- أشار إلى الحاجة الماسة لمسار سياسي يعالج جذور القضية في سورية، مع التأكيد على صعوبات تنظيم اجتماعات اللجنة الدستورية ودعوة لاستئناف الحوار في جنيف.
- وصف الوضع الإنساني في سورية بالقاتم، مشيرًا إلى تضاعف كلفة السلة الغذائية وارتفاع غلاء المعيشة، مؤكدًا على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتفادي الآثار السلبية للجزاءات.
قدم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لسورية، غير بيدرسون، اليوم الخميس، إحاطته الشهرية حول الأزمة السورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك. معربا عن قلقه العميق إزاء التصعيد العسكري في سورية والمنطقة. ومشددا في الوقت نفسه على أن أي محاولة لتجاهل أو مجرد احتواء النزاع في سورية بدلا من حله تمثل خطأً وآثارها لا تقتصر على سورية. وعبر المسؤول الأممي عن قلقه لاستمرار النزاعات داخل سورية وفي مناطق مختلفة، فضلا عن تعامل دول مع سورية كمسرح لعملياتها. وشدد على ضرورة نزع فتيل الأزمة السورية والأزمات التي يشهدها الإقليم، بما في ذلك وقف إطلاق النار في غزة، كما وقف شامل لأطلاق النار في سورية عملا بالقرار 2254.
-
الأزمة السورية بحاجة إلى مسار سياسي
وعلى صعيد المسار السياسي في سورية، أشار بيدرسون إلى أن هناك جهوداً لتخفيف التصعيد العسكري واحتواء الأزمة السورية وزيادة المساعدات الإنسانية. ورأى أن كل هذه حلول وتدابير ومقاربات مهمة لكنها حلول مؤقتة ومجتزأة لن تحقق الاستقرار ولا تتعامل مع جذور القضية والحاجة إلى مسار سياسي يخرج البلاد مما تمر به. وأضاف: "ما زالت تواجهنا صعوبات حول الاتفاق على مكان لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية"، مشددا على دعوته لعقد الاجتماعات حاليا في جنيف لاستئناف الحوار إلى أن يتم الاتفاق على مكان جديد لعقدها.
وحذر بيدرسون من "تفاقم الوضع واستمرار تدهوره في الاتجاهات الخطأ... ونرى أن القوى السياسية والمتضاربة تمزق سورية وأراضيها ومجتمعها". وتحدث عن الحاجة إلى "مقاربة جديدة وشاملة تعالج كافة المواضيع المطروحة وتستجيب إلى طموحات الشعب السوري المشروعة وضرورة احترام وإعادة سيادة سورية ولا سيما في ظل وجود ستة جيوش أجنبية على أراضيها". وأضاف: "أي مقاربة شاملة وجديدة لحل الأزمة السورية عليها أن تشرك كل أصحاب الشأن الرئيسيين بما فيها الأطراف السورية، والفاعلون الدوليون في مسار أستانة، مجموعة الاتصال العربية، والمجموعة الرباعية الغربية وهذا المجلس".
وحذر من أن إقصاء أي من هذه الأطراف سيؤدي إلى طريق مسدود. مشيرا إلى ضرورة بدء مناقشة مع كل الأطراف والاستعداد للعمل على عدد من المسارات المتوازية والمتداخلة وعلى مراحل.
- الوضع الإنساني في سورية
وتطرق بيدرسون للوضع الإنساني في سورية ووصفه بالقاتم والخطير، حيث تضاعفت كلفة السلة الغذائية، وارتفع غلاء المعيشة بنسبة 104 بالمائة، مشددا على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية والطواقم إلى المحتاجين إليها عبر جميع الطرق بما في ذلك العابرة للحدود وخطوط التماس. كما أشار للأثر السلبي للجزاءات على السوريين، مؤكدا على ضرورة محاولة تفاديها والحد من تلك الآثار.
وتحدث بيدرسون عن "انعدام الأمل ومعاناة لا تنتهي للسوريين، تظهر آثارها بشكل واضح على المجتمعات الأكثر هشاشة، بما في ذلك النسب المتزايدة من العنف الجندري، الزواج المبكر، الدعارة، زيادة التهريب، زيادة استخدام المخدرات... وغيرها من التبعات السلبية". وتوقف كذلك عند أزمة المحتجزين، والتي تشمل النساء والأطفال والرجال من كل الفئات العمرية وفي كل أنحاء سورية الذين يتعرضون للتجنيد الاجباري والاحتجاز القسري والإبعاد القسري عن أسرهم". وقال إنهم "يُحرمون من الغذاء والعلاج الطبي ويتعرضون للعنف الجسدي والعنف الجنسي والتعذيب في جميع أنحاء سورية".
