تبون إلى الدوحة للمشاركة في قمة منتدى الغاز: القمة العربية وسورية ولقاء مع الرئيس الإيراني على أجندة الزيارة
غادر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، اليوم السبت، الجزائر متوجها إلى قطر في زيارة وصفتها الرئاسة الجزائرية بأنها زيارة "دولة"، يلتقي خلالها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لمناقشة ملفات العلاقات الثنائية والتعاون الاقتصادي، وملفات سياسية على رأسها مؤتمر القمة العربية المقرر في الجزائر، إضافة إلى مشاركته في القمة السادسة، لرؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز التي تنعقد في الدوحة يوم الثلاثاء.
اختار الرئيس الجزائري تبون الدوحة على بروكسل حيث انعقدت القمة الأوروبية الأفريقية، وإذا كان لهذا الاختيار من دلالة سياسية، فإنها ستكون تعبيرا عن رغبة جزائرية واضحة في مزيد من تعزيز العلاقات مع قطر بالنظر إلى الأهمية السياسية والاقتصادية للعلاقات بين البلدين، وللدور الإقليمي البارز الذي باتت تلعبه الدوحة على المحورين العربي والدولي، في ظل متغيرات متسارعة في التحالفات السياسية والاقتصادية، إضافة إلى متطلبات يفرضها توجه الجزائر نحو استعادة حضورها في العمق العربي، وخاصة أنها تجهز لاحتضان القمة العربية المقبلة.
التوجّه شرقا
وتعطي زيارة الرئيس تبون إلى الدوحة التي تتزامن مع قمة منتدى الدول المصدرة للغاز، مؤشرات واضحة على تعديل الجزائر لوجهتها الاقتصادية نحو التوجه شرقا وتعزيز الاتصال السياسي والاقتصادي مع الدول العربية، يفسر ذلك زيارات الرئيس تبون إلى الرياض والقاهرة وتونس، واستقباله للرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، ووجود زيارة مؤجلة إلى أنقرة كان مقررا أن تتم في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
سيغة: بتفضيل تبون قمة الدوحة على قمة بروكسل تتضح معالم نوايا القيادة الجزائرية الحالية بعد عقدين طغى فيهما تشابك علاقات الجزائر مع أوروبا على حساب الشرق العربي.
وفي السياق، يؤكد الباحث في الشؤون السياسية عمار سيغة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على "محور العلاقات الخارجية الجزائرية، إذ إن قمة الدوحة لا تقل أهمية في الوقت الراهن، فبعد القمتين الأفريقية والأوروبية، على الرغم من دعوة من الاتحاد الأوروبي بإيعاز من فرنسا لإعادة صياغة شراكة جديدة بين القارتين الأفريقية والأوروبية، جاءت زيارة تبون إلى الدوحة تعزيزا للتفاهمات بين قطر والجزائر، أعتقد أن الجزائر أخذت القرار الصحيح، بتفضيل قمة الدوحة على قمة بروكسل، ومن هنا يمكن القول إن معالم نوايا القيادة الجزائرية الحالية بدأت تتضح أكثر فأكثر، بعد عقدين طغى فيهما تشابك علاقات الجزائر مع أوروبا على حساب الشرق العربي، إذ لم تنتج قيمة مضافة بالنسبة للجزائر، وهو ما يفهم من هجوم الرئيس تبون على الاتحاد الأوروبي واتخاذ قرار بمراجعة اتفاقية الشراكة".
عودة سورية إلى الجامعة العربية
ويحضر في الزيارة إلى الدوحة البعد السياسي خلال المباحثات السياسية التي سيجريها الرئيس تبون مع أمير قطر، وعلى رأس الملفات السياسية القمة العربية المقررة في الجزائر، المرجح عقدها نهاية أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل، إذ تسعى الجزائر لكسب إسناد سياسي من قطر بشأن بنود وموضوعات القمة، وإذا كانت الجزائر والدوحة على وفاق بشأن عدد من الملفات ذات الصلة، على غرار إعادة مركزية القضية الفلسطينية في صلب العمل العربي المشترك، والأزمة في ليبيا، فإن ملفا واحدا تشهد فيه المواقف حالة من التباين بين البلدين، يتعلق بمسألة عودة سورية إلى الجامعة العربية، إذ لا تدعم قطر عودتها في الوقت الحالي، بينما تطرح الجزائر مقاربة عودة سورية بما يتيح فرصة أكبر لدور عربي في حل الأزمة السورية.
