حذر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، الإثنين، من استمرار العنف ضد المدنيين واستمرار الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان، على الرغم من عدم وجود تغيير جذري في حدود مناطق السيطرة للأطراف المتصارعة، مشدداً، في سياق متصل، على أن "حل أزمة سورية ليس بالضرورة بيد السوريين وحدهم".
وتحدث بيدرسون، خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، والتي قدمها عبر دائرة متلفزة مغلقة، عن "تصاعد مستويات الجوع والفقر بين السوريين، بينما يستمر الاقتصاد بالتدهور". وذهب إلى أن عدد الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية داخل سورية 14 مليوناً، فيما لا يزال عشرات الآلاف محتجزين أو مختطفين أو مفقودين.
بيدرسون: لا توجد جهة بعينها يمكنها تحديد نتيجة الصراع، والحل العسكري يظل وهمًا
وعبر بيدرسون عن أسفه لعدم تحقيق تقدم ملموس فيما يخص تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، رغم مرور ست سنوات على اعتماده. وقال: "على الرغم من ذلك هناك احتمالات تحقيق تقدم خلال العام المقبل، وهذا لأسباب عديدة، من بينها أن جميع الأطراف تواجه مأزقًا استراتيجيًا على الأرض، استمر حتى الآن لمدة 21 شهرًا، دون حدوث تحولات في الخطوط الأمامية، وهذا يجعل الأمور واضحة بأنه لا جهة بعينها يمكنها تحديد نتيجة الصراع، وأن الحل العسكري يظل وهمًا. ناهيك عن مخاطر التصعيد للجميع في ظل استمرار تهديد الإرهاب وأزمة النزوح، وانهيار الاقتصاد".
وأشار بيدرسون إلى اتصالاته مع الأطراف المحلية، كما دول المنطقة والمجتمع المدني، وعبر عن أمله أن تؤدي اجتماعات نور سلطان (أستانة) إلى تقدم على عدد من الأصعدة.
ووصف اجتماعات أستانة، كما اجتماعات بروكسيل مؤخرا، بـ"المهمة"، لأنها تعالج القضايا الميدانية، ولا سيما الأمنية والإنسانية.
ولفت الانتباه إلى اجتماعات ثنائية أجراها في جنيف مع ممثلين عن الاتحاد الأوربي وتركيا وروسيا وقطر، وعن نيته عقد اجتماعات إضافية مع عدد من الأطراف الإضافية في العام المقبل. وعبر عن أمله بأن "نتمكن من البدء في تحديد خطوات تدريجية ومتبادلة وواقعية ودقيقة، ثم الاتفاق عليها".
وأضاف المبعوث الأممي أن "خطوات يمكن اتخاذها بالتوازي من أجل بناء الثقة والمساعدة في دفع العملية السياسية إلى الأمام بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254"، ولاحظ أن "الصيغ والقنوات المختلفة للتشاور تستثني على الأقل أحد اللاعبين الأساسيين، السوري أو الدولي".
وأردف بيدرسون: "لكن إذا أردنا أن نرى تقدماً بشأن القضايا الأهم للسوريين والاستقرار الإقليمي، فإننا بحاجة لإدراج جميع من لهم مصلحة في جهد سياسي مشترك... خطوات يمكن أن تعزز الحوار السياسي الذي يقوده السوريون".
وذكر أن "حل النزاع في سورية ليس بالضرورة بأيدي السوريين وحدهم، بل هو في أيدي الفاعلين الدوليين كذلك". وشدد على "ضرورة الاستفادة من كل فرصة لمعالجة الاحتياجات الإنسانية وتوسيع جهود التعافي المبكر".
دعا بيدرسون إلى خطوات يمكن اتخاذها بالتوازي من أجل بناء الثقة والمساعدة في دفع العملية السياسية إلى الأمام بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254
وذَكَرَ بيدرسون أنه يسعى لإعادة عقد اجتماع للجنة الدستورية. وعبر عن استعداده لعقد دورة سابعة لها في جنيف فور التوصل لتفاهمات مع الأطراف المختلفة، بما فيها المجتمع المدني.
خطوط لتقديم المساعدات الإنسانية
من جهته، تحدث مبعوث الأمين العام للشؤون الإنسانية في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، عن تقديم المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس لمليون شخص شهريا في الشمال الشرقي.
وأشار غريفيث إلى اتخاذ الأمم المتحدة لعدد من الخطوات الإضافية في الأشهر الماضية لتقديم المساعدات الإنسانية، عبر خطوط النزاع في الشمال الغربي. وقال إن قوافل المساعدات وصلت في الـ9 من الشهر الحالي إلى 80 ألف شخص في تلك المنطقة. وعبّر عن أمله بزيادة تلك الإمدادات للشمال الغربي كذلك.
غريفيث: الوضع الإنساني في سورية قاتم مع ازدياد الاحتياجات وقلة التمويل
وأشارغريفيث إلى وجود عدد من الأمور التي ما زالت الأمم المتحدة تعمل عليها، من بينها تحديد من سيشترك في تنظيم القافلات العابرة للخطوط، ومن سيسمح له بتوزيع المساعدات، مشدداً على "حاجة الأمم المتحدة للضمانات الأمنية"، وذكّر مجلس الأمن بأن "الإمدادات عبر خطوط التماس لا يمكنها أن تحل محل المساعدات العابرة للحدود، في الشمال الغربي، حيث هناك قرابة 3.4 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية".
وختم مبعوث الأمين العام إحاطته واصفاً الوضع الإنساني في سورية بـ"القاتم"، حيث زادت الاحتياجات وقل التمويل، مشيراً إلى "العنف المستمر الذي يؤثر على تقديم المساعدات".
ولفت الانتباه إلى أن "العمليات الإنسانية غير ممولة جيدا، مما يعني أن الأمم المتحدة لا يمكنها تقديم المساعدات الأساسية، كالوقود للتدفئة أو حتى الملابس في بعض المناطق". وأشار إلى "استمرار تدهور الاقتصاد وارتفاع تكلفة الغذاء، حيث زاد إنفاق الكثير من الأسر على المواد الأساسية قرابة خمسين بالمئة".