انتخابات عمدة لندن: صادق خان المرشح الأبرز

28 ابريل 2024
عمدة لندن صادق خان في حافلة في لندن، أغسطس 2023 (نايل هال/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في الثاني من مايو، تجري في لندن انتخابات العمدة بمشاركة مرشحين من حزب العمال بقيادة العمدة الحالي صادق خان، وحزب المحافظين بقيادة سوزان هول، إلى جانب مرشحين من أحزاب أخرى مثل حزب الخضر والديمقراطيين الليبراليين، في ظل نظام الفائز الأول وميزانية تزيد عن 20 مليار جنيه إسترليني.
- الحملة الانتخابية تتناول قضايا حيوية كالبيئة، التنمية الاقتصادية، والأمن، مع تسليط الضوء على جدل حول مواقف صادق خان من التظاهرات المناهضة للحرب في غزة واتهامات بالعنصرية ومعاداة السامية، بينما يدافع خان عن سياساته ويشير إلى ازدياد كراهية المسلمين.
- عمدة لندن يملك صلاحيات كبيرة في الإشراف على الشرطة والنقل العام وتحديد الاتجاه الاستراتيجي للمدينة، مع التركيز على التنمية المكانية والتجديد الحضري، مما يجعل الانتخابات فرصة للناخبين لتحديد مستقبل لندن في مجالات مثل الأمن والبيئة والتنمية الاقتصادية.

تجرى يوم الخميس المقبل (2 مايو/أيار) انتخابات لاختيار عمدة لندن الذي سيقود سلطة لندن الكبرى (GLA)، التي تشرف على ميزانية تزيد عن 20 مليار جنيه إسترليني، وسط اشتداد المنافسة في الأسبوع الأخير بين مرشحي حزب العمال وحزب المحافظين.

ويترشح عدد من المتنافسين لهذه الانتخابات، أبرزهم عمدة لندن الحالي عن حزب العمال صادق خان للمرة الثالثة على التوالي. وخصمه الرئيسي مرشحة المحافظين سوزان هول، التي قادت مجموعة المحافظين في جمعية لندن بين 2019 ومايو 2023.

ومن بين المرشحين الآخرين لمنصب عمدة لندن زوي غاربيت من حزب الخضر، وهي مستشارة محلية في دالستون، وروب بلاكي من الديمقراطيين الليبراليين، الذي سبق له أن ترشح لعضوية جمعية لندن، وهاورد كوكس من حزب الإصلاح. وأعلن ثمانية آخرون ترشحهم، هم إيمي غالاغر عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفيمي أمين عن حزب رعاية الحيوان، ونيك سكانلون عن حزب بريطانيا أولاً، وبريان روز عن حزب لندن الحقيقي، بالإضافة إلى المستقلين ناتالي كامبل، وتارون غولاتي، وأندرياس ميشلي، والمرشح الساخر الكونت بينفاسي.

ولأول مرة، تجرى هذه الانتخابات باستخدام نظام الفائز الأول، أي أن من يحصل على أكثرية الأصوات يفوز، من دون الحاجة لخمسين بالمائة من الأصوات أو الذهاب إلى جولة ثانية كما كان يحصل في الانتخابات السابقة.

وفي اليوم نفسه، سيصوّت سكان لندن أيضاً لانتخاب أعضاء جمعية لندن، وهي الهيئة المسؤولة عن مساءلة العمدة. وقبل نحو أسبوع من موعد الاقتراع، أظهر استطلاع أجراه معهد "مايل إند" في جامعة كوين ماري في لندن أن خان حصل على 46 في المائة، في حين حصلت منافسته من حزب المحافظين سوزان هول على 33 في المائة.

تعرّض خان لانتقادات من حزب المحافظين بسبب موقفه من التظاهرات الداعية لوقف الحرب في غزة

 

نقاشات حول العنصرية وفلسطين

وتدور النقاشات بين المرشحين لمنصب عمدة لندن حول عدد من القضايا تتعلق بتعزيز تحسين البيئة والتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية. وتتهم مرشحة المحافظين صادق خان بعدم الإيفاء بوعوده التي قطعها في ما يتعلق ببناء مساكن بأسعار معقولة، أو استكمال خططه المعلنة في تطوير المواصلات. كما هاجمته بسبب "حالة عدم الأمان التي يعيشها سكان المدينة"، كما قالت قبل أيام في مناظرة تلفزيونيّة. كما تعرّض خان لانتقادات من حزب المحافظين بسبب موقفه من التظاهرات الداعية لوقف الحرب في غزة.

ورفض خان المطالب بفصل مفوض شرطة لندن مارك رولي، بسبب حادثة منع ناشط مناصر لإسرائيل من عبور الشارع تجاه تجمع مناصر لفلسطين، الأمر الذي جعل عدداً من السياسيين يحرضون على رولي وأيضاً على خان في ظل النقاشات والجدل حول الانتخابات. وأكد خان أن مفوض الشرطة يتمتع بثقته الكاملة بعد اجتماع جمعهما للبحث في هذه الحادثة.