ويعتقد المحلل السياسي ورئيس مركز الجزائر الدولي في إسطنبول، إدريس ربوح، أن "موضوع عودة سورية للجامعة هو موضوع الخلاف الرئيسي بين الدولتين ولعل الزيارة كفيلة بتحقيق توافقات تراعي تطورات الوضع في سورية والمصالحات البينية بين الكثير من الدول العربية وسورية التي كان لها دور رئيسي في شغور منصبها في الجامعة العربية. خاصة أن التوجه الجديد لتركيا حليفة قطر من ناحية تحسن علاقاتها مع مصر والإمارات والسعودية وقبولها بفتح صفحة جديدة مع السوريين دون اشتراط ذهاب الأسد وذلك لأول مرة تعتبر مؤشرات على نضج عودة سورية للجامعة العربية، مضيفا أن "الجزائر تريد حلحلة الأمر مع قطر بتفاهمات سياسية تكون مدخلا لجعل القمة العربية المقبلة قمة إنجازات في العمل العربي المشترك وتحقيق تقدم في ملف القضية الفلسطينية عبر بوابة المصالحة الوطنية وتوقيف التنازلات العربية الفردية مع الاحتلال الإسرائيلي بدون مقابل كما حدث في موجة التطبيع الأخيرة. وفي هذا الباب تتقاطع الجزائر وقطر في ضرورة الحفاظ على اللحمة العربية في التعاطي مع الملف والإصرار على مخرجات قمة بيروت 2002 والمبادرة العربية التي هي محل إجماع".
هناك تباين في الموقف حيال عودة سورية إلى الجامعة العربية فقطر لا تدعم عودتها في الوقت الحالي بينما تطرح الجزائر عودة سورية لإتاحة فرصة أكبر لدور عربي في حل الأزمة السورية
لقاء مع الرئيس الإيراني على الأجندة
ويلتقي تبون الاثنين المقبل، في الدوحة بالرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لبحث العلاقات بين البلدين، حيث تعرف العلاقات بين الجزائر وطهران تطورا لافتا خلال السنوات الماضية، خصوصا بعد سلسلة زيارات متبادلة بين رؤساء الجزائر وإيران منذ الزيارة الأولى للرئيس الجزائري السابق، عبد العزيز بوتفليقة، في أكتوبر/تشرين الأول 2003، تلتها زيارة للرئيس الإيراني السابق، محمد خاتمي بزيارة، إلى الجزائر في أكتوبر 2004.
وقام الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، بزيارة إلى الجزائر في أغسطس/ آب 2007، وزيارة أخرى للرئيس بوتفليقة إلى طهران في أغسطس/ آب 2008، ثم زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، في ديسمبر/ كانون الأول 2015 إلى الجزائر.
الاقتصاد والطاقة
على الصعيد الاقتصادي يرافق الرئيس تبون في الزيارة وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، ومدير عام مجمع سوناطراك، توفيق حكار، اللذان يشاركان في الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنتدى الدول المصدرة للغاز، والذي يشرف عليه وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد بن شريدة الكعبي. كما يلتقي الرئيس في آخر يوم لزيارته مع رجال الأعمال والمستثمرين القطريين، لبحث قضايا الاستثمار في الجزائر، وتقديم صورة عن الامتيازات التي تقدمها الجزائر للمستثمرين والقطاعات الحيوية التي تعرضها الجزائر أمام المستثمرين الأجانب.
وعلى غرار ما تم خلال زياراته إلى تونس والقاهرة، يلتقي الرئيس تبون مع عدد من أفراد وإطارات الجالية الجزائرية المقيمة في قطر، حيث تم إعداد لائحة من 25 كادرا جزائريا يعملون في قطر في مختلف مجالات الصناعة والطاقة والإعلام، لحضور لقاء مع تبون.