تواجه أروقة السلطة التنفيذية الحاكمة في ليبيا خلافات جديدة على خلفية تنازع الصلاحيات والاختصاصات بين المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، بخصوص تعيين وإقالة الدبلوماسيين والسفراء الممثلين للدولة خارج ليبيا.
وبرزت الخلافات بشكل واضح إثر اعتراض وزارة الخارجية بحكومة الوحدة على تزكية ترشح صلاح الشماخي لمنصب رئيس بعثة جامعة الدول العربية في مدريد.
وعللت الوزارة، في بيان لها أمس الأحد، اعتراضها على ترشح الشماخي للمنصب الجديد بأنه أنهى المدة المحددة له كممثل ليبيا لدى الجامعة العربية، "بل تجاوزها بفترة طويلة وفق القوانين المعمول بها في الدولة الليبية وفي كل دول العالم".
وقالت الوزارة إنه نظراً لرفض الشماخي تسليم مهامه والعودة إلى سابق عمله في ليبيا، لذا صدر في حقه قرار بالاستقالة الاعتبارية في نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي.
وأشار البيان إلى أن الشماخي لم يعد يمثل الدولة الليبية دبلوماسيا "على أي مستوى لدى جامعة الدول العربية حتى يتم تكليفه بمهام رئيس بعثة جامعة الدول العربية في مدريد".
وجاء اعتراض الوزارة بعد مراسلة وجهها نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، تتضمن تزكية المجلس الرئاسي للشماخي لتولي مهام مندوب الجامعة في مدريد.
وعلى خلفية اعتراض وزارة الخارجية على تزكية المجلس الرئاسي، استنكر الأخير كافة الإجراءات الصادرة من الوزارة بشأن تعيين وإقالة الدبلوماسيين بالخارج، مؤكدا أن تسمية وإعفاء رؤساء البعثات الدبلوماسية وإنهاء فترات عملهم بالخارج "هو من اختصاص المجلس الرئاسي مجتمعا دون غيره".
وطالب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي الحكومة بضرورة مخاطبته من وزارة الخارجية "بشأن أي إجراء يخص من انتهت فترة عملهم بالخارج أو من ارتكب منهم مخالفات قانونية ومن ثم إحالتها إلى المجلس الرئاسي بشكل رسمي، لكي يتخذ القرار المناسب". وأكد المنفي أن كافة الإجراءات الصادرة عن وزارة الخارجية بشأن إنهاء عمل البعثات الدبلوماسية "باطلة بحكم القانون".
وظهرت بوادر الأزمة بين الرئاسي ووزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش منذ مايو/ أيار الماضي، بعدما أصدرت الأخيرة قرارا بإعفاء ثلاثة سفراء لليبيا بالخارج، هم وفاء أبوقعيقيص (لدى الولايات المتحدة الأميركية)، وسنية غومة (لدى سلطنة عمان)، بالإضافة للشماخي، على خلفية تجاوز المدة المقررة لعملهم كمبعوثين دبلوماسيين والمحددة بأربع سنوات. لكن المجلس الرئاسي أعلن عن بطلان القرار، وطالب المنقوش بـ"التريث" في اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بإعفاء وتعيين موظفين وسفراء في المقار الدبلوماسية للبلاد.
وإثر رفض السفراء الثلاثة تنفيذ قرارات المنقوش، نشرت الوزارة بيانا، مطلع أغسطس/ آب الماضي، حول اجتماع المنقوش بالنائب العام الصديق الصور، بحثت خلاله الإجراءات القانونية التي اتخذتها الوزارة بشأن إنهاء عمل السفراء والدبلوماسيين الذين تجاوزوا مدتهم القانونية كممثلين للبلاد في الخارج.
لكن المحامي العام بمكتب النائب العام اعتبر أن قرارات المنقوش بشأن إعفاء الدبلوماسيين وعدم تنسيقها مع المجلس الرئاسي "تعد تعسفا في استعمال السلطة من قبل الوزيرة نجلاء المنقوش وتضعها تحت طائلة المساءلة الجنائية"، بحسب مراسلة موجهة من المحامي العام للحكومة تداولتها وسائل إعلام ليبية، كما أن تلك القرارات "تعد تشويها لصورة البلاد في الخارج".
ولم يصدر عن الحكومة أي تعليق رسمي حيال الخلاف الحاصل حتى الآن.