أنذرت "هيئة تحرير الشام" فصيل "الفرقة الأولى الساحلية" التابعة لـ"الجبهة الوطنية للتحرير" في صفوف "الجيش الوطني السوري" بإخلاء نقاطها عند خطوط التماس مع قوات النظام السوري في جبل التركمان بريف اللاذقية، وتسليمها لقوات الهيئة هناك.
وقالت مصادر من "الفرقة الأولى الساحلية"، فضّلت عدم ذكر اسمها لدواعٍ أمنية، إن توتراً حدث بين الفرقة و"هيئة تحرير الشام" في منطقة جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي الشرقي، تبعه إنذار من الهيئة لمجموعات الفرقة بالانسحاب من النقاط المتقدمة في خطوط التماس مع قوات النظام السوري.
وذكرت المصادر أن الخلاف جاء بعد انتقادات من عناصر وقياديين لتحركات عناصر الهيئة في خطوط التماس، من دون تنسيق مع مواقع الفرقة، مما عرّض مواقع الفرقة للقصف من قوات النظام السوري.
وبحسب المصادر، لم تتخذ قيادة "الفرقة الأولى الساحلية"، حتى اليوم، قراراً واضحاً بالانسحاب أو مواجهة الهيئة، علماً أنه لن تكون للانسحاب وجهة واضحة، لكنه إن حدث، فغالباً ما سيكون نحو مناطق سيطرة "الجيش الوطني" في حلب.
وأكدت المصادر أنه لا يوجد أي بوادر على الأرض لنية تصعيد عسكري من الطرفين، وليست هناك عمليات استنفار أو حشد خاصة من جانب الفرقة، التي لا تبدو قواتها قادرة على مواجهة الهيئة.
وأشارت المصادر إلى أن الحادثة ليست الأولى من نوعها، وقد حصلت مع تشكيلات أخرى من الجيش الوطني السوري سابقاً، في محاور التماس مع النظام، وتطورت التهديدات إلى اشتباكات مسلحة أدت لخسائر بشرية، قبل استيلاء الهيئة على النقاط في خطوط التماس، والانسحاب منها لاحقاً، تحت تأثير ضربات النظام السوري والطيران الروسي.
وبحسب المصادر يبدو أن "الهيئة"، بقيادة أبو محمد الجولاني، تسعى للسيطرة الكاملة على خطوط التماس مع النظام، بالإضافة لتوسيع نفوذها على حساب فصائل المعارضة، وتأتي التهديدات الأخيرة للفرقة في ظل التغيرات الحالية، وخاصة التقارب التركي والعربي من النظام.
تأسست "الفرقة الأولى الساحلية" في منتصف عام 2014 إثر اندماج أربعة فصائل مسلحة هي: "لواء العاديات، العاصفة، اللواء الأول، لواء النصر".
وكبّدت بعد شهور من تأسيسها قوات النظام خسائر في معارك متفرقة في إدلب واللاذقية، واشتهرت باستخدامها صواريخ أميركية مضادة للدروع، من نوع "تاو"، التي كان لها أثر في المعارك مع قوات النظام، خاصة في تدمير دباباته.
ودخلت الفرقة في تشكيلات "الجيش الوطني السوري" ضمن تشكيل "الجبهة الوطنية للتحرير"، التي تضم 15 فصيلاً، أشهرها "فيلق الشام" و"لواء شهداء الإسلام".
بعد تقدم النظام في حماة وإدلب وحلب، تركزت جهود الفرقة الدفاعية على خطوط التماس، في محاور جبلي التركمان والأكراد بريف اللاذقية، وهي جبهة تشهد بين الحين والآخر استهدافات متبادلة بين الطرفين.
الإدارة الذاتية تجلي سوريين من السودان
على صعيد آخر، أعلنت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سورية عن إجلاء 341 سورياً من السودان إلى مناطقها، وذلك عبر تسيير ثلاث رحلات جوية، في وقت اتهم لاجئون سوريون في السودان شركة "أجنحة الشام" المقربة من النظام ببيع حجوزاتهم للإدارة الذاتية.
