تحضيرات مبكرة للانتخابات الرئاسية المصرية 

20 يونيو 2023
من الانتخابات الرئاسية المصرية في بني سويف، مارس 2018 (راجي ماجد/الأناضول)
+ الخط -

مع بقاء نحو 10 أشهر لانتهاء ولاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في إبريل/ نيسان 2024، ووجوب البدء في إجراءات الانتخابات قبل ذلك بـ120 يوماً، - ما يعني ديسمبر/ كانون الأول المقبل - أصبح المسؤولون في الحكومة في سباق مع الوقت من أجل إعداد الخطة لإجراء انتخابات رئاسية.

وعلم "العربي الجديد" أن أجهزة النظام لا تزال تعكف على صياغة خطة لإدارة عملية الانتخابات بشكل يضمن عدم وجود تهديد قوي للسيسي، وفي الوقت نفسه يبدو أمام العالم بشكل أكثر ديمقراطية، لكن مهمة تلك الأجهزة تواجه بعض الصعوبات.

تباين بين الأجهزة بشأن التجهيز للانتخابات

وقالت مصادر سياسية قريبة من دوائر الحكم في مصر إن "هناك تبايناً في وجهات نظر الأجهزة الأمنية (المتعددة) داخل النظام، بشأن التجهيز للانتخابات الرئاسية المقبلة".

وأوضحت أنه "بينما ينصح فريق من المسؤولين بضرورة الإفساح قليلاً لمساحة من المعارضة الهامشية، يتمسك الفريق الآخر بضرورة إحكام السيطرة على المشهد، وإجراء الانتخابات على الطريقة القديمة، والمتمثلة في اختيار منافس (موثوق) من قبل النظام، والدفع به لمنافسة السيسي، كما حدث في انتخابات 2018، عندما تم الدفع برئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى، وهو السيناريو الذي يميل إليه الرئيس".

وأضافت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد" شرط عدم الكشف عن هوياتها، أنها "لا تستبعد أن يكون إعلان رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة نيته الترشح لانتخابات الرئاسة جاء بتنسيق مع مسؤولين داخل النظام".

باسل عادل: الحديث عن انتخابات الرئاسة أمر سابق لأوانه

لكن المصادر لفتت، في الوقت ذاته، إلى أنه "إضافة إلى ذلك، يجري البحث عن مرشح آخر يتمتع بقدر من (المعقولية) ويميل أكثر إلى عمر (الشباب) للدفع به لمواجهة الرئيس، حتى لا تترك الساحة فارغة أمام المرشح المحتمل الوحيد حتى الآن من فئة الشباب، النائب السابق أحمد الطنطاوي، الذي أعلن أيضاً نيته الترشح" للانتخابات.

وقال أحد المصادر إن تأسيس "كتلة الحوار"، برئاسة النائب السابق باسل عادل، الذي شارك في تأسيس حزب المصريين الأحرار في إبريل 2011 بعد نجاح ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، ثم تنقل بعدها بين عديد الأحزاب الأخرى، "قد يكون مقدمة لإفراز مرشح رئاسي لمنافسة السيسي، برعاية النظام، لا سيما أنه أعلن عن تأسيس الكتلة بحضور السيسي في مؤتمر الشباب في الإسكندرية الأسبوع الماضي".

باسل عادل ينفي ترشحه للانتخابات
 

من جهته، نفى عادل، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، مسألة الترشح، قائلاً إن "هناك نية لتأسيس حزب سياسي في المرحلة المقبلة، لكن الحديث عن انتخابات الرئاسة بالنسبة لكتلة الحوار أمر سابق لأوانه، فليس لدينا مرشح، وليس لدينا انتخابات حالياً، والأمر ليس في حسباننا".

تقارير عربية
التحديثات الحية

كيان آخر كان قد أعلن عن تأسيسه قبل أعوام ثم اختفى عن الساحة، لكن الحديث عنه عاد مرة أخرى في الفترة الحالية، وهو ما يسمى بـ"التيار الليبرالي الحر"، الذي تسعى إلى تأسيسه بعض الشخصيات السياسية والعامة المنضوية في الأساس تحت مظلة ما يسمى بـ"الحركة المدنية الديمقراطية".

