دخلت الولايات المتحدة، اعتباراً من يوم أمس الثلاثاء، أسبوعاً انتخابياً حاسماً لمستقبل الرئيس جو بايدن، يأمل الديمقراطيون بأن يتمكّنوا في ختامه من كسر "موجة حمراء" متوقعة من قبل خصومهم الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس، المقررة في 8 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
وبعد حملة طاحنة تمحورت حول ارتفاع معدل التضخم، تتزايد ثقة الجمهوريين بقدرتهم على حرمان بايدن وحزبه من غالبيته في مجلسي النواب والشيوخ. وقد يساعد المحافظين في ذلك، أكثر من 30 قيداً انتخابياً جديداً، فُرضت في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون بعد انتخابات العام 2020، ومن شأنها بحسب الديمقراطيين تقييد انتخاب الأقليات التي تصوّت عادة بشكل كبير للحزب الأزرق (الديمقراطي).
وتعد الانتخابات النصفية التي تجرى بعد انقضاء عامين من الولاية الرئاسية، تقليدياً، بمثابة استفتاء على سياسات ساكن البيت الأبيض، وغالباً ما يجد حزب الرئيس نفسه تحت مقصلة تصويت عقابي من الناخبين. ولهذا السبب، سعى بايدن خلال الفترة الماضية، إلى إقناع الأميركيين بأن هذه الانتخابات المرتقبة تضعهم أمام "خيار" بشأن عناوين أساسية، مثل مصير الحق بالإجهاض، وزواج المثليين، وغيرها من المواضيع التي وعد الرئيس بتشريعها بالاتكال على غالبية مؤيدة له في الكونغرس.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ بايدن، المتهم من قبل خصومه بانفصاله عن الأولوية بالنسبة للناخبين، أي التضخم، بالمشاركة ميدانياً في الحملة الانتخابية للديمقراطيين، مؤكداً لناخبي الحزب ومؤيديه أن الجمهوريين هم الذين سيُضعفون الاقتصاد.
تضرّ قيود الانتخاب بتصويت الأقليات، بحسب الديمقراطيين
إلّا أنّ بايدن يجد صعوبة في إقناع الأميركيين برأيه. فوفق استطلاعات رأي أجريت أخيراً، تتمتع المعارضة الجمهورية بحظوظ كبيرة لانتزاع الغالبية في مجلس النواب، في حين يبقى مصير مجلس الشيوخ غير واضح. وفي مؤشر على التفاؤل السائد في أوساط المحافظين قبل الانتخابات، فإنهم لا يُخفون أنّهم يضعون نصب أعينهم انتزاع مقاعد كانت تقليدياً حكراً على الديمقراطيين.
ويرّجح أن تعطي نتائج ولاية بنسلفانيا الكلمة الفصل في ميل دفّة مجلس الشيوخ، إذ يتنافس على الفوز بمقعد فيها العمدة السابق الديمقراطي جون فيترمان، مع الجرّاح الثري محمد أوز المدعوم من الرئيس السابق دونالد ترامب.
وكما في انتخابات منتصف الولاية لعام 2020، يتوقع أن تساهم ولاية جورجيا بشكل أساسي في ترجيح كفة طرف على آخر. ويسعى الديمقراطي رافايل وارنوك، أول سيناتور أسود ينال مقعداً عن هذه الولاية التي عرفت بماضيها من التمييز العنصري، إلى الفوز بدورة انتخابية ثانية، وهذه المرة في مواجهة هرشيل ووكر، وهو رياضي سابق من أصول أفريقية أيضاً يحظى بدعم ترامب. كذلك، فإن ولاية نيفادا تعتبر حاسمة.