وناشد كذلك بالعودة الآمنة والطوعية لجميع المهجرين واللاجئين. وأشار إلى أن هناك المزيد من السوريين الذين يريدون مغادرة سورية وحتى الدول المجاورة. ولفت الانتباه إلى ضرورة تأمين الحماية وتلبية مشاغلهم اليومية واحتياجاتهم.
وفي مارس/آذار الماضي قال بيدرسون، إنه لا حل سياسياً يلوح في الأفق لإنهاء الأزمة السورية بعد 14 عاماً من الحرب، مؤكداً أن "الأزمة الإنسانية في هذا البلد ما زالت تتفاقم. موضحا، في بيان أصدره في الذكرى الثالثة عشرة لانطلاق الثورة السورية، أنه "لا يمكن إعادة الأمل للشعب السوري إلا بالتوصل لحل سياسي ينهي هذا الصراع الطويل"، وأشار إلى أن "هناك فرصة متاحة لاتخاذ خطوات جادة بين أطراف الصراع ينبغي اغتنامها دون مزيد من التأخير".
من جهته، تحدث مدير قسم التنسيق في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، راميش راجاسينغهام، عن مقتل وجرح العديد من المدنيين السوريين في مجموعة من الهجمات في جميع أنحاء البلاد، وفي حوادث متعددة بما فيها مقتل الأطفال والطواقم الإنسانية. كما تحدث عن مخلفات الحرب المتفجرة والألغام الأرضية وتأثيرها السلبي والكبير على السوريين وأراضيهم. وقال في هذا السياق: "نقدر أن ثلث المجتمعات في جميع أنحاء البلاد تتأثر بمخلفات الحرب المتفجرة والألغام، كما تتأثر الأراضي الزراعية بشكل خاص، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على إنتاج الغذاء وسبل العيش". وأشار كذلك إلى مقتل وجرح المدنيين في جميع أنحاء سورية مع وقوع الأطفال ضحايا غالبا لها. كما يعيق وجودها إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن.
وتطرق راجاسينغهام إلى تحذير الأمم المتحدة من أثار نقص التمويل لصندوق مساعداتها الإنسانية لسورية. وقال في هذا الصدد: "لقد اضطررنا بالفعل إلى اتخاذ قرارات صعبة للغاية بشأن الأولوية للمساعدة المنقذة للحياة للفئات الأكثر ضعفا، واستهداف 10.8 ملايين شخص من إجمالي 16.7 مليون شخص في حاجة إليها". ولفت الانتباه إلى أن صندوق المساعدات الإنسانية لسورية التابع للأمم المتحدة "خفض خطة تمويله للعام الحالي لتصل إلى 4 مليارات دولار، وهو انخفاض كبير عن عام 2023 على الرغم من زيادة الاحتياجات"، مشددا على أن الكثيرين لن يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة دون المساعدات الإنسانية.
وتوقف المسؤول الأممي عند "تعرض مئات المرافق الطبية والفرق الصحية المتنقلة لخطر وقف عملياتها في الأشهر المقبلة، مما يؤثر على إمكانية الحصول على الرعاية المنقذة للحياة لملايين الأشخاص، بما في ذلك رعاية الصحة الأمومية والجنسية والإنجابية، حيث هناك أكثر من أربعة ملايين امرأة وفتاة هن بأشد الحاجة إليها". وأشار كذلك إلى أن "أكثر من 1.8 مليون شخص لن يحصلوا على المياه الصالحة للشرب، التي يحتاجون إليها في الشهرين المقبلين، من أجل تجنب المخاطر الصحية في الصيف المقبل"، لافتا إلى "مواجهة الملايين من الأشخاص، الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المعتدل لخطر البقاء دون أي مساعدة، مما يهدد بحدوث زيادات أخرى في عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.. وقد يفقد العديد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والبالغ عددهم نصف مليون طفل العلاج المنقذ للحياة هذا العام".