استمع إلى الملخص
- العقوبات تشمل منع الدخول للولايات المتحدة والتعامل مع جهات أميركية، وتعكس نهج الإدارة الأميركية الرمزي دون تغيير ملموس في سلوك إسرائيل.
- تظهر الإدارة الأميركية تغطية على السياسات الإسرائيلية مع خطة "خريطة الطريق" لإنهاء الحرب، مع تباين في الآراء بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية حول التعامل مع الصراع.
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة، فرض عقوبات على مجموعة "تساف 9" الإسرائيلية المتطرفة رداً على تعدّياتها المكررة على قوافل الشاحنات التي تنقل المساعدات من الأردن عبر الضفة إلى غزة، ونهب حمولتها أو إتلافها، وإشعال الحرائق بها. وطالب القرار إسرائيل "بتحمّل مسؤوليتها في ضمان أمن وسلامة المساعدات".
وكانت الإدارة الأميركية قد لجأت مطلع العام إلى هذا الإجراء ضد عناصر استهدفت فلسطينيين، ما أدى إلى سقوط ضحايا في صفوفهم. في هذه الحالات، تشمل العقوبات عدة تدابير، مثل المنع من دخول الولايات المتحدة، والتعامل مع جهات أميركية، فضلاً عن حجز أي أموال لأصحابها لو وجدت في أميركا. والمعروف أن قسماً من هؤلاء المتطرفين مرتبط بقوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، والقسم الآخر من مجموعات المستوطنين الذين غالباً لا يغادرون مستوطناتهم. وبذلك، تتحول العقوبات إلى إجراء رمزي وأجوف عملياً، اتخذته الإدارة الأميركية رفعاً للعتب، ولاحتواء الاعتراضات والتذمر المتزايد من التهاون الأميركي مع الانفلات الإسرائيلي.
وهذا نهج ليس بجديد، إذ اعتمدته الإدارة منذ البداية في التعامل مع الانتهاكات الإسرائيلية، وخصوصاً في غزة، إذ كانت تسارع بعد كل مجزرة في صفوف المدنيين، من المستشفيات إلى مدرسة الأمم المتحدة في رفح أخيراً، مروراً بمقتل فريق المطبخ العالمي، إلى التروي وانتظار "التحقيق" الذي تقوم به إسرائيل، على أساس أنها "بلد ديمقراطي ومؤسساته موثوق بها"، حسب تعبير الخارجية. وعادة يأتي التحقيق بخلاصة تربط الحادثة "بخطأ" في الحسابات أو بتلطي مقاتلي حركة حماس "وراء المدنيين"، أو بعذر من هذا النوع، وبما يطوي صفحة الحادثة ويدفن المسؤولية معها. ويتبع ذلك تنبيه أميركي لإسرائيل بوجوب أخذ سلامة المدنيين في الاعتبار خلال العمليات العسكرية، من دون تحويل هذا التنبيه إلى شرط تترتب عن خرقه كلفة من نوع "وضع قيود" على استخدام الأسلحة الأميركية، كما طلب فريق واسع من الديمقراطيين في الكونغرس، لكن من دون طائل.
وبقدر ما كانت المحاسبة على الانتهاكات بهلوانية، كانت التغطية على أخاديع إسرائيل لا تخلو من المخادعة هي الأخرى، وبالتحديد في مسألة وقف النار في "خريطة الطريق" التي عرضها الرئيس جو بايدن في 31 مايو/ أيار الفائت، "لإنهاء الحرب"، والتي خصص لها الوزير أنتوني بلينكن زيارته الثامنة للمنطقة لتسويقها.
خلال جولته وبعدها، بقي هذا البند محور خطاب الإدارة الأميركية، ومن زاوية أن خطة بايدن متوقفة على جواب " حماس " بشأنها. ويشدد المسؤولون على أن إسرائيل موافقة على الخطة، على الرغم من الكلام الملتبس الذي صدر عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي تجمع المعلومات المتداولة على أنه لم يعلن شخصياً وبشكل صريح حتى الآن، التزامه هذه الموافقة. لكن الخارجية تقول العكس. "نعم لقد أعلن نتنياهو قبوله"، كما أكد أحد مسؤوليها لـ"العربي الجديد". تأكيده ترك علامة استفهام عما إذا كان بمثابة تغطية لخدعة نتنياهو محترف الخداع، أو أنه زيادة ضغط على "حماس" لإعادة النظر والتعجيل في إعلان الموافقة.
وبدا أن موقف واشنطن من جواب "حماس" الأخير اتسم بالغموض تجاه "التعديلات" التي اشترطتها الحركة. وكأن الإدارة الأميركية تميل ضمناً إلى الاعتقاد أنه يمكن التعامل مع هذه الصيغة ربما بعد تدوير بعض الزوايا لبيعها لنتنياهو. ولوحظ وجود تباين بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية في قراءة الموقف. الرئيس بايدن في رده على سؤال خلال قمة مجموعة السبع في إيطاليا، استبعد التوصل قريباً إلى توافق بشأن الخريطة، لكن الخارجية تتحدث عن أهمية التفاوض للإسراع في حل الإشكالات، والانتقال إلى تطبيق المرحلة الأولى من الخطة. وكأن الاحتمالات ليست مقفلة، ولو أن جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن انتهت عموماً كما بدأت، وكما كان متوقعاً.