انطلقت في العاصمة الروسية موسكو، اليوم الأربعاء، المحادثات حول أفغانستان في "إطار موسكو"، في أول جولة من نوعها تعقد منذ وصول حركة "طالبان" إلى الحكم بعد سيطرتها على البلاد في منتصف أغسطس/ آب الماضي.
وقال رئيس وفد "طالبان" لاجتماع موسكو، نائب رئيس الوزراء الأفغاني الملا عبد السلام حنفي، لوسائل إعلام أفغانية، إنّ "الاعتراف الدولي بحكومة طالبان حق مشروع لنا، وسيكون ذلك".
وأكد حنفي أن حكومة طالبان مسؤولة اتجاه مسؤولياتها المحلية والدولية ولن تتخلى عنها، مشيرًا إلى أن الوضع الأمني في أفغانستان على ما يرام. وأضاف في كلمة له في الاجتماع، اليوم الأربعاء، أن "الأمن والسلام في أفغانستان قد أُقر، وأن هناك نظام شامل يحكم البلاد"، مشيرًا إلى حركة طالبان حاولت ضم جميع الإثنيات والأطياف في الحكومة الحالية، مؤكدًا أن الحركة بصدد إجراء تغيرات في المنظومة السياسية، وهو الأمر الذي يحتاج إلى بعض الوقت.
وشدد على أن حركة طالبان مصممة على أن تكون حكومتها تراعي المصالح الأفغانية وترضي العالم كذلك، مشيرًا إلى أن الحكومة الحالية مصممة كذلك على استئصال جذور الفساد، مؤكدا أن الحركة لن تسمح لأحد أن يستخدم الأراضي الأفغانية ضد أي دولة أخرى.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "طالبان" إلى عدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية كمنصة لتنفيذ أعمال ضد دول الجوار، في إشارة إلى الجمهوريات السوفييتية السابقة الحليفة لموسكو في آسيا الوسطى.
وأشاد لافروف بجهود السلطات الأفغانية الجديدة الرامية إلى تحقيق استقرار الوضع العسكري والسياسي في البلاد، قائلاً: "نشيد بالجهود المبذولة لتحقيق استقرار الوضع العسكري - السياسي وتسيير أداء أجهزة الدولة"، قبل أن يستدرك بالقول "إلا أنّ مهمة تحقيق السلام المستديم في أفغانستان لا تزال ملحة. نرى أنّ نجاحها مرهون بالدرجة الأولى بتشكيل حكومة تشمل كل الأطراف حقاً، لن تعكس مصالح القوى الإثنية وإنما السياسية أيضاً في البلاد على أكمل وجه".
وتابع قائلاً: "دعم الجماهير الشعبية الواسعة مرتبط بالسياسات الاجتماعية الرصينة واحترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين. تحدثنا للتو عن ذلك بشيء من التفصيل مع وفد حركة طالبان قبيل افتتاح لقائنا".
ومع ذلك، أقرّ لافروف بأنّ التوازن الجديد للقوى في أفغانستان "لا بديل له في الأفق المنظور"، مضيفاً: "بعد تغيير الوضع بشكل جذري على الأرض، لم تعد هناك جدوى من البحث عن المتسببين في أنه لم يتسن تحقيق نتيجة ملموسة في قضية المصالحة الوطنية. أشير فقط إلى أنّ الرهانات على المعسكر الجمهوري والحكومة الأفغانية السابقة بقيادة الرئيس السابق أشرف غني، لم تتحقق. هناك إدارة جديدة تتولى السلطة الآن. هذه الحقيقة الفعلية تضع مسؤولية كبرى على عاتق حركة طالبان".
وقد عبّر وزير الخارجية الروسي عن أسف بلاده لغياب المسؤولين الأميركيين عن الاجتماع في موسكو.
وكانت الولايات المتحدة قد قالت إنها لن تنضم لهذه الجولة من المحادثات في موسكو لأسباب فنية، لكنها تخطط للمشاركة في المستقبل.
وتراهن موسكو على استثمار اتصالاتها مع "طالبان" واستمرار عمل سفارتها في كابول، لضمان أمن حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تضم كلاً من روسيا وأرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، وهذه الأخيرة لها حدود مشتركة مع أفغانستان.