وذكرت "الإدارة الذاتية" في بيان اليوم الأربعاء أنها أعادت أكثر من 150 شخصاً في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، وتم إيصالهم لمدينة القامشلي شمال شرقي سورية، إضافة إلى 18 شخصاً وصلوا إلى القامشلي أيضاً في رحلة أخرى، بينما حملت رحلة ثالثة 170 شخصاً، بينهم أطفال ونساء، إضافة لثلاثة جثامين، وحطت في العاصمة دمشق.
وقال البيان، الذي حمل توقيع دائرة العلاقات في الإدارة الذاتية أن عدد العالقين الذين أجلتهم الإدارة الذاتية بلغ حتى الآن 341 شخصاً، ضمنهم أطفال ونساء ورضع خلال مايو/ أيار الجاري إضافة لثلاثة جثامين، على متن 3 رحلات.
وأضاف: "هذه المحاولات تأتي في سياق مبادرة الإدارة الذاتية التي انطلقت في 18 إبريل/ نيسان وتضمنت في أحد بنودها إعادة اللاجئين لمناطقهم الأصلية من الذين فروا إلى خارج سورية، وكذلك استجابة فورية لنداء الأهالي العالقين في السودان".
وكانت الإدارة الذاتية شكلت في 27 إبريل الماضي لجنة تهدف لمساعدة السوريين المنحدرين من مناطق سيطرتها العالقين في السودان للعودة، عن طريق استقبال المعلومات وتقديم المشورة اللازمة وخريطة العودة للعالقين.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، قالت إحدى العائدات: "خرجنا من الخرطوم في ظروف صعبة وجرت اشتباكات من حولنا، وبقينا في الخرطوم نحو شهر وسط الاشتباكات، قبل أن نتمكن من الوصول إلى بورتسودان، وأقمنا هناك مع الكثير من السوريين، وكانت الظروف صعبة كثيراً".
وتابعت: "وضعونا في مكاتب في ظل ظروف معيشية صعبة، فالماء كان مالحاً ولم تكن هناك إمكانية للخروج وتم رفع سعر تذاكر السفر ولم يكن بالإمكان الحصول عليها والخروج، ولم يتصل بنا أحد".
غير أن سوريين اشتكوا في المجموعات على "واتساب" التي تضم سوريين عالقين في السودان من أن شركة "أجنحة الشام" المقربة من النظام في دمشق قد باعت حجوزاتهم للإدارة الذاتية لأنها دفعت لهم مبالغ أكبر، وأنه تم إلغاء العديد من الحجوزات باتجاه دمشق، واستبدالها بأشخاص آخرين يقيمون في مناطق شرق سورية، تحت سيطرة "الإدارة الذاتية".
ووصفت سيدة تدعى "أم نسمات" على المجموعة ما قامت به شركة "أجنحة الشام" بأنه "سقوط أخلاقي مدوٍّ".
وذكر أحد الأشخاص أنه حجز للسفر إلى دمشق على متن رحلة تعود لهذه الشركة مع صديقه الكردي، لكن تم إلغاء رحلته إلى دمشق بينما وصل صديقه إلى القامشلي.
وكان وصل إلى مطار دمشق 390 سورياً من مدينة بورتسودان عبر رحلتين جويتين خلال الشهر الحالي، وفق ما ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام التي أشارت إلى أن الرحلة الأولى ضمت 191 شخصاً، بينهم 21 طفلاً، بينما شملت الرحلة الثانية 199 شخصاً، بينهم 60 طفلاً، وسبقها إجلاء المئات من السوريين من المدينة نفسها بحراً إلى السعودية.
ويواجه السوريون في السودان الذي يزيد عددهم عن 140 ألف شخص ظروفاً بعد الاقتتال الحالي في السودان بين القوات الحكومية و"قوات الدعم السريع، والذي تسبب بمقتل العديد منهم.