وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مساء اليوم الجمعة، إلى تركيا، في مستهل جولته الرابعة في المنطقة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل نحو ثلاثة أشهر.
ومن المتوقع أن يلتقي بلينكن بنظيره التركي هاكان فيدان والرئيس رجب طيب أردوغان في إسطنبول، يوم السبت، قبل أن يتوجه إلى اليونان في وقت لاحق. كما سيجري جولة تضمن بلداناً عربية عدة.
وبحسب تصريح صحافي أدلى به متحدث وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الخميس، فإن بلينكن سيناقش عدداً من "القضايا الحاسمة" مع نظرائه على مدى أسبوع في تركيا واليونان والأردن وقطر والإمارات والسعودية وإسرائيل ومصر والضفة الغربية.
وأضاف أنّ بلينكن سيبحث مع وزراء خارجية هذه الدول قضايا مثل العملية العسكرية الإسرائيلية المستمرة على غزة، والمساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح المحتجزين المتبقين.
انضمام السويد لـ"الناتو" والهجمات على غزة
وتأتي زيارة بلينكن إلى تركيا في ظل توافقات واختلافات عديدة بين الحليفين في حلف "الناتو"، وخاصة الخلافات في وجهات النظر المتعلقة بما يجري في غزة والمنطقة، وفي ملف العلاقات الثنائية بين البلدين، وفي ظل تطورات تجري في المنطقة، وأهمها اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري، وسقوط قتلى من الجيش التركي شمال العراق بهجمات حزب العمال الكردستاني، وإلقاء القبض على جواسيس يعملون لصالح "الموساد" الإسرائيلي في تركيا.
وبحسب مراقبين أتراك، فإن المواضيع الرئيسية التي سيتم الحديث عنها هي مسألة موافقة تركيا على انضمام السويد إلى "الناتو"، حيث إن مشروع قانون الموافقة مرّ من اللجنة الخارجية للبرلمان وينتظر للتصويت عليه، فيما تطالب تركيا بتمرير واشنطن صفقة طائرات (إف 16) مقابل الموافقة على انضمام السويد.
وبشأن الخلافات حول الملف الفلسطيني، تطالب تركيا بوقف فوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، مقابل مواقف أميركية داعمة لإسرائيل، وخشية من تمدد الحرب في المنطقة، بفعل رد الفعل الجاري من قبل الحوثيين والقوى المسلحة في العراق.
ونقلت وسائل إعلام تركية أن اللقاءات لن تكون سهلة في ظل الاختلافات بوجهات النظر. وأفادت قناة "سي أن أن تورك" أن ملف انضمام السويد سيكون حاضرا في ظل مطالب أميركية باستكمال مرحلة الانضمام قبيل تحريك ملف مقاتلات (إف 16)، فيما ستطالب تركيا بخطوات أميركية في هذا الصدد.
ورغم تمرير اللجنة الخارجية في البرلمان التركي لمشروع قانون الموافقة على انضمام السويد لـ"الناتو"، إلا أن البرلمان دخل في عطلة حتى 16 من يناير/ كانون الثاني الجاري، وتأجلت مرحلة التصويت.
وعن الزيارة وتوقيتها وأهميتها ومجرياتها، قال الباحث التركي عمر أوزقزلجك لـ"العربي الجديد"، إن الأجندة الرئيسية للقاء الوزيرين ستكون بالطبع هي المأساة الإنسانية في غزة، حيث ستمارس تركيا ضغوطا على الولايات المتحدة فيما يتعلق بوقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية.
وأضاف: "من ناحية أخرى، ستناقش الولايات المتحدة التوتر المتزايد مؤخرًا مع إيران والقوى المسلحة المدعومة منها، وخطر امتداد الحرب في غزة إلى المنطقة. وبصرف النظر عن قضية غزة، سيتم مناقشة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وتركيا، ومشاركة السويد في حلف شمال الأطلسي وسورية، وطلب تركيا شراء طائرات إف 16".
