طريقه إلى #السويداء لطلب الحماية من أهلها. pic.twitter.com/AF8WM1Tbzv
— السويداء 24 (@suwayda24) August 26, 2023
وقالت الناشطة المدنية راقية الشاعر، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، إنّ "اليوم السابع شهد مشاركة نسائية فاعلة كان لها دور كبير في بث الحماس لدى المتظاهرين، حيث صدحت حناجر النسوة بالأغاني والزغاريد والمطالبة بالحرية للمعتقلين والمعتقلات السوريين والسوريات، فيما كان لافتاً فعلاً رسم خريطة لسورية الحرة العادلة".
وشددت الشاعر على أنّ "الحراك الشعبي مستمر ولن يتوقف، خاصة أنّ كل القوى السياسية والاجتماعية متفقة على الاستمرار رغم التجييش وبث الشائعات".
ومن ناحية أخرى، فقد توافدت إلى ساحة الكرامة، اليوم السبت، بعض العائلات من مدينة السويداء المحسوبة على شيخ عقل الموحدين الدروز الثاني يوسف جربوع، في إشارة منها إلى رفض البيان الصادر عنه أول أمس الخميس، والذي رأى معظم أبناء المحافظة أنّه لا يعبّر عن رأي جماهير الحراك.
وأيّد بيان الجربوع الحراك من جهة، لكنّه طالب بإسقاط الحكومة التنفيذية ومحاسبة الفاسدين من دون أن يتطرق إلى إسقاط النظام، الأمر الذي فسّر بأنه ثبات على موقفه المنحاز للنظام.
وتستمر منذ نحو أسبوع تظاهرات في عموم الجنوب السوري الخاضع لسيطرة نظام بشار الأسد احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، وسرعان ما تحولت للمطالبة بإسقاط النظام، معيدة للأذهان بدايات الثورة السورية التي انطلقت في العام 2011 للتحرر من النظام الاستبدادي، وواجهها الأسد بحملة قمع وحشية أسفرت عن مقتل وتهجير ملايين المدنيين، ولاحقاً تفكك البلاد.
وعلى الرغم من الأزمات الاقتصادية الخانقة وقلة المحروقات وعدم توفر آليات للنقل، توافد أهالي قرى من كافة أرجاء محافظة السويداء اليوم إلى ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء للمشاركة في الاحتجاجات.
وأوضح الناشط المدني هاني عزام، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "شعارات اليوم كانت على عهدها متمحورة حول المطلب الأساسي وهو رحيل النظام وحزب البعث"، مبيّناً أنّ "المحتجين قاموا اليوم، خلال الاحتجاجات، بطمس وإنزال صور لرأس النظام من على دوائر ومؤسسات رسمية وفي قرى وبلدات من المحافظة واستبدالها بصور لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش، وصور للشيخ حكمت الهجري".
ونادت أصوات عديدة بضرورة إيجاد وسيلة للضغط على النظام الذي اعتقل الناشط أيمن فارس، "ضيف المحافظة أو الدخيل" كما أسماه محتج، مذكّرين بأنّ سلطان الأطرش ثار عندما اعتقلت السلطات الفرنسية إبان استعمارها سورية (1925) أدهم خنجر أثناء احتمائه في منزله.
إلى ذلك، حذر الناشط الحقوقي أمجد أبو علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، من "القيام بأي ردة فعل باستخدام السلاح أو الخطف لإجبار النظام على إطلاق سراح المعتقل أيمن الفارس"، منبهاً إلى أنّ "ذلك الاعتقال التعسفي قد يكون مفتعلاً من قبل النظام بهدف جرّ المحافظة لاستخدام مظاهر عنف لشرعنة العسكرة عليها".
وأشار أبو علي إلى أنّ "النظام أخبث مما نتصور، ويعرف كيف يضرب وأي أدوات يستخدم، خصوصاً بعد إطلاق بعض أبواقه للدعوة للعسكرة وفضّ الاحتجاجات بالقوة العسكرية"، مشدداً على "ضرورة التسلح بالحكمة في أي ردة فعل لأي استفزاز محتمل من قبل هذا النظام، الذي أفنى البشر والشجر والحجر في المحافظات السورية التي ثارت على ظلمه وجبروته".