برطانيا: تظاهرات تأييد للفلسطينيين وسط "طوفان الأقصى" وتحذيرات رسمية من دعم "حماس"

09 أكتوبر 2023
"فلسطين حرة" على جسر سكة حديد في لندن (هنري نيكولز/ فرانس برس)
+ الخط -

مع استمرار عملية "طوفان الأقصى" لليوم الثالث وأنباء عن اجتياح إسرائيلي لقطاع غزة، نُظمت تظاهرات عدّة داعمة للفلسطينيين في مدن بريطانية، يوم أمس الأحد، ومن المتوقّع تنظيم مزيد من التحرّكات، في وقت لاحق من اليوم الاثنين، أبرزها تظاهرة أمام السفارة الإسرائيلية في لندن، في حين صدرت تصريحات لمسؤولين في الحكومة البريطانية تحذّر من تأييد حركة حماس.

وخرج المئات في برمنغهام ومانشستر وبرايتون للتظاهر تلبية لدعوات ناشطين ومجموعات دعم، من أجل التضامن مع الفلسطينيين وحقّهم في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي تبنّت فيه الحكومة البريطانيّة موقفاً منحازاً لإسرائيل، استناداً إلى ما صرّح به رئيس الحكومة ريشي سوناك. هو قال إنّ بلاده تقف مع إسرائيل "على نحو لا لبس فيه".

ويعقد سوناك، اليوم الاثنين، اجتماعاً للجنة الطوارئ الحكومية "كوبرا" من أجل مناقشة الأوضاع الراهنة وسبل مساعدة إسرائيل.

من جهتها، هدّدت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، المعروفة بتصريحاتها المعادية للاجئين، بالتعامل بحزم مع أيّ تظاهرة داعمة لحركة حماس، مشدّدة على ضرورة استخدام السلطات الأمنية القانون بلا هوادة في مواجهة تظاهرات مماثلة.

في الإطار نفسه، رأى زعيم حزب العمّال كير ستارمر أنّ "لا مبرّر للهجوم على إسرائيل"، مشيراً إلى أنّ حركة حماس تعمّدت عدم ترك أيّ فرصة للتوصّل إلى اتفاقية سلام، واصفاً الهجوم على إسرائيل بأنّه "إرهابي".

في المقابل، رفض الزعيم السابق لحزب العمّال جيمي كوربين إدانة العملية التي نفّذتها حركة حماس بعد إصرار أحد الصحافيين في سؤاله عن ذلك، محمّلاً مسؤولية ما يحصل للاحتلال، وداعياً إلى "وقف العنف وإنهاء الاحتلال ليعمّ السلام".

الصورة
تعزيزات أمام السفارة الإسرائيلية في لندن (هنري نيكولز/ فرانس برس)
تعزيزات أمام السفارة الإسرائيلية في لندن قبيل التظاهرة المتوقّعة اليوم (هنري نيكولز/ فرانس برس)

تظاهرة ضخمة متوقعة

والتظاهرة التي دُعي إليها اليوم أمام السفارة الإسرائيلية في مدينة لندن، عند الساعة السادسة مساءً بالتوقيت المحلي، من المتوّقع أن تكون ضخمة، لا سيّما أنّها تأتي بدعوة من جهات متضامنة مع فلسطين ومنظمات إسلامية وعربية وبريطانية للتأكيد على حقّ الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم.

في سياق متصل، قال السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة حسام زملط، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "سكاي نيوز" مساء أمس الأحد، إنّ من هم في الحكومة الإسرائيلية "قادرون على ارتكاب إبادة جماعية وهذا ما يحضّرون له"، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى فرض احترام القانون الدولي على الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاصر غزة، منتقدًا استثناء إسرائيل من المحاسبة الدولية منذ 75 عاماً وحصولها على حصانة من الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة.

أضاف زملط، في المقابلة نفسها، "مذ وقّعنا اتفاقية أوسلو، نحن في الحركة الوطنية الفلسطينية التزمنا بصلابة بتعهّداتنا بالاعتراف بإسرائيل والمفاوضات ونبذ العنف والالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وكان متوقّعاً من إسرائيل إنهاء احتلالها ووقف تمدّدها الاستعماري ولم تفعل ذلك مرّة واحدة في آخر 30 عاماً منذ التوقيع"، مشدّداً على أنّ "العالم فشل، وعليه أن يستيقظ لحلّ القضية الفلسطينية".

"حماس حركة إرهابية"

وقد تناولت الصحف البريطانية، اليوم الاثنين، على صفحاتها الأولى مستجدّات عملية "طوفان الأقصى". فأشارت صحيفة "ذا غارديان"، على سبيل المثال، إلى ألف قتيل من الفلسطينيين والإسرائيليين معاً، كذلك سلّطت الضوء على خطاب رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدعوة الغزيين إلى مغادرة غزة.

وفي صحيفة "ذا تايمز"، أُظهر حشد قوات الاحتلال دباباتها على الحدود مع قطاع غزة، ونُشرت صورة للمواطن البريطاني ناثانيال يونغ الذي قُتِل في أثناء قتاله مع قوات الاحتلال ضدّ المقاومة الفلسطينية.

وبحسب ما أفادت صحيفة "ذا ديلي تلغراف"، فقد عرضت بريطانيا تبادل معلومات استخبارتيّة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب ما وصفته الصحيفة بـ"الفشل الاستخباراتي الكبير".

وعنونت صحيفة "فاينانشال تايمز" صفحتها الأولى "إسرائيل في حرب بعد هجوم قاتل لحماس"، فيما عنونت صحيفة "ميترو" صفحتها الأولى "من دون رحمة" مع صور من قطاع غزة وإسرائيل وإشارة إلى أرقام القتلى.

من جهة أخرى، نصحت الحكومة البرطانية مواطنيها، اليوم الاثنين، بعدم السفر إلى "إسرائيل والأراضي الفلسطنية" في حال لم يكن لذلك ضرورة. كذلك ألغت شركة "ويز إير" كلّ رحلاتها من وإلى تل أبيب حتى إشعارٍ آخر.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة البريطانية صنّفت حركة حماس، في عام 2021، كـ"حركة إرهابيّة"، بعدما كانت في السابق تُصنّف بذلك جناحها العسكري "كتائب القسام" فقط.

ومن المتوقّع أن تُلقي الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الأيام المقبلة، بظلالها على الساحة البريطانية، إذ إنّ المملكة المتحدة من الجهات البارزة في دعم إسرائيل فيما تحوي في الوقت نفسه مجموعات تضامن شعبية قوية مع فلسطين. وكانت الحكومة البريطانية قد طرحت، في الأشهر الماضية، مقترح قانون إشكالياً لتجريم حركة مقاطعة إسرائيل في بريطانيا، ومن المرجّح أن يستمرّ الجدال الداخلي حول القانون في ظلّ الأحداث الجارية.