تحفّظ أميركي مقابل "التفاؤل" الفرنسي حيال الأزمة الأوكرانية: هل يغرّد ماكرون خارج سرب الحلفاء؟

11 فبراير 2022
تدعم الولايات المتحدة بحذر الجهود الدبلوماسية التي يبذلها ماكرون (تيبولت كامو/فرانس برس)
+ الخط -

انعكست زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى روسيا، تفاؤلاً حذراً بشأن تجنيب أوكرانيا غزواً، في حين آثرت الولايات المتحدة التحفّظ إزاء هذا المسعى الدبلوماسي.

ومنذ أن التقى سيّد الإليزيه، الإثنين، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعياً لنزع فتيل الأزمة عند الحدود بين روسيا وأوكرانيا، آثر المسؤولون الأميركيون الصمت، وقد شكّك بعضهم في ما وصفته دول أوروبية بأنه تقدّم على مسار تجنّب اندلاع حرب. وقد شكّك مسؤولون أميركيون علناً بما أعلنه الرئيس الفرنسي حول تلقيه ضمانات من بوتين بشأن عدم لجوء روسيا إلى مزيد من التصعيد.

وتحشد روسيا حالياً أكثر من مئة ألف جندي، والكثير من الأسلحة والأعتدة العسكرية عند حدود جارتها الموالية للغرب، في خطوة تخشى الولايات المتحدة والدول الأوروبية من أن تشكل تمهيداً لغزو.

والثلاثاء، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي "بالتأكيد إن كان هناك تقدم دبلوماسي سنرحّب به"، مضيفة "نصدّق حين نشهد ذلك بأعيننا عند الحدود"، فيما سلّطت كبرى وسائل الإعلام الأميركية الضوء على تصريحات للكرملين من شأنها أن تكبح التفاؤل الفرنسي. وغداة جولة ماكرون، وفي تصريحات أشبه بالتقليل من أهمية أي وعود قد تكون روسيا قد قطعتها لفرنسا، أعلن البنتاغون أنّ روسيا تواصل حشد قواتها عند الحدود.

والخميس، نشرت موسكو دباباتها في بيلاروسيا، في إطار مناورات بالذخيرة الحية استدعت تحذيراً شديد اللهجة من جانب حلف شمال الأطلسي. ونشرت روسيا أيضاً ست سفن حربية في البوسفور، في إطار مناورات بحرية مقررة في البحر الأسود وبحر آزوف، في ممارسات دانتها كييف.

والخميس، قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان في تصريح لشبكة "أم.أس.أن.بي.سي"، إنّ المناورات العسكرية الكبرى التي انطلقت في بيلاروسيا وتشارك فيها قوات بيلاروسية وروسية، ترقى "بنظرنا" إلى مصاف "التصعيد وليس احتواء التصعيد".

رسائل منسّقة

وكانت واشنطن قد آثرت في بادئ الأمر عدم التعليق على زيارة ماكرون، وأشارت إلى أنها تريد التواصل مباشرة بهذا الشأن مع الرئيس الفرنسي. لكن هذا التوجّه تبدّل بشكل جزئي، عندما أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن محادثات هاتفية مع ماكرون، أعقبتها محادثات بين وزيري خارجية البلدين، إلا أنّ البيانات الأميركية التي صدرت بعدها لم تكشف الكثير.

واكتفى بيان للبيت الأبيض بالإشارة إلى أنّ الرئيسين تباحثا في اللقاءات التي عقدها ماكرون في روسيا وأوكرانيا، فيما لم يتضمّن بيان وزارة الخارجية أي إشارة إلى جولة الرئيس الفرنسي.

وأشارت الخارجية بشكل عام إلى "جهود مشتركة يبذلها حلفاء منضوون في حلف شمال الأطلسي، وشركاء في الاتحاد الأوروبي وأعضاء في مجموعة السبع وغيرهم من الشركاء بشأن الحشد العسكري الروسي عند حدود أوكرانيا". لكن الولايات المتحدة تصرّ على وجود تنسيق غير مسبوق مع حلفائها في هذه الأزمة، ما يؤكده دبلوماسيون فرنسيون وأوروبيون بالإشارة إلى ثلاث محادثات هاتفية أجراها بايدن وماكرون خلال ثمانية أيام.

وقال الباحث الفرنسي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بيير موركوس، إنّ "الولايات المتحدة ترحّب بهذه المبادرات لأنها تتيح توجيه مزيد من الرسائل إلى موسكو طالما هي منسّقة مسبقاً ولا تباينات بين الحلفاء" بشأنها.

وعلى الرغم من أنّ الدول الغربية موحّدة في التهديد بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا في حال غزت أوكرانيا، قال موركوس إنّ "باريس تسعى إلى التشديد على أهمية المسار الدبلوماسي وهي تستثمر كل ما لديها فيها".

وبحسب الباحثة الفرنسية في مؤسسة "بروكينغز" للدراسات سيليا بيلان "حالياً، تدعم الولايات المتحدة بحذر الجهود الدبلوماسية التي يبذلها ماكرون، لكن منسوب التشكيك مرتفع، إذ تعتقد واشنطن أنّ بوتين مصمم على الغزو بكل الأحوال".

وجاء في مقالة لبيلان نشرتها صحيفة "فورن أفيرز" في موقعها الإلكتروني، أنّ "ماكرون أشار خلافاً لموقف الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى إلى "مشروعية" ما تطرحه روسيا بشأن ضرورة التباحث في احتياجاتها الأمنية".

واعتبرت أنّ هذا الأمر يعكس رغبة فرنسية بتجديد الحوار مع روسيا، وبتعديل الهيكلية الأمنية لأوروبا عبر تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة. لكن بيلان اعتبرت أنّه يتعيّن على ماكرون "توخي الحذر في خطواته لكي لا يبدو وكأنه يحدث شرخاً بين الحلفاء، في توقيت تشكّل فيه وحدة الصف أفضل سبيل لردع روسيا".

(فرانس برس)

المساهمون