ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن رئيس النظام السوري بشار الأسد وصل، صباح الأحد، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة غير معلنة، هي الثانية منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.
وأضافت الوكالة أن الأسد أجرى لقاءات مع المرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
من جهتها، ذكرت وكالة "نور نيوز" أن رئيس النظام السوري غادر طهران متجهاً إلى دمشق بعد لقاءاته في طهران.
وخلال استقباله رئيس النظام السوري والوفد المرافق له، في ظل المعطيات الدولية الجديدة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا وانشغال موسكو بها، قال خامنئي إن "الشعب والنظام السوري انتصرا في حرب دولية"، مؤكداً أن ذلك "سبّب زيادة مصداقية ورفعة سورية... واليوم الجميع ينظر إليها كقوة"، على حد تعبيره.
وأشار خامنئي إلى "الإرادة العالية" للرئيس الإيراني وحكومته لتطوير العلاقات مع دمشق، داعياً إلى "ضرورة بذل مساعٍ للرقي بهذه العلاقات أكثر من قبل".
واعتبر المرشد الإيراني أن "سورية اليوم ليست كسورية قبل الحرب"، مخاطباً الأسد بالقول إن "معنوياتك العالية كانت أحد أهم أسباب الانتصار في الحرب الدولية"، على حد قوله، مضيفاً: "أمامكم أعمال عظيمة"، ومشيراً إلى ضرورة إعادة إعمار سورية.
من جانبه، شكر رئيس النظام السوري، خلال لقائه مع المرشد الإيراني، والذي حضره نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي أيضاً، إيران على مواقفها ودعمها، مستذكراً قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني.
وأضاف الأسد أن "ما منع الكيان الصهيوني من السيطرة على المنطقة هو العلاقات الاستراتيجية بين إيران وسورية، والتي يجب أن تدوم بقوة"، حسب قوله.
من جهته، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، خلال استقباله الأسد: "عندما راهن بعض قادة العرب وغير العرب في المنطقة على سقوط الحكومة السورية، إيران وقفت إلى جانبها هي وشعبها"، معرباً عن أسفه لأن "أجزاء مهمة من الأرض السورية ما زالت تحت احتلال القوات الأجنبية".
وأكد رئيسي ضرورة "تحرير جميع الأراضي السورية من وجود المحتلين الأجانب"، داعياً إلى خروج هذه القوات من سورية ومن وصفهم بأنهم "عملاء" للقوى الأجنبية.
وأشار الرئيس الإيراني إلى "اعتداءات الكيان الصهيوني"، مطالباً "بتعزيز وتنويع معادلات الردع للرد على تهديدات هذا الكيان في المنطقة".
بدوره، قال رئيس النظام السوري إن حكومته "مستعدة للمزيد من التنسيق والتعاون الأوسع مع إيران في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية"، مضيفاً أن "إيران كانت الدولة الوحيدة التي وقفت إلى جانبنا في سنوات المقاومة ضد الاعتداء الغربي والتكفيري"، على حد تعبيره.
ووصف الأسد العلاقات بين طهران ودمشق بأنها "استراتيجية"، قائلاً إن "الدور الأميركي في المنطقة طور الانهيار".
من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في تغريدة بعد مغادرة الأسد طهران، إن زيارته إلى طهران ولقاءاته مع المرشد والرئيس الإيرانيين "قد فتحت فصلاً جديداً في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين".
وأكد أمير عبد اللهيان عزم طهران على تطوير العلاقات مع دمشق إلى "مستوى يليق بالشعبين".
وتعد هذه الزيارة للأسد الثانية منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. والزيارتان لم يعلن عنهما من قبل إلا بعد أن غادر رئيس النظام السوري العاصمة الإيرانية طهران.
والزيارة الأولى للأسد كانت في 25 فبراير/ شباط 2019، لكنها كانت مثيرة للجدل وأدت إلى استقالة وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، آنذاك، كونه لم يكن على علم بالزيارة مسبقاً، وعلم بها بعد أن غادر الأسد، غير أن الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني لم يقبل الاستقالة وتراجع عنها ظريف.
وكان "فيلق القدس"، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني بقيادة الجنرال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة الأميركية في ضربة جوية في بغداد مطلع عام 2020، هو الذي نظّم زيارة الأسد، لكونه يمسك بالملف السوري، بالإضافة إلى ملفات إقليمية أخرى.
العريضي: الزيارة برسم الدول العربية الساعية للتطبيع مع الأسد
وحول دلالة توقيت الزيارة والتصريحات المعلنة، قال المتحدث باسم هيئة التفاوض عن المعارضة السورية الدكتور يحيى العريضي، لـ"العربي الجديد"، إن الزيارة الثانية للأسد إلى طهران منذ عام 2011 تأتي في ظل تطورات هامة، أبرزها حرب روسيا على أوكرانيا، وما يرافقها من تراجع الوجود الروسي في سورية، والضغوط الدولية لعزلها، وفي ظل وصول الاتفاق النووي الإيراني لمرحلة الحسم.
وأضاف أن "الأسد من خلال هذه الزيارة وما رافقها من تصريحات يعلن بشكل واضح وصريح خياراته المتمثلة بالانحياز لإيران رغم محاولات بعض الدول العربية إعادة تأهيله"، وأردف: "هذه الزيارة برسم جميع الدول العربية التي تحاول إعادة التطبيع مع الأسد بحجة إبعاده عن المحور الإيراني".
واعتبر العريضي أن "إيران لها مصالح كبيرة في سورية اقتصاديا واستراتيجيا، وتحاول أن تستغل انشغال روسيا بالملف الأوكراني لتحقيق المزيد من المكاسب، كما أنها ترغب بلعب الورقة السورية في مجال المفاوضات النووية المعقدة".
وختم بالقول: "الأسد يختار شبيهه، النظامان متشابهان بالجرائم وادعاء دعم المقاومة الفلسطينية، لكن جرائمهما تجاه الشعب السوري لا يمكن نسيانها أو التغاضي عنها، لذلك فإن هذه الزيارة تأكيد على شراكة الإجرام ليس إلا"، بحسب قوله.