أعلنت هيئة الانتخابات التونسية أن نسبة الإقبال الأولية على التصويت في الانتخابات المحلية التي انطلقت اليوم الأحد بلغت 5.18 بالمائة، إلى حدود منتصف نهار اليوم، أي بمشاركة 470395 مقترعاً (من 9 ملايين و106 آلاف ناخب).
وكانت مكاتب الاقتراع فتحت أبوابها صباح اليوم لانتخاب أعضاء المجالس المحلية في أول انتخابات من نوعها، وهي مختلفة عن الانتخابات البلدية، إذ إن الناخبين سيختارون نواباً في مجالس تنتظم لأول مرة في تاريخ البلاد تمهيداً لتأسيس المجالس الجهوية ثم مجلس الجهات والأقاليم، وهو الغرفة التشريعية الثانية في تونس إلى جانب مجلس نواب الشعب.
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، في كلمة له، إن "عدد المقترعين خلال الفترة الصباحية بلغ 470.395 مقترعاً من عموم الناخبين المسجلين"، مؤكداً أن هذا العدد ينقسم "إلى 25.55 بالمائة من الإناث و74.45 من الذكور"، مشيراً إلى أن "نسبة مشاركة الشباب دون 35 سنة كانت في حدود 15.43 بالمائة، بينما كانت نسبة الفئة العمرية ما بين 36 و60 في حدود 45.60 بالمائة، وشارك 38.90 بالمائة من الفئة العمرية ما فوق 60 بالمائة" .
وقال الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات، محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"العربي الجديد " إن نسبة الإقبال تعتبر إلى حد الآن متواضعة بالعودة إلى عدد المسجلين، نحو 9 ملايين، مبيناً أنه يؤمل أن تتحسن النسبة، وهي تشبه تقريباً نفس أرقام الانتخابات التشريعية، مضيفاً أن نسبة الشباب ضعيفة وعادة الشباب يرفع في نسبة المشاركة مساء.
ولفت إلى أنه "لم يتم رصد إخلالات كبرى قد يكون لها تأثير على العملية الانتخابية، وفي حال وجود ذلك فالهيئة لن تترد في اتخاذ القرارات المناسبة حتى لو كانت إلغاء النتائج"، مؤكداً أنه "خلال الحملة تم رصد 5 مخالفات فيها شبهة جرائم وتمت إحالتها للمصالح المعنية".
من جهته، قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، إن "تونس تعيش يوماً تاريخياً، حيث ستُمكن الانتخابات المحلية، المهمّشين والذين لا صوت لهم، من أن يكونوا فاعلين وأن يساهموا في اتخاذ القرارات"، وأكد سعيد في كلمة له خلال قيامه بالانتخاب في منطقة المنيهلة، بالعاصمة تونس، على أن "هذه المجالس عادت في عدة دول في العالم، وأن المنتخَب في العمادة سيكون عضوا في المجلس المحلي ثم في مجلس الجهات والأقاليم".
وأضاف أنه "سيتم بعد ذلك وضع نص قانوني ينظم العلاقة بين المجلسين"، وأقر بأن تونس "في سباق ضد الساعة مؤكداً أن تونس ستنتصر".
"حملات انتخابية ضعيفة"
وبلغ العدد الرسمي للمترشحين المقبولين نهائياً 7205 مترشحين منهم 6177 مترشحاً لخوض الانتخابات المباشرة و1028 مترشحاً للقرعة بين الأشخاص ذوي الإعاقة.
وعقدت هيئة الانتخابات، مساء أمس السبت، ندوة صحافية، كشف فيها رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أن عدد المسجلين في القائمات الانتخابية بلغ 9 ملايين و80 ألفاً و987 مسجلاً من الناخبين الذين تجاوزت أعمارهم 18 سنة، من بينهم مليون و983 ألفاً و261 ناخباً جرى تسجيلهم آلياً بنسبة 21.8% و7 ملايين و97 ألفاً و726 ناخباً سُجلوا إرادياً بنسبة 78.2%.
وأشار بو عسكر إلى أنّ 4 ملايين و636 ألفاً و432 من الناخبين إناث بنسبة 51.1 بالمائة، و4 ملايين و440 ألفًا و555 ناخباً من الذكور بنسبة 48.9 بالمائة، فيما بلغت نسبة المسجلين من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 سنة 50.2 بالمائة من جملة المسجلين.
وتراهن السلطات في تونس على نجاح الانتخابات شعبياً بعد فشل كل الانتخابات السابقة في إقناع الناخبين بالخروج والمشاركة في الانتخابات، في حين ترى جمعيات مدنية معنية بالانتخابات أن الحملات الانتخابية كانت ضعيفة لأسباب عديدة، من بينها غياب التمويل العمومي للمترشحين وإقصاء الأحزاب وعدم وضوح صلاحيات المجالس، وتتوقع مشاركة محدودة بسبب ذلك.
وشهدت المراكز تحضيرات هامة بحضور المكلفين بتسيير العملية الانتخابية ورؤساء مراكز الاقتراع، مؤكدين أنهم على أتم الاستعداد لإنجاح هذا المسار.
وقال رئيس مكتب الاقتراع بمعهد منزل جميل، قيس المزهودي، لـ"العربي الجديد"، صباح اليوم الأحد، إنه "جرى تحضير المركز لكي يضمن سلاسة العملية الانتخابية في كنف الشفافية، ليضمن نفس الحظوظ لكافة المترشحين"، مبينا أن "كل الأعوان في أماكنهم ولوحات الإرشاد موجودة".
وأوضح المتحدث أن "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قامت بكل الإجراءات لكي تجرى العملية على أحسن وجه".
مشروع "البناء الجديد"
وتأتي هذه الانتخابات المحلية في تونس في سياق استكمال مشروع "البناء الجديد"، الذي دعا إليه الرئيس التونسي قيس سعيّد، وسط انقسام حاد بين مؤيديه الذين يعتبرونها خطوة نحو ديمقراطية حقيقية، في مقابل دعوات معارضيه لمقاطعتها، بوصفها انتخابات باطلة وجزءاً من مسار انقلابي بدأه في 25 يوليو/ تموز 2021.
وتجرى الانتخابات على مستوى العمادات (وهي أصغر منطقة إدارياً وعددها 2073 عمادة)، حيث سينتخب السكان ممثلاً واحداً عن "القاعدة"، ثم يُنتخب في مرحلة تالية أعضاء المجلس الجهوي (على مستوى المحافظة) عبر القرعة بين أعضاء المجلس المحلي المنتخبين.
وسيُشكّل في مرحلة أخيرة المجلس الوطني للجهات والأقاليم (77 عضواً) بحساب 3 أعضاء تقريباً عن كل محافظة (24 محافظة)، وهذا المجلس هو الغرفة التشريعية الثانية بحسب الدستور والنظام الانتخابي اللذين صاغهما سعيّد بمفرده.