تحركات غير معلنة لتشكيل تحالفات قد تغير موازين الواقع الليبي

30 أكتوبر 2022
استعراض عسكري لقوات حفتر (فيسبوك)
+ الخط -


تدور في كواليس المشهد الليبي تحركات غير معلنة لربط تحالفات جديدة، قد تفضي إلى تغير في موازين الوضع الراهن الغامض. 

وتتعلق هذه التحركات باجتماعات بين قادة في الداخل والخارج الليبي، من بينها اجتماعات غير معلنة احتضنتها بنغازي شرق البلاد، والزنتان غرب البلاد، لمناقشة ربط حلف بين قادة عسكريين للإعداد لحملة عسكرية جديدة على العاصمة طرابلس، قابلتها زيارة معلنة لقادة طرابلس إلى تركيا لتوقيع اتفاقيات لتطوير دفاعاتها الجوية. 

وحول تفاصيل تلك التحركات، كشفت مصادر ليبية متطابقة، لـ"العربي الجديد"، النقاب عن احتضان بنغازي لقاء ثلاثياً، في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، ضم قائد مليشيات خليفة حفتر، ورئيس حكومة مجلس النواب فتحي باشاغا، وآمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة جويلي، لمناقشة مقترح من الأخير يقضي بتشكيل قوة عسكرية كبيرة مؤلفة من مليشيات حفتر ومصراته والزنتان، لمحاولة دخول طرابلس عسكرياً، وإجبار حكومة الوحدة الوطنية على ترك طرابلس. 

وفيما أشار أحد المصادر، وهو عسكري مقرب من قيادة حفتر، إلى أنه تقرّر بعد لقاء بنغازي عقد لقاءات أخرى لاستجلاء آراء قادة المجموعات المسلحة في غرب البلاد، أكد أن الاستعراض العسكري، الذي نظمه حفتر في سبها أخيراً، يتعلق بنقل عدد من وحدات مليشيات إلى الجنوب ووضعها في طور الاستعداد للتحرك في أوقات لاحقة. 

وكان حفتر قد نظّم استعراضاً عسكرياً في 17 من أكتوبر الحالي، بمدينة سبها جنوب البلاد، أثار استفهاماً حول توقيته وأسبابه، خصوصاً أن وحدات من "اللواء 106 مجحفل"، و"اللواء 128 معزز"، و"اللواء طارق بن زياد"، وهي أبرز وأقوى مليشياته، شاركت فيه. 

وأثناء الاستعراض دعا حفتر إلى "انتفاضة شعبية ضد الطبقة السياسية"، معلناً عن جاهزية قواته لحماية الشعب في حال انتفاضته لتغيير الواقع. 

وتابع المصدر نفسه حديثه بالقول إن "اجتماع بنغازي أعقبه لقاء في الزنتان بين الجويلي والرائد المبروك محمد قائد المليشيا 155 التابعة لحفتر، بمشاركة قائد مليشيا ثوار طرابلس أيوب بوراس، وبشير البشه ممثلاً عن هيثم التاجوري، وقائد مليشيا 77، اللتين طردتا من طرابلس خلال الاشتباكات التي شهدتها العاصمة في الأشهر الماضية"، مشيراً إلى أن لقاء الزنتان شدد على ضرورة توحيد القوى العسكرية للسيطرة على طرابلس. 

واستدرك المصدر ذاته بأن حفتر لديه قلق "من هشاشة الموقف العسكري في غرب البلاد، لا سيما انقسام الموقف العسكري في مدينة مصراته والاختلاف الكبير في مواقف قادة مجموعات مسلحة في ورشفانة"، ما يراه المصدر سبباً كافياً لإمكانية فشل خطط ربط حلف عسكري موحد للسيطرة على طرابلس. 

وفي المقابل، لم تخف حكومة الوحدة الوطنية استعدادها لاحتمالات التصعيد العسكري الذي برز أول ملامحه في تنفيذ اللواء 444 قتال، أكبر الألوية العسكرية التابعة لها، مناورة عسكرية في منطقة بني وليد (180 كم جنوب شرق طرابلس)، بعد يومين من استعراض حفتر لقواته في سبها. 

وفيما أعلن اللواء 444 أن مناوراته هدفها "رفع المستوى القتالي لوحدات الجيش الليبي، والذي يُحاكي معركةً حقيقيّة بالدبابات بين الجيش وقوّات العدوّ"، أعلن عقبها عن نشر عدد من وحداته في مدينة ترهونة (95 كم جنوب شرق طرابلس). 

وفي ذات الاتجاه أعلنت حكومة الوحدة الوطنية عن توقيع رئيسها عبد الحميد الدبيبة بحضور رئيس أركان الجيش التابع له الفريق محمد الحداد اتفاقاً جديداً في تركيا لرفع القدرات العسكرية للطيران الحربي للجيش الليبي. 

وبالإضافة لتعزيز مواقع الحكومة العسكرية في ترهونة وبني وليد، شرق العاصمة، يسعى لتعزيز أحلافه في مناطق غرب العاصمة، فقد كشفت ذات المصادر الحكومية عزم الدبيبة على تكليف آمر قوة الأمن العام، الرائد عماد الطرابلسي، المنحدر من الزنتان، بمنصب وزير الداخلية بحكومته، سعياً منه لربط أحلاف مع قوى الغرب الليبي، وتحديداً مدينة الزنتان لإضعاف قوة الجويلي، الذي ينحدر هو الآخر من الزنتان، وللحد من نفوذه في المنطقة الغربية. 

ورغم كثافة هذه التحركات المكتومة لبناء تحالفات جديدة، إلا أن الباحث السياسي أشرف النيهوم، يرى أن أي تصعيد عسكري لدرجة اندلاع حرب جديدة، وتحديداً في طرابلس، يحتاج سياقاً إقليمياً ودولياً، وقال "هو ما يتوفر حتى الآن، على الرغم من تصاعد الخلاف بين دول شرق المتوسط على خلفية اتفاق الاستثمار النفطي الموقع بين تركيا وطرابلس". 

ويرجح النيهوم، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تؤثر هذه التحركات في فرض واقع جديد أمام المساعي الأممية الجديدة التي قد تهدف إلى دفع البلاد نحو مرحلة سياسية جديدة، مضيفاً "إذا تمكنت هذه الأحلاف من فرض نفسها، بتشجيع ودفع من أطراف إقليمية، وخلفت حالة جديدة من التشظي، سيصبح من الصعب وربما المستحيل إنجاز انتخابات في موعد قريب". 

ويلفت النيهوم إلى أن تحركات المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي باتجاه إحياء حوار المسار العسكري تأتي في سياق الحد من أي تصعيد، معتبراً أنه مؤشر على استشعار المجتمع الدولي لحالة التحضير لتصعيد مقبل. 

وفي أول عمل له بعد تسلمه لمهامه، دعا باتيلي اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 لتجديد اجتماعاتها، وأشرف على أول لقاء لها الخميس الماضي في مقرها الرسمي بمدينة سرت. 

وقبيل بدء اجتماع اللجنة كتب باتيلي تغريدة، بمناسبة أسبوع نزع السلاح، أكد خلالها استعداد البعثة الأممية تقديم الدعم الفني للجنة 5 + 5 لتسريع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك وضع تنظيم حيازة السلاح تحت سيطرة الدولة.