شهدت الزيارة التي يجريها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى بكين منذ الاثنين، والتي تستمر حتى غد الجمعة، توقيع البلدين على 19 اتفاقية تشمل التعاون في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن والدفاع الوطني.
وتحاول الجزائر تنويع مصادر حصولها على السلاح وتعزيز ترسانة الجيش بالمنظومات الحديثة وتدريب الكوادر العسكرية، خاصة مع مخاوف من متغيرات طارئة قد تحدث سواء على المستوى الإقليمي أو في موازين القوى الدولية، إذ تعد الجزائر من أهم زبائن السلاح الروسي.
وتصدرت مسائل الدفاع والأمن بشكل واضح البيان المشترك، الذي صدر عقب التوقيع على الاتفاقيات، حيث ذكر أن الجانبين اتفقا على "توثيق التعاون السياسي والأمني، وتكثيف التعاون لتحقيق المصالح المشتركة، وتطوير التعاون في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية، وتعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ومواصلة الدعم الثابت لمصالحهما الجوهرية، ومساندة كل جانب الجانب الآخر في الحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه".
وأكد البيان المشترك أن "الصين تعلن عن دعمها جهود الجزائر الرامية إلى صيانة أمنها القومي واستقرارها"، فيما شدد الجانب الجزائري على "الالتزام بمبدأ الصين الواحدة، وعلى أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية".
يؤشر مضمون البيان على بحث الجزائر عن مرتكز ثان أكثر ثباتا وأهمية، بعد روسيا، في المسائل الدفاعية، وشريك أكثر تطورا في المسائل التقنية العسكرية، وتوجه قريب لوضع إطار واضح ينظم مسار التعاون في المجالات العسكرية، خاصة مع تطور العلاقات السياسية بين البلدين.
واعتبر الأستاذ المتخصص في العلاقات الدولية في جامعة عنابة شرقي الجزائر، خالد خليف، بروز مسألة التعاون في المجالات الأمنية والدفاعية، بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري إلى الصين، تؤكد أن "صانع القرار في الجزائر له رغبة أكيدة وملحة في تنويع الشركاء العسكريين والأمنيين، خاصة مع إدراكه أن موازين القوى في المجموعة الدولية غير ثابتة وغير مستقرة سواء على المدى المتوسط أو القصير".
وتابع: "من جهة أخرى الصناعة العسكرية الصينية اليوم بدأت في اختراق الأسواق العالمية خاصة بعض دول الخليج وشرق أفريقيا ودول الشرق الأدنى، ثم تبنت الصين في السنوات الأخيرة نظرة تدفعها لعرض التعاون العسكري مع الدول التي لها معها شراكة اقتصادية كبيرة".
وتوقع خليف أن تترجم التوافقات الجزائرية الصينية على صعيد التعاون العسكري، في أشكال مختلفة في المرحلة المقبلة. وقال في هذا الصدد "التطورات الإقليمية حاضرة أكيد لبعث جبهات وتعزير الأحلاف الاستراتيجية الشاملة والحفاظ على الشركاء التقليديين ودعم أمنهم واستقرارهم".
وأضاف: "الجزائر تقع تحت هذا النطاق بالنسبة للصين، أعتقد سيظهر عبر مرحلتين على الأقل، تبدأ من وضع خطط التعاون في مجال التدريب والتشاور والمناورات العسكرية، ثم تنتقل إلى الصناعة العسكرية الخفيفة وتقديم الدعم التقني في مجالات الإشارة والمراقبة والرادارات وغيرها وصيانة الحدود ومراقبتها".
وتتطلع الجزائر للعب دور إقليمي أكبر في منطقتها المغاربية وفي الساحل، ومن أجل ذلك تحاول الحصول على التكنولوجيا العسكرية الصينية خاصة في مجال الطائرات المسيرة ذات التكنولوجيا عالية التطور وبحمولة عالية بهدف بناء أسطول متكامل من الطائرات المسيرة.
ومن شأن ذلك أن يسمح للجزائر برفع قدراتها في المراقبة الحدود الشاسعة، خاصة مع مالي والنيجر وموريتانيا، حيث تمثل منطقة الساحل والصحراء فضاء خصبا لنشاط الجماعات المسلحة وشبكات الجريمة، وتهريب الأسلحة والبشر والمخدرات.
وأتمت الجزائر بداية العام الماضي صفقة لشراء سرب من الطائرات الصينية بدون طيار والتزود برادارات حديثة.