بدت القوى المعترضة على نتائج الانتخابات العراقية، التي جرت في العاشر من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، غير متوافقة بشأن قرارات المحكمة الاتحادية التي صدرت، اليوم الاثنين، برد دعوى الطعن بالنتائج، المقدمة من قبل زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، ومن ثم المصادقة على نتائج الانتخابات.
وفي وقت سابق من اليوم، ردّت المحكمة الاتحادية الدعوى، معتبرة أن البت في الطعون على نتائج الانتخابات من اختصاص الهيئة القضائية الانتخابية التابعة لمجلس القضاء الأعلى، ومن ثم صادقت رسمياً على نتائج الانتخابات.
وعقب إصدار القرارات، بدا التباين واضحاً بين قوى "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى الشيعية الرافضة لنتائج الانتخابات.
وعبّر زعيم الإطار، نوري المالكي، عن إحباطه من القرارات، وعلق في تدوينة له على "تويتر" قائلاً: "كان متوقعاً ولأسباب تتعلق بوضع البلد، أنه لا يمكن إلغاء الانتخابات وإعادتها، مع أن الخلل الواضح وبالوثائق والأدلة موجود. ولكن كنا نأمل من المحكمة الاتحادية أن تنصف المتضررين من الكتل والقوائم، وما يتعلق بمشكلة الكوتا النسائية".
كان متوقعا ولاسباب تتعلق بوضع البلد، انه لا يمكن الغاء #الانتخابات واعادتها، مع ان الخلل الواضح وبالوثائق والادلة موجود. ولكن كنا نأمل من #المحكمة_الاتحاديه ان تنصف المتضررين من الكتل والقوائم، وما يتعلق بمشكلة الكوتا النسائية #المالكي
— Nouri Al-Maliki (@nourialmalikiiq) December 27, 2021
أما زعيم تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، هادي العامري، وهو الذي أقام دعوى الطعن بنتائج الانتخابات، بدا مجبراً على القبول بقرارات المحكمة، مشيراً إلى أنها "خضعت" لضغوط كبيرة.
وقال العامري، في بيان، إنه "من باب حرصنا الشديد على الالتزام بالدستور والقانون، وخوفنا على استقرار العراق أمنياً وسياسياً، وإيماناً منا بالعملية السياسية ومسارها الديمقراطي من خلال التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات، نلتزم بقرار المحكمة الاتحادية رغم إيماننا العميق واعتقادنا الراسخ بأن العملية الانتخابية شابها الكثير من التزوير والتلاعب، وأن المحكمة تعرضت إلى ضغوط خارجية وداخلية كبيرة جداً".
وشدد على أن "الطعون التي قدمناها إلى المحكمة الاتحادية كانت مُحكمة ومنطقية ومقبولة، ولو قدمت لأي محكمة دستورية في أي بلد يحترم الديمقراطية لكان ذلك كافياً لإلغاء نتائج الانتخابات".
في المقابل، أعلن رئيس تحالف "قوى الدولة الوطنية"، وهو جزء من "الإطار التنسيقي"، عمار الحكيم، قبوله بقرارات المحكمة.
وقال الحكيم، في بيان: "انطلاقا من إيماننا العميق بسيادة الدستور والقانون، نعبر عن التزامنا بقرار المحكمة الاتحادية بخصوص النتائج، بالرغم من ملاحظاتنا الجدية على العملية الإنتخابية"، مضيفاً: "فيما نجدد تهانينا للفائزين، نحثهم على العمل بما تتطلب مسؤوليتهم الملقاة على عاتقهم في خدمة الشعب والإسراع في تشكيل حكومة كفؤة ومنسجمة تجمع الأطراف الراغبة بالمشاركة فيها، والمستعدة لتحمل المسؤولية أمام الشعب العراقي". وشدد: "نجدد تأكيد موقفنا بعدم المشاركة في الحكومة القادمة".