وكان قد تم الإعلان عنه بعد دعوة السيسي للحوار في إبريل 2021، واحتفت به وسائل إعلام تابعة للنظام، معتبرة أن "تدشينه جاء مع (انفراجة سياسية) بدأت بدعوة الرئيس للحوار، وتفعيل لجنة العفو الرئاسي"، الذي كان رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور عصمت السادات حلقة الوصل مع الأمن الوطني من أجل إعداد قوائم العفو.

ووسط حديث عن رغبة بعض الداعين لتأسيس "التيار الوطني الحر" بالترشح لرئاسة الجمهورية، وبينهم النائب السابق محمد أنور السادات، والنائب السابق رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، قال عصمت السادات، لـ"العربي الجديد"، إن "التيار الليبرالي الحُر هو تجمع يضم عدداً من الأحزاب الليبرالية المصرية: الإصلاح والتنمية، والمحافظين، والدستور، والاتحاد، ومن الممكن أن ينضم المصري الديمقراطي".

وأوضح أن "كل هذه الأمور ستحسم خلال الأيام المقبلة، بعد التوافق على وثيقة خلال أيام، ويتم طرحها سواء على أحزاب ليبرالية أو شخصيات عامة، ومن المنتظر أن نقوم بعقد مؤتمر صحافي نعلن من خلاله تدشين التيار الليبرالي الحُر قبل عيد الأضحى مباشرة" في 28 من الشهر الحالي.

وشدد على أنه "لا يوجد تعارض بين الحركة المدنية والتيار الليبرالي الحُر، من حيث كون أعضاء التيار ينتمون للحركة المدنية الديمقراطية، ولا يوجد أي انشقاق عن الحركة المدنية".

وقال: "تغلب على الحركة المدنية الديمقراطية التيارات اليسارية والقومية والناصرية، ولذلك فالتيار الليبرالي الحُر توجه فكري وسياسي، مطلوب منه أن يقدّم نفسه ويطرح أفكاره في الفترة المقبلة، ونحن بصدد الدخول في فترة الانتخابات، سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو محلية، لذلك فلا تعارض مطلقاً بين التيار والحركة المدنية ولا يوجد أي نوع من الانشقاق".

الطنطاوي يزور الحركة المدنية

وتصاعد حديث، في الأيام القليلة الماضية، حول خلاف نشأ داخل الحركة المدنية الديمقراطية بشأن دعمها لمرشح بعينه للمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وحتى الآن، لم تستقبل الحركة المدنية سوى المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي، الرئيس السابق لحزب الكرامة، قبل أيام، في زيارة طرح خلالها الطنطاوي بعض الأفكار المتعلقة بترشحه، والتي قال عنها عصمت السادات، لـ"العربي الجديد"، إنها "واجهت بعض الملاحظات من قبل أعضاء بالحركة".

وأضاف السادات: "جاء الطنطاوي لتقديم نفسه في بداية مشاوراته مع الحركة المدنية، ووضّح أنه عقد العزم على الترشح، وإنه بحاجة إلى الدعم والمساندة. بعض أعضاء الحركة المدنية كانت لديهم بعض الملاحظات، لكن الجميع رحب به وبخطوته الشجاعة والجريئة".

وتابع: "إنما الحركة بأحزابها وشخصياتها لا تزال في انتظار آخرين، ربما تكون لديهم رغبة في الترشح، كي تتم المفاضلة بين من لديه فرص أكبر أو قدرة أكبر على المنافسة وما إلى ذلك، والوقت حان ولا بد للحركة المدنية من إعلان موقفها من الانتخابات الرئاسية".

وتابع السادات: "أكدنا خلال الجلسة مع الطنطاوي على طرحنا لضمانات معينة للعملية الرئاسية، فلا بد أن تعلن الدولة، ممثلة في الحكومة أو الهيئة الوطنية للانتخابات أو أي جهة مختصة، عن حماية الضمانات والتأكد من استيفائها أولاً، بغض النظر عن أسماء المرشحين المحتملين. فهذه الضمانات هي التي تدفع الحركة المدنية لاتخاذ قرارها بوضوح بشأن المشاركة أو عدمها أو دعم مرشح معين. كما ستشجع المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية، وإلا لن نرى نسبة مشاركة في التصويت إذا شعر الناس أن الانتخابات مجرد عملية شكلية".

