تحذيرات من فرض واقع جديد في المسجد الأقصى: المستوطنون تجاوزوا "الخطوط الحمراء"
حذّر مسؤولون في القدس المحتلة، اليوم الأحد، من أن يكون ما جرى من انتهاكات في المسجد الأقصى خلال اقتحام المستوطنين، الذين بلغ عددهم في الجولة الصباحية أكثر من ألف مستوطن، مقدمة لمرحلة جديدة في المسجد.
وقال مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس عزام الخطيب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المستوطنين استباحوا كل ما هو محظور في السابق خلال اقتحامهم المسجد الأقصى"، وأنهم أدوا صلوات ورقصات و"انبطاحات" دينية على الأرض.
وأضاف الخطيب: "ما يقال عن الوضع الديني في الأقصى، قام المستوطنون بتغييره اليوم، تحت أعين شرطة وحكومة الاحتلال (...) ما جرى اليوم في المسجد الأقصى شيء خطير لم نعهده في السابق (...) كنا نرى شرطة الاحتلال تتحرك لمنع المستوطنين إن لم تكن الأمور مسموحاً بها، أما ما حدث اليوم فقد تركت الأمر لاستباحة المستوطنين كل شيء في المسجد الأقصى من الناحية الدينية".
بدوره، قال مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني، لـ"العربي الجديد"، إنه ينظر بخطورة إلى ما قام به المستوطنون "من رقص ورفع أعلام الاحتلال، وأداء صلوات تلمودية برعاية شرطة الاحتلال".
وأشار الكسواني إلى أن الاحتلال يريد أن يفرض مرحلة جديدة داخل المسجد الأقصى، محملًا حكومة الاحتلال كامل المسؤولية لما يجري، وأي ردة فعل عليها، فيما قال إن "الاحتلال يريد أن يؤسس لمرحلة جديدة في المسجد الأقصى المبارك"، داعيًا الأمة الإسلامية والعربية للنظر بعين الخطورة لما يجري في المسجد الأقصى.
وأكد الكسواني أن 1044 مستوطنًا ومستوطنة بواقع 18 مجموعة اقتحموا باحات المسجد الأقصى، حيث تضم كل مجموعة بين 50 و65 مستوطنًا.
في هذه الأثناء، قال القيادي في "حركة فتح" في القدس ناصر قوس، لـ"العربي الجديد"، إن "ما جرى في القدس والمسجد الأقصى يوم أسود في تاريخ القدس والمسجد الأقصى"، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال اعتدت على المرابطين والمرابطات وسمحت للمستوطنين بارتكاب انتهاكات لم تحصل من قبل في الأقصى، مثل السماح لهم بأداء صلوات تلمودية والرقص ورفع الأعلام الإسرائيلية، من دون أن تتعرض لأي منهم.
وفي الوقت الذي حمل فيه القيادي في "حركة فتح" في القدس الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها نفتالي بينت، مسؤولية ما يجري أو قد يجري اليوم، خاصة خلال "مسيرة الأعلام"، محذرًا من التصعيد في ظل ما قد يجري من اعتداءات على المقدسيين في البلدة القديمة من القدس خلال المسيرة.
واعتبر مسؤولون في الأوقاف ومحللون سياسيون فلسطينيون أن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء في اقتحاماته للمسجد الأقصى صباح اليوم، مؤكدين أن المستوطنين الإسرائيليين الذين اقتحموا المسجد الأقصى صباح اليوم، وبلغ عددهم أكثر من ألف مستوطن، قد تجاوزوا كل المحظورات، ما يعني أن "مسيرة الأعلام" المخطط أن تنطلق في الرابعة من عصر اليوم "ستكون الأضخم منذ سنوات".
وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية عادل شديد، لـ"العربي الجديد": "إن إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء.. ممنوع اعتبار ما حدث صباح اليوم أمرا عاديا".
وأكد شديد أن "ما حدث في المسجد الأقصى صباح اليوم، من اقتحامات واعتداءات، ومنها للمستوطن الإرهابي عضو الكنيست إيتمار بن غفير، ورفع الأعلام الإسرائيلية والرقص والصلاة اليهودية داخله، يعتبر أخطر من "مسيرة الأعلام""، مؤكدًا أن "إسرائيل ستسجل نقاطًا كثيرة حال عدم رد الفصائل الفلسطينية، خاصة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وستلغي الإنجازات التي حققتها الفصائل العام الماضي عن طريق إعادة فرض قواعد اشتباك جديدة، مضمونها أن القدس والأقصى شأن إسرائيلي بحت، ويمنع على غزة أن تتدخل فيه".
بدوره، علق الباحث في شؤون المقدسات في القدس زياد بحيص، في تصريحات صحافية، معلقاً على فيديوهات وصور "السجود الملحمي" لمئات المستوطنين في القدس، قائلاً: "هذه الصور حد فاصل بين زمانين؛ زمان الاقتحام الصهيوني تحت مسمى الزيارة، وزمان أداء الطقوس والتعامل مع المسجد الأقصى بوصفه هيكلاً قائماً".
وتابع بحيص: "لم يحصل في تاريخ الأقصى منذ احتلاله أن شهد سجوداً ملحمياً بهذا الشكل أو العدد؛ هذه لحظة حقيقة يجب أن يتغير من بعدها الكثير؛ وإلا فالصور التالية ستكون للبوق والشمعدان والقربان".