ولم تبدِ حركة "حقوق" الممثلة لفصيل "كتائب حزب الله" موقفاً واضحاً إزاء القرارات، معتبرة أنها "تجاهلت الأدلة".
وقال عضو الحركة محسن السعيدي إن "المحكمة الاتحادية تأثرت بالضغوط السياسية الداخلية والخارجية، الأمر الذي جعلها تتجاهل جميع الأدلة المقدمة وتناقض نفسها في إدانة المفوضية العليا للانتخابات"، مبيناً أن "الضغط الذي تعرضت له المحكمة كان سياسياً للمضي في العملية السياسية وتجاهل القوى الأخرى التي سُرقت أصواتها".
وأشار إلى أن "المحكمة ناقضت نفسها أثناء إدانة المفوضية، فمن جهة اتهمتها بضياع أصوات الناخبين والمنتخبين، ومن جهة أخرى نفت جميع الأدلة والبراهين المقدمة لها من قبل الإطار التنسيقي إزاء الانتخابات".
ووسط أجواء من الترقب لما ستؤول إليه الفترة المقبلة، هناك مساعٍ لجمع قوى الإطار التنسيقي على موقف موحد إزاء قرار المحكمة الاتحادية.
ووفقاً لعضو في البرلمان السابق، فإن "ائتلاف المالكي بدأ بإجراء اتصالات مع زعامات قوى الإطار لعقد اجتماع مساء اليوم لبحث قرار المحكمة".
وأكد المتحدث ذاته، لـ"العربي الجديد"، أن "المالكي يسعى لتوحيد قوى الإطار وعدم تفرقها على إثر قرار المحكمة، سيما وأن هناك تبايناً واضحاً في مواقفها"، مبيناً أنه "من غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت جميع قيادات قوى الإطار ستحضر الاجتماع أم لا".
وأكد أن "زعيم الإطار يريد أن يخرج بموقف واحد لجميع قوى الإطار إزاء قرار المحكمة"، مشيراً إلى أن "الموقف الموحد قد يكون صعباً، وأن كل الاحتمالات مطروحة، سيما مع وجود قوى داخل الإطار التنسيقي أعلنت قبولها بقرارات المحكمة".
في الأثناء، خفف أنصار القوى المعترضة على نتائج الانتخابات البرلمانية من تصعيدهم الاحتجاجي الذي بدؤوه صباح اليوم الاثنين، أمام بوابات المنطقة الخضراء التي تضم السفارة الأميركية ومقار البعثات الدبلوماسية والمباني الحكومية، فيما أكد شهود عيان انسحاب المحتجين نحو خيم الاعتصام.
ومنذ صباح اليوم، صعّد أنصار القوى الرافضة لنتائج الانتخابات احتجاجاتهم في بغداد، بالتزامن مع جلسة المحكمة الاتحادية.
ووفقاً لشهود عيان تحدثوا لـ"العربي الجديد"، فإن "أغلب المحتجين انسحبوا إلى خيمهم، من دون معرفة الأسباب"، مشيرين إلى أن "الانتشار الأمني المكثف مازال مستمراً، وأن عناصر الأمن يقطعون العديد من الطرق".
وشهدت بغداد، منذ ساعات الصباح الأولى، تشديداً أمنياً وانتشاراً واسعاً، وقطع عدد من الطرق والجسور القريبة والمؤدية إلى المنطقة الخضراء، تحسباً لخروج الاحتجاجات عن السيطرة.
ويُعدّ تحالف "الفتح"، الذي يمثل "الحشد الشعبي" سياسياً في العراق، أحد أبرز القوى التي لم تحقق نتائج مهمّة في الانتخابات العراقية 2021، وحلّ متأخراً من ناحية عدد المقاعد البرلمانية بواقع 17 مقعداً فقط (من أصل 329)، بعد أن كان يشغل قرابة 50 مقعداً في البرلمان السابق.