هنية: "نأمل أن يكون بلينكن استخلص العبر من الأشهر الثلاثة الماضية، وأدرك حجم الأخطاء التي وقعت بها الولايات المتحدة بدعمها الأعمى للاحتلال وتصديق أكاذيبه"
وتابع: "ستسود أجواء إيجابية بين الولايات المتحدة وتركيا فيما يتعلق بالسويد و"إف 16"، وسيؤكد وزير الخارجية التركي أن عملية الموافقة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي مستمرة في البرلمان ومن المحتمل أن يتم طرحها قريبًا للتصويت. وفيما يتعلق بمسألة المقاتلات، فإن تركيا ستنقل مطالبها وسيتم التأكيد على أن الرئيس الأميركي يجب أن يفي بوعده ويتغلب على الجمود في مجلس الشيوخ الأميركي".
وختم بالقول: "هناك خلاف خطير للغاية بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن القضية الفلسطينية، وفي حين أن الأولوية الأولى للولايات المتحدة هي منع انتشار الحرب إلى المنطقة وأمن إسرائيل، فإن أولوية تركيا ستكون المأساة الإنسانية في غزة، وستكون مفاجأة كبيرة إذا توصل الطرفان إلى حل وسط أو رأي مشترك بشأن هذه القضية".
من جانبه، قال الكاتب إلياس كلج أصلان، لـ"العربي الجديد"، إن بلينكن جاء إلى تركيا مرة واحدة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وكان من المتوقع أن يكون الحليفان في الأطلسي على اتصال أكبر، مشيرًا إلى وجود مفاوضات جدية تجري بشأن عضوية السويد في الناتو وملف المقاتلات". ويضيف: "إن عدم الموافقة على عضوية السويد لن يكون بالأمر الذي تتقبله الولايات المتحدة بسهولة، ما قد يؤدي إلى خسارة هيبتها، ولهذا السبب فإن الزيارة مهمة".
وأوضح أن "الأجندة في المقام الأول هي عضوية السويد والمقاتلات، والحرب الأوكرانية مطروحة أيضًا، والموضوع المهم الثاني سيكون بطبيعة الحال الحرب بين إسرائيل وحماس، وموضوع مهم آخر وهو الدعم الأمريكي لحزب العمال الكردستاني في شمال سورية، حيث قتل 12 جنديا تركيا مؤخرا شمال العراق".
وأكد: "أعتقد أن تركيا ستسعى للحصول على بعض الالتزامات تجاه شمال سورية وإجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار في غزة. موقف تركيا من فلسطين واضح جداً، وستكون للوزير التركي تصريحات قاسية، وبالتأكيد سيحاول بلينكن الالتفاف عليها".
وتأتي الجولة الجديدة لبلينكن في وقت تتزايد المخاوف من اتسّاع نطاق الحرب في غزة التي ستدخل هذا الأسبوع شهرها الرابع.
هنية يدعو بلينكن لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة
إلى ذلك، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، الجمعة، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لـ"التركيز" على إنهاء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، خلال جولته في المنطقة.
وقال هنية، في كلمة مصورة نشرتها الحركة على معرفاتها: "نأمل أن يكون (بلينكن) استخلص العبر من الأشهر الثلاثة الماضية، وأدرك حجم الأخطاء التي وقعت بها الولايات المتحدة بدعمها الأعمى للاحتلال وتصديق أكاذيبه بما تسبب بجرائم حرب غير مسبوقة ضد سكان غزة".
وتابع: "نأمل أن يكون تركيزه (بلينكن) هذه المرة على إنهاء العدوان، على طريق إنهاء الاحتلال عن كل الأرض الفلسطينية". وطالب المسؤولين في الدول العربية والإسلامية الذين سيلتقون بلينكن بـ"التأكيد على أن مستقبل المنطقة واستقرارها يرتبط بشكل وثيق بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن تجاوزها".
وختم قائلاً: "الشعب والمقاومة لن يقبلوا أن يبقى الاحتلال جاثما على صدورنا، والدماء التي سالت بغزة والدمار الرهيب لا يمكن أن يحقق أمنا ولا استقرارا، طالما لم يحصل الشعب على حريته ودولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس".