حذر باحث عسكري إسرائيلي، برتبة عقيد احتياط، في دراسة نشرها في العدد الأخير من المجلة الفصلية الإسرائيلية للدراسات العسكرية "معرخوت"، من تراجع قدرات قوات الاحتياط البرية، والتداعيات الخطيرة للاعتماد المتزايد في جيش الاحتلال على القدرات التكنولوجية والسيبرانية في مختلف المجالات.
وبحسب ما أورد المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة، فإن دراسة أنجزها العقيد احتياط عمري سديه بهذا الخصوص.
واستبق هرئيل استعراض الدراسة المذكورة بالإشارة إلى الجدل المتزايد في العقدين الأخيرين في إسرائيل حول قدرات قوات الاحتياط البرية ومدى جهوزيتها للحرب القادمة في ظل الاكتفاء بتدريبها بضعة أيام سنوياً، مبيناً أن ما يردده رؤساء الأركان وقادة الجيش بهذا الخصوص، وثباتهم على الادعاء بأن وضع هذه القوات على ما يرام، يتناقض كلياً مع التحذيرات والإنذارات الصادرة عن جنود وضباط وقادة في قوات الاحتياط الذين يصفون الوضع في الجيش بأنه "خطير".
ولفت هرئيل إلى أن هذا الوضع مضاد كلياً للوضع الذي ساد إسرائيل في العقود التي أعقبت حرب أكتوبر عام 1973 وإلى غاية سنوات التسعين، عندما ضاعف الجيش وزاد من تعداد القوات البرية، وخاصة فرق الاحتياط، واستدعى جنود الاحتياط لأسابيع طويلة من التدريبات سنوياً.
ويبدو، بحسب هرئيل، نقلاً عن الدراسة المذكورة، أن قيادة الجيش بدأت تعقد الآمال على القدرات التكنولوجية الجديدة في الألوية المختلفة، مثل استخدامها في جمع المعلومات، وربط شبكات الاتصال بين القوات الجوية والبرية على اليابسة، في تعويض الجيش عن التقليص المتواصل في تدريب قوات الاحتياط.
وينقل هرئيل عن الدراسة المشار إليها في المجلة العسكرية "معرخوت" أن فشل جيش اليابسة بات جلياً في الوحدات النظامية أيضاً وينتقل إلى وحدات الاحتياط.
وينقل المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عن الدراسة: "هناك ميل متعاظم في الجيش للاعتماد على حلول تكنولوجية لمواجهة تحديات عملياتية، وذلك بعد أن خلقت عمليات ميدانية محدودة النطاق جرت في الأعوام الأخيرة لدى متخذي القرارات شعورا بأنه يمكن إدارة منظومة عسكرية بالاعتماد على وسائل تكنولوجية متطورة وتحقيق النصر، وقد برروا فشل العمليات التي لم تحقق الهدف المرجو منها بعدم نضوج التكنولوجيا، وامتنعوا عن طرح وبحث المسائل الجوهرية حول إمكانية تحقيق الهدف بوسائل وأساليب أخرى".
ووفقاً للباحث العسكري سديه، فإن الاعتماد على التكنولوجيا وحدها يعكس شعوراً كاذباً (أو وعياً مزيفاً). ويضيف: "عرف الجيش في حالات كثيرة في الماضي تحقيق تفوق على أعدائه من خلال اللجوء للخديعة والتمويه التكتيكي لحسم المعركة. الواقع أنه إلى غاية الآن لم تكن التكنولوجيا العامل الحاسم في أي معركة استراتيجية أو عملية كبرى".
ويميز العقيد سديه في دراسته بين العمليات الحربية البرية المعقدة والشائكة وبين العمليات والغارات التي تتم في سياق ما تسميه إسرائيل بـ"المعركة بين الحروب" (في حربها الدائمة مثلا ضد التموضع العسكري الإيراني في سورية). ويصل سديه إلى القول إنه "في السنوات الأخيرة، يبدو أن جهوزية وكفاءة المقاتل في الأطر (الوحدات) التكتيكية، لا تتطور كما يجب".
وبحسبه، فإن عدم التطور يأتي "على ضوء قلة العمليات الحربية الشاملة لمناورات برية من جهة، مقابل أن كيل المديح للوحدات التكنولوجية يتراجع شيئاً فشيئاً في صفوف قادة الوحدات الميدانية القادرة على إدراك حتمية خوض معارك متعددة الوسائط مع دمج بين القدرة القتالية وبين وسائل جمع المعلومات والسلاح الناري".
ويضيف: "هناك ميل زائد أيضاً للتركيز على احتياجات القدرات النارية الجوية الدقيقة الإصابة والاعتماد على القدرات القتالية غير المتوفرة عند المستوى البري. كما أن وضع القوات المساعدة في الألوية البرية سيء ومعطوب، والإعداد الذي يجري لهذه العناصر ضعيف وبمستوى متدن. كما أن وضع قوات جمع المعلومات الاستخباراتية ميدانياً سيئ، وعمليا فقد تجرد في العامين الأخيرين سلاح المدرعات من كل العتاد والأجهزة القتالية المساندة".
ويدعو سديه إلى ضرورة عدم إعطاء التطور التكنولوجي أولوية على حساب ميزة التفوق العملياتي الواضح المتمثلة بالقوى البشرية.