ونفذ نحو 1044 مستوطناً على الأقل اقتحاما للمسجد الأقصى صباح اليوم، في الجولة الأولى للاقتحامات، وستكون الجولة الثانية نحو الواحدة ظهرا، وستستمر حتى الثانية والنصف من بعد الظهر.
وقام المستوطنون باقتحام المسجد الأقصى ورفع الأعلام الإسرائيلية داخله وفي باحاته، كما قاموا بما بعملية "السجود الملحمي" فيه، والرقص الاستفزازي على عدة أبواب في المسجد الأقصى، منها العامود، والسلسلة، والقطانين، في استباحة كاملة للمسجد الأقصى تحت حماية مئات من جنود الاحتلال الذين اعتدوا على الفلسطينيين وقاموا باعتقال كل من وقعت أعينهم عليه، في عدد غير معروف بعد.
وفي الوقت الذي تسمح فيه الشرطة الإسرائيلية لقطعان المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى، نفذت شرطة الاحتلال عمليات اعتقال في مناطق مختلفة من الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، ومنعت حافلات من أم الفحم من الوصول للمسجد الأقصى.
وفي السياق ذاته، نقل إعلام الاحتلال خبر مصادقة حكومته على تخصيص مليار شيكل لتهويد القدس، وذلك بعد عدة سنوات كانت فيها قرارات الحكومة الخاصة في "يوم القدس" محدودة بسبب نقص الموازنات والحكومات الانتقالية.
وبحسب الخبر، ستتم المصادقة على خطة اقتصادية خمسية جديدة للقدس، وخطة لتوسيع أنشطة جمعية "إلعاد" اليمينية في شرقي القدس، والتي ستشمل حفر نفق جديد بالقرب من المسجد الأقصى، الأمر الذي يعتبر رسالة إسرائيلية للعالم الإسلامي والعربي أن إسرائيل ماضية في تهويد القدس.
مطالبات فلسطينية للمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لما يجري في الأقصى
إلى ذلك، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن "إسرائيل تلعب بالنار بلا مسؤولية وبتهور شديد" من خلال السماح للمستوطنين بتدنيس المقدسات في القدس المحتلة وتصعيد عمليات القتل.
أشادت "حماس" بتصدي المرابطين لاقتحام المستوطنين الأقصى المبارك، داعية إلى "مواصلة النفير والزحف طيلة اليوم
وأضاف أبو ردينة، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، اليوم الأحد، أن إسرائيل تستهتر بالمجتمع الدولي، ولا تحترم قرارات الشرعية الدولية، وتعتبر نفسها فوق القانون، مطالباً المجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأميركية، بتحمل مسؤولياتها، تجاه ما يجري وعدم التعامل بازدواجية.
وأوضح أبو ردينة أن إجراءات الاحتلال في القدس المحتلة تتناقض مع قرارات مجلس الأمن، الذي يعتبر القدس ضمن الأراضي المحتلة عام 1967، مؤكداً أن "إسرائيل أصبحت دولة معزولة في العالم جراء جرائمها، وعدم التزامها بالقرارات الدولية".
بدورها، حملت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية في بيان، الحكومة الإسرائيلي المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الاقتحامات والصلوات التلمودية في باحات الأقصى ونتائجها على ساحة الصراع، وتداعياتها على المنطقة برمتها، خاصة من حيث اعتبارها دعوة إسرائيلية رسمية صريحة إلى الصراع الديني لإخفاء طابع الاحتلال للوجود الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة عامة، وفي القدس بشكل خاص.
وطالبت المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية تجاه القدس ومقدساتها، واحترام مواقفهم المعلنة وترجمتها إلى إجراءات عملية وضغوط على دولة الاحتلال لوقف استباحتها للمسجد الأقصى المبارك.
كما أشاد رئيس المكتب السياسي لـ"حركة حماس" في الخارج، خالد مشعل، بالمرابطين في الأقصى، ودعاهم إلى مواصلة النفير طيلة اليوم، قائلاً في بيان، إن "المسجد الأقصى سيظل إسلامياً خالصاً ولا سيادة فيه إلّا لشعبنا".
وفي بيان منفصل، أشادت "حركة حماس" أيضًا بتصدي المرابطين لاقتحام المستوطنين بحماية قوات الاحتلال، المسجد الأقصى، داعية إلى "مواصلة النفير والزحف طيلة اليوم، تأكيداً على عروبة القدس وإسلامية المسجد الأقصى".
بدوره، أكد القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي" خضر عدنان، في تصريحات صحافية، أن "المطلوب اليوم أكبر من انتفاضة لمواجهة التغول على الأقصى"، لافتاً إلى أن "إدارة الظهر لما يجري فيه يمنح الاحتلال قرارًا بتدميره ونسفه".
وشدد القيادي عدنان على ضرورة أن "لا تكون الانتفاضة فقط في غزة والضفة والداخل، بل أيضاً على مستوى ساحات الشعوب العربية والإسلامية، لما يمثله الأقصى من أهمية إسلامية وعربية". وأكد عدنان على أن "دور الأمة يتعاظم بشكل أكبر في توجيه الدعم لمقاومة الشعب الفلسطيني، والانتفاضة في وجه محاولات التطبيع".