انتخابات تشريعية حاسمة لمستقبل جورجيا... بين التأثير الروسي والطموح الأوروبي

26 أكتوبر 2024
ناخبون يدلون بأصواتهم في أحد المراكز بالعاصمة تبليسي، 26 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد جورجيا انتخابات تشريعية حاسمة وسط انقسام سياسي بين المعارضة المؤيدة لأوروبا والحزب الحاكم الموالي لروسيا، مع أعمال عنف تثير قلق الرئيسة سالومي زورابيشفيلي.
- الانتخابات تُجرى لتجديد 150 مقعداً في البرلمان، وتعتبر نتيجتها حاسمة لمستقبل جورجيا وطموحاتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مع إمكانية هزيمة حزب "الحلم الجورجي" الحاكم.
- شهدت عملية التصويت حوادث ومخالفات، مما يثير مخاوف من اضطرابات إذا حاول الحزب الحاكم التمسك بالسلطة، وسط وعود المعارضة بإصلاحات وانتقادات دولية للحزب الحاكم.

تشهد جورجيا اليوم السبت انتخابات تشريعية حيوية لمستقبل البلاد المنقسمة بين معارضة مؤيدة لأوروبا وحزب حاكم موال لروسيا يُتهم بالسلطوية، وتخللت عملية التصويت أعمال عنف قالت الرئيسة سالومي زورابيشفيلي إنها "تثير قلقاً كبيراً". وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش) على أن تغلق عند الساعة 20:00. ويتوقع نشر أولى نتائج استطلاع أراء الناخبين بعيد ذلك.

وكانت استطلاعات للرأي في الفترة الأخيرة أشارت إلى أن تحالفاً غير مسبوق بين أحزاب معارضة قد يهزم حزب "الحلم الجورجي" الحاكم بزعامة الملياردير بدزينا إيفانيتشفيلي الذي يتحكم منذ نحو عشر سنوات بالسلطة في الكواليس في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة في منطقة القوقاز. ويبلغ عدد سكان جورجيا أربعة ملايين نسمة. وبين الأحزاب الأربعة المعارضة المعنية، "الحركة الوطنية الموحدة" حزب الرئيس السابق المسجون ميخائيل شاكاشفيلي العدو اللدود لإيفانيشفيلي. إلا انه يصعب جداً توقع نتيجة الاقتراع إذ قال الكثير من الذين استطلعت آراؤهم إنهم لا يزالون مترددين أو رفضوا الإفصاح عن الطرف الذين سيصوتون له.

وتجرى الانتخابات بالاقتراع النسبي لتجديد 150 مقعداً في البرلمان، بإشراف مراقبين من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وأكدت رئيسة جورجيا الموالية للغرب سالومي زورابيشفيلي والتي تنتهج سياسة مخالفة لتلك التي تتّبعها الحكومة إن هذه "الليلة، ستشهد انتصاراً لجورجيا برمتها". وأضافت بعدما أدلت بصوتها "هذا اليوم سيحدد مستقبل البلاد". وشددت بروكسل على أن نتيجة الاقتراع ستحدد فرص دخول جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي. وكانت تبليسي أدرجت هذا الطموح في دستورها.

خطر حدوث اضطرابات في جورجيا

وبعد الظهر، قبل خمس ساعات من إغلاق مراكز الاقتراع، بلغت نسبة المشاركة 41,62% مسجلة ارتفاعاً مقارنة بالعام 2016 (34,79%) و2020 (36,45%). وشهدت عملية التصويت التي جرت بإشراف مراقبين دوليين، عدة حوادث انتشرت على نطاق واسع عبر الإنترنت. وأعلنت مفوضية الانتخابات بعد الظهر أنها تلقت 133 شكوى تتعلق بانتهاكات لسرية التصويت، وحوادث خارج مراكز الاقتراع، وعرقلة عمل المراقبين. ودفع مقطع فيديو يظهر شجاراً في مركز اقتراع في تبليسي زورابيشفيلي إلى مطالبة وزير الداخلية بالتحرك. وتحدثت في رسالة عبر الفيديو عن "حوادث عنف مثيرة لقلق كبير (...) في مختلف مراكز الاقتراع".

