توالت ردود الفعل الدولية، عقب انتهاء المؤتمر الصحافي الأول للمتحدث الرسمي لحركة "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، اليوم الثلاثاء، والذي حمل ملامح حكم الحركة لأفغانستان في المرحلة المقبلة.
وبين مواقف أوروبية أبدت مرونة مشروطة، خرجت كندا بموقف رافض للاعتراف بحكومة "طالبان".
الاتحاد الأوروبي يشترط
وفي السياق، اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اليوم الثلاثاء، أن على الاتحاد أن "يحاور" طالبان "في أسرع وقت"، لأن هؤلاء "ربحوا الحرب" في أفغانستان.
وقال بوريل: "طالبان ربحت الحرب في أفغانستان. إذاً، علينا أن نتحدث معهم بهدف إجراء حوار في أسرع وقت لتفادي كارثة إنسانية وعلى صعيد الهجرة.. ومنع عودة وجود إرهابي في أفغانستان"، موضحاً أن ذلك لا يستدعي بالضرورة اعترافاً رسمياً بنظام "طالبان".
وأضاف في بيان: "التعاون مع أي حكومة أفغانية في المستقبل سيكون شريطة التوصل إلى تسوية سلمية بمشاركة الجميع واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان، بما في ذلك النساء والشبان وأبناء الأقليات، علاوة على احترام التزامات أفغانستان الدولية والالتزام بمحاربة الفساد، ومنع استخدام التنظيمات الإرهابية لأراضي أفغانستان".
وصدر التقرير بعد اجتماع طارئ لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لمناقشة التطورات في أفغانستان.
وقال بوريل إن الاتحاد الأوروبي سيواصل تقديم المساعدات للشعب الأفغاني في ضوء "تفاقم الوضع الإنساني في أفغانستان".
ودعا بوريل جميع الأطراف إلى السماح بدخول آمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية للنساء والرجال والأطفال المحتاجين في أفغانستان، ومن بينهم عدد كبير من النازحين.
حلف الأطلسي يحذّر
من جهته، قال حلف شمال الأطلسي (الناتو) إنه لا بد لحركة "طالبان" ألا تسمح بأن تصبح أفغانستان تربة خصبة للإرهاب مجدداً، محذراً من أن الحلف لا يزال لديه رغم انسحابه القوة العسكرية لضرب أي جماعة إرهابية من مسافة بعيدة.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ للصحافيين، في أول مؤتمر صحفي له منذ سقوط كابول في يد "طالبان": "يتحمل من يقبضون على زمام السلطة في أفغانستان الآن مسؤولية ضمان ألا يستعيد الإرهابيون الدوليون موطئ قدم لهم".
وأضاف: "لدينا القدرة على ضرب الجماعات الإرهابية من مسافة بعيدة إذا رأينا أن الجماعات الإرهابية تلك تحاول ترسيخ موقعها وتخطط وتنظم هجمات على حلفاء حلف شمال الأطلسي ودولهم".
كندا لن تعترف
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن بلاده "لا تعتزم الاعتراف بحكومة طالبان".
وقال ترودو على هامش مؤتمر صحافي في أونتاريو، خصص لحملة الانتخابات التشريعية: "حين كانوا في الحكم قبل عشرين عاماً، لم تعترف كندا بحكومتهم. لقد أسقطوا بالقوة حكومة منتخبة وحلوا محلها، وهم يشكلون مجموعة إرهابية بحسب القانون الكندي".
فرنسا: الاعتراف غير مطروح
كذلك، قالت الرئاسة الفرنسية الثلاثاء إنّه "من المبكر للغاية" اتخاذ قرار بشأن مستقبل السفارة في كابول، رابطة الأمر بمسار تطور الأوضاع في أفغانستان بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة.