وفي العموم فإن من يفوز بولايتين من أصل هذه الولايات الثلاث، فإنه يضمن السيطرة على مجلس الشيوخ للعامين المقبلين بحسب كل التقديرات. لكن استطلاعات الرأي، لا تزال تمنح الحزبين فرصة متعادلة للفوز في الشيوخ، حتى الآن. ورأى موقع "ريل كلير بوليتيكس"، أخيراً، أن الحزبين سيحصلان مناصفة على مقاعد الكونغرس الـ100، فيما ستتوجه ولاية جورجيا إلى انتخابات إعادة في 6 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
في غضون ذلك، تختبر الانتخابات النصفية للكونغرس، أيضاً، أكثر من 30 قيداً على الانتخاب، دخلت حيّز التنفيذ بعد الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2020، وفاز بها جو بايدن. وأدخلت ولايات عدة، هذه القيود، معظمها بضغط جمهوري، وشملت القيود على بطاقة الانتخاب، أو التصويت عبر البريد، ما أثار رد فعل غاضبا من الديمقراطيين.
يرّجح أن تعطي نتائج ولاية بنسلفانيا الكلمة الفصل في ميل دفّة مجلس الشيوخ
ويقول الجمهوريون، الذين أيّدوا أو تغاضوا عن ادعاءات ترامب بحصول تزوير في انتخابات 2020 أدى إلى خسارته ولايته الثانية، إن القيود التي تمكنوا من تمريرها في الولايات التي يسيطرون عليها، ضرورية للحفاظ على سلامة ونزاهة الانتخابات. من جهتهم، يعتبر الديمقراطيون أن القيود المفروضة هي لجعل التصويت أصعب أمام الناخبين الديمقراطيين.
وشدّدت 11 ولاية أميركية، منذ عام 2020، إجراءات إبراز الهوية الانتخابية، بحسب مركز برينان للعدالة وحقوق التصويت، الذي يتابع التشريعات الانتخابية في الولايات المتحدة. ولا يعترض الرافضون لإجراءات الهوية الانتخابية، أن يقوم الناخبون بإبراز الهوية الانتخابية أو التأكد من هويتهم الانتخابية عند التصويت، لكنهم يعترضون على الوسيلة لحصول ذلك. وبخلاف عدد كبير من الديمقراطيات الأوروبية، حيث البطاقة الانتخابية الصادرة عن الحكومة واسعة الانتشار، فإن الدراسات أظهرت أن ملايين الناخبين الأميركيين لا يمتلكون بطاقة تعريف مرفقة بصورة.
وفرضت ولاية جورجيا، مثلاً، على الناخبين الذين لا يملكون رخصة القيادة أو الهوية التي تُصدرها لهم ولايتهم، أن يبرزوا أي مستند حكومي آخر لدى التصويت مبكراً عبر البريد الإلكتروني أو البريد العادي، وهو ما قد لا يكون بحوزتهم. وفي السابق، كانت أنواع من التصويت المبكر تتم عبر التأكد من تطابق التوقيع، وهو ما أُلغي.
وشدّدت ولاية تكساس أيضاً، التي يسيطر عليها الجمهوريون، قيود التعريف الانتخابي، وفي الانتخابات التمهيدية في مارس/آذار الماضي، رفضت استمارة تصويت من أصل كل 10 استمارات، وفق بيانات صدرت عن مكتب سكرتاريا الولاية. ويشكل ذلك ما نسبته رفض 12 في المائة من استمارات التصويت، وهي نسبة أكثر بكثير من نسبة الرفض التي بلغت 0.8 في المائة خلال انتخابات الرئاسة قبل عامين. ويرى المعارضون لتشديد القيود أن الدراسات أظهرت أن هذا التشديد قد قلّص عدد الناخبين السود.
وأصبح التصويت عبر البريد أكثر تعقيداً مع القيود الجديدة. وللعلم، فإنّ 11 بلداً فقط في العالم، لا تطلب من الناخب إبراز عذره للتصويت عبر البريد، وتقع ثلثا الولايات الأميركية ضمن هذه الفئة. لكن بعد انتخابات 2020، فعّلت 19 ولاية قوانين جديدة جعلت التصويت عبر البريد، أكثر صعوبة، بحسب مركز برينان. فمثلاً، قامت ولاية كنتاكي بتقييد الفترة الزمنية التي يحقّ فيها للناخبين التصويت عبر البريد، ويقول المعارضون إنّ ذلك يرفع تكلفة إجراء الانتخابات.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)