وأشارت جمعية المحامين الشباب التي تراقب الانتخابات التشريعية إلى حدوث "مخالفات انتخابية كبيرة". وتداولت المعارضة على نطاق واسع صوراً تظهر تزوير بطاقات اقتراع في قرية سادخلو الواقعة في شرق البلاد. وألغت لجنة الانتخابات عملية الاقتراع في هذا المركز. واتهمت المعارِضة تينا بوكوتشافا "بلطجية" حزب "الحلم الجورجي" بـ"التشبث بالسلطة" و"تقويض العملية الانتخابية". ورفض الحزب هذه التصريحات. وفي مركز اقتراع في العاصمة تبليسي، رأى غيورغي كيبتشيدزه (48 عاماً)، وهو موسيقي أن المعارضة ستنتصر.

وقال الناخب لوكالة "فرانس برس" إن "معظم الجورجيين يدركون أن الحكومة الحالية تعيدنا إلى المستنقع الروسي وتبعدنا عن أوروبا". من جهته اختار الناخب غيغا أبو لادزه، التصويت لحزب "الحلم الجورجي" معتبراً أنه يعمل "من أجل الشعب" وأننا يجب أن نكون "أصدقاء" لأوروبا، ولكن أيضاً لموسكو. وحذر غيلا فاسادزي الخبير في مركز التحليل الاستراتيجي في جورجيا من خطر حدوث "اضطرابات بعد الانتخابات" إذا "حاول الحزب الحاكم التمسك بالسلطة مهما كانت النتيجة".

وفي حال فوزه، وعد تحالف المعارضة بإجراء إصلاحات انتخابية وقضائية وإلغاء قوانين أقرت مؤخراً وتعرضت لانتقادات. كذلك، يهدف تحالف المعارضة إلى تشكيل حكومة ائتلافية ثم تنظيم انتخابات جديدة في غضون عام تعكس إرادة الناخبين على نحو أفضل. ويُتهم "الحلم الجورجي" الذي يتولى السلطة منذ العام 2012، بالعمل على إرساء نظام استبدادي موال لروسيا وبإبعاد جورجيا عن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي اللذين تطمح للانضمام إليهما.

خوف من النموذج الأوكراني

وينتقد بعض زعماء "الحلم الجورجي" الغرب بشدة. ووصف بدزينا إيفانيتشفيلي الغرب بأنه "حزب الحرب العالمية" الذي سيحول جورجيا إلى ضحية ويستخدمها في معاركه. وما زالت هذه الجمهورية السوفييتية السابقة المطلة على البحر الأسود تحت تأثير حرب خاطفة خاضتها مع الجيش الروسي في العام 2008. وعقب هذه الحرب أنشأت روسيا قواعد عسكرية دائمة في منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين المدعومتين من موسكو في جورجيا. واعترفت بهما روسيا دولتين مستقلتين.

وفي هذا السياق، قدم الحزب الحاكم نفسه خلال حملته الانتخابية بأنه الوحيد القادر على منع تحول جورجيا إلى "أوكرانيا جديدة". وأكدت الحكومة أنها تريد الحصول على ثلاثة أرباع المقاعد في البرلمان، ما يسمح لها بتعديل الدستور، وحظر أحزاب المعارضة الموالية للغرب. وأكد رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه الأربعاء خلال تجمع حاشد رغبته في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه اتهم الزعماء الأوروبيين "برفض العقيدة المسيحية".

وشهدت جورجيا في مايو/أيار تظاهرات حاشدة في الشوارع على مدى أسابيع احتجاجاً على إقرار "قانون التأثير الأجنبي" المثير للجدل باعتباره مستوحى من قانون روسي لإسكات المعارضة. وعليه، جمدت بروكسل ملف انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، وفرضت واشنطن عقوبات على عشرات المسؤولين الجورجيين بتهمة ممارسة "قمع عنيف" بحق المتظاهرين. من جانبه، ندّد الكرملين الجمعة، بمحاولات "تدخل" دول غربية في الانتخابات التشريعية الجورجية.

(فرانس برس)

المساهمون