وهاجم خان حالة "ازدياد تطبيع كراهية المسلمين والإسلام والعنصرية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول (الماضي) في بريطانيا والعالم الغربي". وجاءت أقوال خان خلال مقابلة مع الصحافي مهدي حسن من موقع "زاتيو"، أخيراً، معرباً عن استيائه من الاتهامات التي تطاوله أحياناً بـ"معاداة السامية"، مشيراً إلى أنه بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، ارتفع الهجوم الشخصي العنصري ضده (ضد خان) بـ2000% لأن "قادة العالم الحر يطبّعون مع خطاب العنصريّة".

ويتوقع الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني كامل حواش، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "يفوز صادق خان في هذه الانتخابات لدورة جديدة، فالمؤشرات تفيد بأن قوته أكبر داخل لندن مقارنة بالأطراف الأخرى، مع العلم أن مرشحة المحافظين تتهمه بالفشل في عدد من القضايا". ويشير حواش إلى وجود "عنصرية واضحة ضد خان كونه مسلماً" من قبل المحافظين، واتهامات أخرى مثل "عدم تنظيم احتفالات بمناسبة يوم عيد القديس جورج على غرار الاحتفالات التي نظمها بمناسبة شهر رمضان، وأن الإسلاميين هم من يقررون ما يحصل في لندن، وهي اتهامات غير صحيحة".

يستبعد كامل حواش أن يُصوّت العرب في لندن لمرشحة المحافظين

ويضيف حواش: "هناك محاولات أخرى لتشويه صورته في ما يتعلق بالتظاهرات من أجل فلسطين التي تحصل في لندن، والتي تمس مشاعر اليهود الذين يدّعون أنهم لا يستطيعون النزول إلى الشوارع يوم السبت بسبب التظاهرات، وهي تهم غير صحيحة، حيث يشارك الكثير من اليهود في هذه التظاهرات، منهم أبناء الناجين من المحرقة". ويستبعد أن يُصوّت العرب في المدينة لمرشحة المحافظين، وقد "يصوّت بعضهم لمرشح حزب الخضر، أمّا الغالبيّة فعلى الأرجح ستصوّت لصادق خان، مع الغصة كون خان مرشح حزب العمال الذي ينحاز زعيمه كير ستارمر لإسرائيل".

وفي ما يتعلق بقضية تعامل الشرطة مع التظاهرات من أجل فلسطين، يشير حواش إلى وجود بعض التضييقات أحياناً في بعض الحالات، لكن "لا توجد مقارنة مع ما يحصل في ألمانيا حيث تُقمع التظاهرات. ولم يطلب صادق خان من مفوض الشرطة خلال اجتماعهما الأخير تغيير أسلوبه في التعامل مع تظاهرات فلسطين".

مسؤوليات عمدة لندن

وبحسب مؤسسة "معهد للحكومة"، يتولى عمدة لندن مسؤولية تحديد الاتجاه الاستراتيجي والأولويات لشرطة العاصمة من خلال مكتب العمدة للشرطة والجريمة، وهو يتمتع بصلاحيات مماثلة على فرقة إطفاء لندن، حيث يحدد ميزانيتها، ويوافق على خطة السلامة في العاصمة، ويعين مفوض الإطفاء.
ومن المسؤوليات المهمة الأخرى، يتولى عمدة المدينة إنتاج خطة لندن، وهي استراتيجية للتنمية المكانية تحدد الرؤية لكيفية تطور لندن لفترة تتراوح بين 20 و25 عاماً. كما تتمثل الوظيفة المركزية للعمدة في الإشراف على النقل العام في المدينة. ويتمتع بسلطة إنشاء شركات التنمية البلدية لدفع عملية التجديد الحضري في مناطق محددة.

ولا يمكن استخدام هذه الصلاحيات العامة لتقديم وظائف مثل التعليم أو الخدمات الاجتماعية التي تقع على عاتق السلطات المحلية. وعلى عكس نموذج السلطة البلدية المشتركة في أجزاء أخرى من إنكلترا، فإن سلطات لندن المحلية البالغ عددها 33 لا تشكل جزءا من سلطة لندن الكبرى، على الرغم من أن عمدة لندن يعمل بشكل وثيق معها.

وارتفعت نسبة المشاركة في انتخابات لندن على نطاق واسع بمرور الوقت، من مستوى منخفض بلغ 34 في المائة في التصويت الأول في العام 2000 إلى مستوى قياسي بلغ 46 في المائة عام 2016. وفي عام 2021، انخفضت هذه النسبة إلى 42 في المائة. وفي عام 2016، أصبح النائب والوزير السابق صادق خان ثالث عمدة للندن، متغلباً على زاك غولدسميث من حزب المحافظين، ليكون أول شخصية سياسيّة مسلمة تقود إدارة عاصمة ضخمة كمدينة لندن. وأعيد انتخابه عام 2021 في انتخابات تأخرت بسبب جائحة كوفيد-19، وحصل على 55 في المائة من الأصوات بعد فرز أصوات التفضيل الثاني.

خان، الذي يُوصف أيديولوجيا بأنه ديمقراطي اجتماعي، معروف بمواقفه الداعية إلى وقف إطلاق النار في غزة، خلافاً لموقف زعيم حزب العمال كير ستارمر، كما شارك بنفسه في إحدى التظاهرات في لندن التي تنظمها حركة التضامن في بريطانيا مع فلسطين. كما تحدث أخيراً في اجتماع انتخابي في ميدان ترفلغار، وسط لندن، عن تجديد دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين. ويحظى خان بشعبية في أوساط العديد من الجاليات المسلمة والمهاجرين في المدينة.