وما زالت السفارة الفرنسية تقوم بدورها رغم نقل مقرّها إلى مطار العاصمة الأفغانية، حيث يدير السفير دافيد مارتينون وفريقه عمليات إجلاء آخر الرعايا الفرنسيين، وكذلك الأفغان الذين عملوا لصالح فرنسا.
وأوضح الإليزيه أنّه في ظل الغموض الذي يشوب الأوضاع "من المبكر للغاية إقرار مستوى تمثيل" فرنسا في المستقبل، في وقت أجلت العديد من الدول موظفيها الدبلوماسيين بعد بلوغ طالبان العاصمة كابول.
ولفتت الرئاسة الفرنسية إلى أنّ مسألة اعتراف باريس بنظام طالبان غير مطروحة، إذ إنّ "فرنسا تعترف بالدول، لا بالأنظمة".
ألمانيا منفتحة على اللاجئين
في حين، أبدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الثلاثاء، انفتاحها على استقبال "منظّم" للاجئين الأفغان "الأكثر عرضة للمخاطر" الهاربين من نظام "طالبان"، لكنّها أقرت بصعوبة توصل الشركاء الأوروبيين لاتفاق بهذا الشأن.
وأشارت ميركل، التي استقبلت بلادها بين عامي 2015 و2016 أكثر من مليون طالب لجوء، إلى ضرورة أن ينصبّ التركيز في مرحلة أولى على إيجاد حلول إقليمية من أجل استقبال هؤلاء اللاجئين في الدول المجاورة لأفغانستان.
وتابعت ميركل، خلال مؤتمر صحافي: "في المرحلة الثانية يمكننا البحث لتبيان ما إذا الأشخاص الأكثر عرضة للمخاطر يجب أن يأتوا إلى أوروبا (...) بشكل منظّم ومدعوم".
وجاءت تصريحات ميركل عقب لقائها رئيسة الوزراء الإستونية كايا كالاس، وهي أعلنت أنها تعتزم إجراء محادثات بهذا الشأن مع مفوّض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.
من جهته، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: "سنحكم على طالبان استنادا إلى أفعالها"، معرباً عن أسفه لعرقلة وصول أفغان يرغبون في إجلائهم إلى مطار كابول.
وأضاف ماس، خلال مؤتمر صحافي في برلين في ختام جلسة لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، قائلاً: "الشيء المهم هو أن تكون المرحلة الانتقالية سلمية، وهذا أمر يعتمد على ما ستفعله في الواقع الحكومة الانتقالية حالما يتم تشكيلها، وإذا كان بمقدورنا الوثوق بتصريحاتها".
بريطانيا: نعمل على تجنب كارثة إنسانية
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن بلاده ستعمل مع الدول الأخرى لتجنب حدوث كارثة إنسانية في أفغانستان، مشيراً إلى أن أي اعتراف بالحكومة الجديدة يجب أن يكون على أساس دولي.
وقال بيان صدر عن رئاسة الوزراء البريطانية، اليوم الثلاثاء، إن جونسون أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، أكد خلاله "التزام بلاده بالعمل مع الشركاء الدوليين لتجنب كارثة إنسانية في أفغانستان والمنطقة".
باكستان تريد ضماناً
إلى ذلك، قال الرئيس الباكستاني عارف علوي، إن بلاده تريد ضماناً من حركة "طالبان" الأفغانية بعدم السماح باستخدام الأراضي الأفغانية ضدها، كما أعطت ضمانات للصين والولايات المتحدة.
وأوضح علوي، في تصريحات إعلامية نقلتها وكالة الأنباء الباكستانية الرسمية في نسختها باللغة الإنجليزية، أن باكستان تقيم الوضع في أفغانستان حالياً، وستأخذ قرارها بشأن الاعتراف بطالبان كممثل شرعي للشعب الأفغاني بعد التشاور مع عدد من الدول.
ووصف الرئيس الباكستاني انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان بأنه "متسرع"، وقال إن باكستان أقنعت الولايات المتحدة بأن الحرب ليست حلاً للقضية الأفغانية.