بلديتا أنقرة وإسطنبول في دائرة الاتهام.. صراع بين الحكومة التركية والمعارضة؟

14 نوفمبر 2024
رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، 14 مايو 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أعلنت النيابة العامة في إسطنبول وأنقرة عن فتح تحقيقات مع بلديتي إسطنبول وأنقرة بسبب ادعاءات فساد ونفقات غير منتظمة في الفعاليات، مما أثار ردود فعل قوية من المعارضة.
- تأتي التحقيقات في سياق صراع سياسي بين الحكومة والمعارضة، حيث تم عزل رؤساء بلديات أكراد وتعيين وصاة قانونيين، مما زاد التوترات، وأكد رؤساء البلديات استعدادهم للتعاون.
- تعتقد المعارضة أن الحكومة تستخدم التحقيقات لمحاربتها بعد انتصارها في الانتخابات المحلية، ومن المتوقع أن تسيطر التحقيقات على الأجندة السياسية والإعلامية في تركيا.

أعلنت النيابة العامة في كل من إسطنبول وأنقرة، اليوم الخميس، فتح تحقيقات مع بلديتي إسطنبول وأنقرة، أكبر بلديات تركيا التابعة للمعارضة لتشكل عنوان صراع جديد بين الحكومة والمعارضة، في ظل ردود فعل كبيرة من الأخيرة. وقالت النيابة العامة في إسطنبول "بدأ مكتب المدعي العام تحقيقا بالتنسيق مع مفتشي وزارة الداخلية، فيما يتعلق بالادعاء بحصول ضرر عام بسبب دفع نفقات غير منتظمة تتعلق ببعض الفعاليات التي أقامتها بلدية إسطنبول، حسبما وردت في مواقع إخبارية مختلفة، وعبر منصات التواصل الاجتماعي".

وتتبع بلدية إسطنبول الكبرى وبلديات أخرى داخل الولاية لحزب الشعب الجمهوري، حيث شملت التحقيقات بلدية بيكوز وتتعلق بثلاث حفلات وشراء حقوق أندية رياضية ورعاية، بحجة وجود فساد فيها، حيث أطلقت النيابة العامة في بيكوز تحقيقات أيضا، تشمل ثلاث  حفلات كلفت 20 مليون ليرة تركية (1 دولار يعادل 34.3 ليرة). وبنفس الوقت، خاطبت النيابة العامة وزارة الداخلية بتكليف مفتشين من أجل إجراء التحقيقات اللازمة.

وتأتي هذه التطورات بعد أيام من الحديث عن كلفة كبيرة لحفلات نظمتها البلديات في المناسبات الوطنية التي شهدتها تركيا في الفترة الماضية، وأبرزها ما تعرضت له بلدية أنقرة الكبرى، ما دفع رئيس بلديتها منصور ياواش لعقد مؤتمر صحافي والحديث عن مبالغات في قيمة المدفوعات. ونشرت وسائل إعلام قبل أيام أن حفلة واحدة كلفت قرابة 60 مليون ليرة في أنقرة بمناسبة عيد الجمهورية في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما كشف ياواش أن الحفلة المذكورة كلفت أقل من ذلك، بل بلغت تكاليف أربع حفلات 44 مليون ليرة معدات فقط، وأن المطربة الشهيرة أيبرو غونداش حصلت على 4 ملايين ليرة فقط.

ونقلت وسائل إعلام تركية منها قناة خبر تورك، أن النيابة العامة في أنقرة أطلقت تحقيقا عبر إرسال مذكرة لوزارة الداخلية بشأن فتح تحقيق بحق بلدية أنقرة تتعلق بالنفقات وفق القانون 4483، وأن المسار القانوني ينتظر موافقة وزارة الداخلية. واستدعى حراك الحكومة ضد البلديات المعارضة رد فعل كبيرا من حزب الشعب الجمهوري، ويأتي بعد أيام من عزل رؤساء بلديات أكراد وتعيين وصاة قانونيين عليها، في بلدية أسنيورت بإسطنبول، وبلديات في جنوب شرق البلاد.

وقال رئيس بلدية أنقرة ياواش، عبر منشور على منصة إكس "في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو اليوم الذي أدليت فيه بتصريح للصحافة حول هذه القضية، أرسلت وزارة الداخلية مفتشين مدنيين للتحقيق في القضية، هذه التحقيقات لا تزال مستمرة، ولا يوجد وضع جديد، ولا يوجد أحد فوق المساءلة، نحن نقف وراء كلامنا، وأي شخص مذنب سوف يعاقب، ونتوقع نفس السلوك من الجميع".

من ناحيته، قال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو: "ليس لدينا خوف من أحد، يشرفنا أن يتم التحقيق معنا، لدي الخبرة لسنوات، هل فتشتم بلدياتكم كما فعلتم مع منصور ياواش وإسطنبول عبر السنوات السابقة؟ قدموا هذه البيانات وإذا تعادلت سأستقيل من منصبي، أعرف ما الذي أنتم غاضبون منه، من الناس الذين اجتمعوا بحماس في عيد الجمهورية، كلما يرونهم يحدث لهم شيء".

ويعد كل من ياواش وإمام أوغلو من أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة من المعارضة، واكتسبا شهرة كبيرة، ودخلا في منافسة فيما بينهما للفوز بترشيح حزب الشعب الجمهوري، وتشكل التحقيقات الحالية جزءا من التنافس المشترك من جهة، حيث اتهم مراقبون وسائل إعلام محسوبة على إمام أوغلو بتهويل النفقات في أنقرة، ومن جهة ثانية تستهدف الحكومة الشخصيتين للتقليل من شأنهما في أي انتخابات مقبلة.

من ناحيته، قال النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري فيما يتعلق بالتحقيقات في منشور على منصة إكس "نحن نجري تحقيقاتنا الداخلية عبر لجان مراقبتنا، ولا نخشى أي محاسبة أمام القضاء". وحققت المعارضة التركية ممثلة بحزب الشعب الجمهوري انتصارا نادرا في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس/آذار الماضي، باحتلالها المرتبة الأولى بنسبة 38% أمام حزب العدالة والتنمية الذي خسر لأول مرة من 22 عاما.

وتعتقد المعارضة أن الحكومة تحاربها عبر التحقيقات وعزل رؤساء البلديات، حيث بدأت هذه المرحلة في يونيو/حزيران الماضي، وزادت وتيرتها خلال الأسابيع الأخيرة، ومن الواضح أن هذه الأجندة المرتبطة بالتحقيقات ستسيطر على أجندة المناقشات السياسية والإعلامية في البلاد بالمرحلة المقبلة.