التقى وزير الخارجية في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أحمد بن مبارك، اليوم الأربعاء، وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، المنعقد في القاهرة، في أول لقاء من نوعه منذ 2011.
وبحث بن مبارك والمقداد، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها التابعة للحكومة، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها، ومستجدات الأوضاع في المنطقة.
وكان اليمن ضمن الدول العربية التي قاطعت النظام السوري دبلوماسياً، عقب اندلاع الثورة في سورية عام 2011، فيما زادت حالة القطيعة بين البلدين بعد تدخّل التحالف بقيادة السعودية في اليمن في مارس/ آذار 2015، بفعل وقوف النظام السوري في خندق إيران الداعمة للحوثيين، وإقامته علاقة دبلوماسية مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) والتي عيّنت سفيراً لليمن في دمشق، في مارس/ آذار 2016.
وكان النظام السوري قد سلّم سفارة اليمن في دمشق للحوثيين نهاية عام 2015، وهو ما اعتبره الجانب اليمني الحكومي مخالفة لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ودفع اليمن إلى معارضة استعادة النظام السوري مقعده في الجامعة العربية.
وقامت جماعة الحوثي بتعيين القيادي في حزب البعث اليمني جناح سورية، نايف أحمد القانص، سفيراً لها بدمشق، وهو من أبرز القيادات البعثية الموالية للجماعة، وشغل منصب نائب رئيس اللجنة الثورية العليا.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أعلنت جماعة الحوثي تعيين الإعلامي عبد الله علي صبري سفيراً لها في دمشق خلفاً للقانص. وكان صبري رئيساً لاتحاد الإعلاميين اليمنيين، وهو تجمّع إعلامي موالٍ للحوثيين في صنعاء، وهو أيضاً قيادي في حزب اتحاد القوى الشعبية اليمنية.
وكانت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً قد أعلنت حينها بدء ملاحقة 3 من قيادات من جماعة الحوثي تتهمهم بـ"انتحال صفات دبلوماسية في إيران وسورية". والثلاثة هم إبراهيم الديلمي (سفير الحوثيين لدى إيران)، ونايف القانص، وعبد الله علي صبري.
وقالت الخارجية اليمنية في بيان في ذاك الوقت: "إن السلطة القضائية شرعت في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإصدار مذكرات اعتقال قهرية ضد الثلاثة المذكورين عبر الإنتربول (الشرطة الدولية)".
وأوضحت أنّ الثلاثة المذكورين "ينتحلون صفات يمنية رسمية بمسميات دبلوماسية"، مشيرة إلى تعميم بياناتهم لجميع بعثات اليمن الدبلوماسية، والبعثات المعتمدة لدى اليمن، وإبلاغ الدول بعدم التعامل معهم أو تسهيل تنقلاتهم، وتسليمهم متى وجدوا على أراضيها إلى الجمهورية اليمنية.
من جانبه، قال الناشط السياسي أحمد الصلاحي لـ"العربي الجديد"، إن لقاء بن مبارك والمقداد اليوم يأتي ضمن التوجه العربي لاستعادة دور سورية في الجامعة العربية، خصوصاً أنّ العديد من الدول أعلنت استئناف علاقتها مع النظام السوري، مشيراً إلى أن اليمن يتوجه للإعلان رسمياً عن استعادة العلاقات مع النظام السوري.
وأضاف الصلاحي أن اليمن وسورية "سيستفيدان من إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، إذ إن اليمن سيجعل الحوثيين يخسرون إحدى دولتين للجماعة سفير فيها، على الرغم من وجود أخبار متداولة بأن سورية لم تعتمد أوراق أي سفير معين من الجماعة، كما أن سورية ستنفتح أكثر على طريق استعادة علاقتها الدبلوماسية مع المحيط العربي، وستدخل في مرحلة جديدة من العلاقات، عقب استعادة مقعدها في الجامعة العربية".
أما المحلل السياسي نبيل البكيري، فقد قال لـ"العربي الجديد"، إن لقاء بن مبارك والمقداد "من أغرب اللقاءات في عالم الدبلوماسية، إذ إن النظام السوري لا يعترف بالشرعية اليمنية، وإنما يعترف بالمليشيات الحوثية، وهي المليشيات التي سلمها النظام السوري مبنى السفارة اليمنية في دمشق، وبالتالي من غير المعلوم وفق أي بند وعرف دبلوماسي يلتقي بن مبارك بالمقداد".
وأشار البكيري إلى أن اختبار نجاح هذا اللقاء سيظهر من خلال ردات فعل الحوثيين على ما سيترتب عليه، خصوصاً في ما يتعلق بموضوع السفارة اليمنية في دمشق.