وحاول "العربي الجديد" الاتصال هاتفياً، وعبر الرسائل النصية، بأحمد الطنطاوي، للحصول على تعليقه في هذا الشأن، لكنها لم تلق استجابة من جهته.

طرح الطنطاوي على الحركة المدنية أفكاراً تتعلق بترشحه

المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية خالد داود، قال لـ"العربي الجديد"، حول الاجتماع مع الطنطاوي، إن "هذه هي المرة الأولى التي تجلس فيها الحركة المدنية الديمقراطية مع شخص يطرح نفسه كمرشح رئاسي، وكان الغرض من الجلسة الاستماع إليه ولخططه ورؤيته. وأهم رسالة قالها إنه ماضٍ في طريقه ونيته الترشح للانتخابات الرئاسية، بغض النظر عن أي تطورات يمكن أن تحدث على الساحة السياسية".

وأضاف داود: "خلال الجلسة مع الطنطاوي، سُئل عن موقفه من ضمانات العملية الانتخابية، وعن موقفه في حال لم يترشح أي شخص آخر غيره، وكان رده قاطعاً وحاسماً باستكماله عملية الترشح، حتى لو قررت الحركة المدنية دعم مرشح آخر". وتابع أن "البعض سأل الطنطاوي عن موقفه من جماعة الإخوان المسلمين، فأشار إلى أن جميع المصريين متساوون أمام القانون، وهذا هو الأمر الفيصل لكل المصريين".

وقال مصدر من داخل الحركة المدنية، رفض ذكر اسمه، إن "هناك أكثر من حزب داخل الحركة لديه تحفظات على دعم ترشح الطنطاوي لأسباب مختلفة، على رأسهم المصري الديمقراطي الاجتماعي ورئيسه فريد زهران، وكذلك حزب العدل، إلى جانب حزب الدستور، لأن جميلة إسماعيل ترى في نفسها أيضاً مرشحة محتملة للرئاسة، وترديد اسمها في هذه المرحلة بمثابة الدعاية".

وأضاف: "تضم الحركة المدنية العديد من الأشخاص من ذوي الأيديولوجية الناصرية، وحتى لو لم يتفقوا كلياً مع الطنطاوي، لكن لديهم حرج من عدم دعمه، فالطنطاوي فرد منهم ومحسوب على تيارهم وكان رئيساً سابقاً لحزب الكرامة".

عضو الحركة المدنية الديمقراطية، رئيس حزب الدستور السابق علاء الخيام، وأحد الداعين لتأسيس "التيار الليبرالي الحر"، قال لـ"العربي الجديد": "كان من الضروري أن يلتقي أحمد الطنطاوي بالحركة المدنية قبل لقائه بباقي الأطراف أو الشخصيات السياسية الأخرى، لأن الحركة المدنية تعتبر حالياً أكبر كيان معارض في مصر، سواء اتفقنا أو اختلفنا".

وأضاف: "البعض كان مؤيداً ومشجعاً لخطوة الطنطاوي للترشح، مثل حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وحزب الكرامة وحزب المحافظين وعدد آخر من الشخصيات العامة التي حضرت. لكن البعض كانت لديه بعض التحفظات على بعض آرائه، وهذا أمر طبيعي أن يوجد اختلاف في الآراء بين التيارات السياسية والفكرية".

اجتماع للحركة المدنية لمناقشة انتخابات الرئاسة

وأوضح أن "الاجتماع القادم للحركة المدنية يجب أن يناقش ملف انتخابات الرئاسة، وما هي المعايير التي يتم على أساسها الاختيار، وربما تكون هناك سيناريوهات عديدة: أن تتبنى الحركة وتدعم أحد المرشحين، أو تمنح كل حزب حرية الاختيار، أو تقرر الانسحاب وعدم المشاركة في الانتخابات. كل هذه السيناريوهات واردة، وستظهر المناقشات خلال الفترة المقبلة".

وقال الخيام إن "هناك نقطة يحاول النظام المصري مهاجمة الطنطاوي من خلالها، وهي أنه سيفتح الباب الخلفي لجماعة الإخوان المسلمين ويعيدهم مرة أخرى للحياة السياسية. الطنطاوي كان واضحاً في هذا الأمر، بأن مرجعيته القانون والدستور، وجميع المواطنين سواسية ولن يكون رئيساً لفصيل معين، وهذا ما ننادي به كتيار ثوري مدني".