جدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، التأكيد أن المباحثات غير المباشرة، التي بدأت في الآونة الأخيرة بين واشنطن وطهران، لا تهدف الى إبرام اتفاق جديد بشأن برنامج إيران النووي.
وقال بلينكن إن أي اتفاق "ليس مطروحاً على الطاولة، وإن كنا ما زلنا مستعدين لاستكشاف المسارات الدبلوماسية".
وبحسب "فرانس برس"، أضاف بلينكن خلال ندوة في مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك، إن واشنطن ستحكم على طهران "من خلال أفعالها"، داعياً الجمهورية الإسلامية إلى "عدم الإقدام على خطوات قد تصعّد من التوترات" مع عدوها اللدود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وأبرمت طهران عام 2015 اتفاقاً مع القوى الكبرى بشأن برنامجها النووي، أتاح تقييد أنشطتها وضمان سلميّتها، في مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها.
إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً من هذا الاتفاق عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، وأعادت فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية، ما دفع الأخيرة للتراجع تدريجاً عن التزاماتها النووية.
وبعد أشهر من تولي جو بايدن سدة الرئاسة الأميركية مطلع 2021، بدأت إيران والقوى الكبرى، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مفاوضات لإحياء الاتفاق. لكن المباحثات التي جرت بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، وصلت الى طريق مسدود في صيف 2022.
وما زاد الأمور تعقيداً، اندلاع تظاهرات واسعة في إيران اعتباراً، من سبتمبر/أيلول من العام ذاته، على خلفية مقتل شابة بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، ما أدى الى توتر إضافي مع دول الغرب التي أبدت دعمها للاحتجاجات وفرضت عقوبات إضافية على إيران على خلفية "قمع" التحركات.
الا أن مصادر دبلوماسية أكدت أخيراً أن واشنطن وطهران شرعتا في الأشهر الماضية في مباحثات غير مباشرة بضيافة سلطنة عمان، التي سبق لها أن استضافت مباحثات سرية بين الطرفين مهّدت الطريق لإبرام اتفاق العام 2015.
وأكدت المصادر أن المباحثات تتطرق بشكل أساسي لاحتمال تبادل سجناء بين طهران وواشنطن، إضافة إلى قضايا متعلقة بالنووي وأصول إيرانية بمليارات الدولارات مجمّدة في الخارج.
وأشار الوزير الأميركي إلى أن بلاده شاركت في مباحثات إحياء الاتفاق النووي "بنيّة حسنة"، وأن نجاحها "بدا ممكناً" في مرحلة معينة، الا أن "إيران لم تتمكن أو لم تقُم بما هو ضروري للعودة إلى الامتثال" لبنود الاتفاق.
من جهتها، كانت طهران تحمّل غياب "الإرادة السياسية" لواشنطن، مسؤولية عدم التفاهم لإحياء اتفاق 2015.
إيران: أميركا طلبت حواراً عبر وسطاء
إلى ذلك، قالت الخارجية الإيرانية، مساء اليوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة طلبت الحوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر الوسطاء.
ووفق وكالة "نور نيوز" الإيرانية، قال المتحدث باسم الخارجية الإيراني ناصر كنعاني أن "أميركا على الرغم قدرتها على التخطيط لمؤامرات مختلفة في المنطقة وتعبئة إمكانياتها لكنها عاجزة عن إحداث تغييرات".
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، قد قال، الاثنين، إنه لا يؤكد صحة "التكهنات حول تفاهمات غير مكتوبة مع أميركا" في المفاوضات الجارية بين الجانبين بشأن الملف النووي.
وبشأن تطورات المفاوضات الجارية مع الجانب الأميركي حول صفقة تبادل السجناء، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن واشنطن "تعجز عن اتخاذ قرار والالتزام بالتعهدات ولم تتخذ بعد موقفاً شفافاً بخصوص هذه المفاوضات"، مشيراً إلى أنه سبق أن توصل الطرفان إلى اتفاق في هذا المجال "لكنه لم ينفذ بسبب عدم استعداد أميركا لذلك".
أوروبا تبقي على عقوباتها بشأن الصواريخ الإيرانية
على صعيد العقوبات المفروضة على إيران، نقلت وكالة رويترز عن أربعة مصادر قولها، إن دبلوماسيين أوروبيين أبلغوا إيران باعتزام الاتحاد الأوروبي الإبقاء على عقوبات الصواريخ الباليستية المقرر أن تنتهي في أكتوبر/ تشرين الأول، بموجب اتفاق إيران النووي المبرم في 2015، في خطوة قد تستفز طهران وتدفعها للرد عليها.
وعزت المصادر إبقاء العقوبات إلى ثلاثة أسباب، وهي استخدام روسيا لطائرات إيرانية مسيرة في حرب أوكرانيا، واحتمال نقل إيران صواريخ باليستية لروسيا، ولحرمان إيران من منافع الاتفاق النووي التي منحت لها بالنظر إلى انتهاكها للاتفاق، رغم أن ذلك حدث بعد انسحاب الولايات المتحدة منه.
اهتمام سعودي إسرائيلي بالتطبيع
على صعيد آخر، تطرق بلينكن، خلال الندوة في مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية"، إلى عمل الولايات المتحدة على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، الحليفين التاريخيين لبلاده في المنطقة، لكن اللذين تشهد علاقات كل منهما بواشنطن فتوراً منذ بدء عهد إدارة بايدن.
ونقلت عنه "فرانس برس" قوله، إن "السعودية وإسرائيل بالطبع مهتمتان بآفاق التطبيع"، إلا أنه شدد على أن هذا الأمر "معقّد، صعب، ولا يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها، إلا أنه أيضاً احتمال فعلي ونعمل عليه".
وساهمت واشنطن اعتباراً من 2020 في إبرام اسرائيل اتفاقات تطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب، عدّها ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نجاحاً دبلوماسياً.
ولطالما اشترطت السعودية للتطبيع مع إسرائيل الاعتراف بدولة فلسطينية، مطالبة واشنطن بتوفير ضمانات أمنية.
وأجرى بلينكن، الثلاثاء، اتصالاً بنظيره الإسرائيلي إيلي كوهين، داعياً إلى خفض التصعيد في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضح "أبلغنا أصدقاءنا وحلفاءنا في إسرائيل أنه طالما أن الحريق مندلع في حديقتهم الخلفية، فذلك سيصعّب كثيراً، أو يجعل من المستحيل حتى، تعزيز الاتفاقات القائمة (للتطبيع) أو توسيعها لتشمل السعودية ربما".