أصدرت "بعثة تقصي الحقائق" التابعة لـ "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" تقريراً لها، اليوم الثلاثاء، أثبتت من خلاله استهداف النظام السوري لمستشفى المغارة في مدينة كفرزيتا شمال محافظة حماة، بالسلاح الكيميائي بتاريخ الأول من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016.
وقالت البعثة في تقريرها إنه "في الثاني من أكتوبر عام 2016، بثت مصادر مفتوحة تقارير عن الاستخدام المزعوم لمواد كيميائية سامة كسلاح في كفرزيتا في 1 أكتوبر 2016. وتضمن الحادث المبلغ عنه أسطوانتي كلور صناعيتين (براميل) تحتويان على غاز سام بالقرب من مستشفى ميداني، مشيرةً إلى أنه "عانى ما يقارب الـ 20 شخصاً من الاختناق وصعوبات في التنفس".
ولفتت البعثة إلى أنها "حصلت على معلومات بشأن حادثة كفرزيتا من خلال عدة أنشطة ومن مصادر مختلفة"، موضحةً أنها "تمكنت من إجراء مقابلات مع شهود والحصول على أدلة رقمية"، مضيفةً: "حصلت البعثة على إحدى أسطوانات الكلور الصناعية التي تم استردادها من موقع الحادث في كفرزيتا"، مؤكدةً أنها "لاحظت أن الأسطوانة الصناعية منقوشة بعلامات كتب عليها (CL 2)، وهي الصيغة الجزيئية لغاز الكلور السام".
وأجرت البعثة "تحليلات كيميائية خارج الموقع من قبل مختبرات مستقلة، تشكّل جزءاً من شبكة مختبرات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ودراسة ميكانيكية، ومحاكاة رقمية لتقييم الضرر المرئي على الأسطوانة"، مؤكدةً أنها "تمكنت من ربط أسطوانة الكلور بشكل إيجابي مع حادثة كفرزيتا"، مضيفةً أنها "وجدت أن الأسطوانة تمزقت نتيجة قوة ميكانيكية، وأطلقت مادة مهيجة سامة تؤثر على الجهاز التنفسي، والأغشية المخاطية"، مشيرةً إلى أن "التقرير خلص إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن أسطوانة الكلور الصناعية استُخدمت كسلاح".
ونوهت البعثة إلى أنه "تمت مشاركة التقرير مع الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية"، موضحةً أن "التقرير سيُرفع إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة".
وكانت إدارة "مستشفى المغارة" في مدينة كفرزيتا شمال محافظة حماة، قد أعلنت في الأول من أكتوبر عام 2016، وصول عشرات الأشخاص المصابين بحالات اختناق، إثر استهداف طائرة مروحية تابعة للنظام السوري المدينة ببرميلين متفجرين يحتويان على غاز الكلور السام.
بدروه، رأى مدير "مركز توثيق الانتهاكات ﺍﻟﻜﻴﻤيائية في سورية نضال شيخاني، وهي إحدى المنظمات المشاركة في هذه التحقيقات، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "فائدة هذا التقرير أن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أشارت إلى وجود مادة سامة قد استخدمت كسلاح كغرض عدائي"، مشيراً إلى أن "هذا مهم جداً بالنسبة لفريق التحقيق، وتحديد الهوية (IIT) الذي هو مسؤول عن تحديد من هو المسؤول عن هذه الانتهاكات".
وأوضح شيخاني أنه "كان هناك توجيه غير مباشر من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من خلال تقريرها، على أن الاستخدام تم عبر براميل، وهذه البراميل لا يمكن إسقاطها بيد أشخاص؛ يجب أن تسقط باستخدام مروحيات عسكرية"، موضحاً أن "الإدانة إلى النظام السوري من خلال هذا التقرير لم تكن مباشرة، لأنها ليست من صلاحيات بعثة تقصي الحقائق، وإنما فريق التحقيق وتحديد الهوية هو المسؤول، وهو من سيأتي لاحقاً ليفتح هذه القضية مجدداً، ويحدّد الأشخاص والأفراد المسؤولين عن هذا الانتهاك".
ولفت مدير المركز إلى أن "فريق التحقيق وتحديد الهوية عمل مسبقاً على تحقيق بهجمتين من أصل تسع هجمات التي هي من مهامه الرئيسية، وأشار في التقرير الصادر في إبريل/نيسان العام الفائت، إلى مسؤولية النظام باستخدام غاز السارين على مدينة اللطامنة شمال محافظة حماة"، مضيفاً: "وفي عام 2021، صدر تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفريق التحقيق وتحديد الهوية، وأشار إلى مسؤولية قوات (النمر) عن استخدام غاز الكلور على مدينة سراقب شرق محافظة إدلب".
وأكد الشيخاني أن "هاتين الحادثتين صعدتا وتيرة التصويت ضمن المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، منوهاً إلى أن "المنظمة اتخذت العام الماضي قراراً بتجميد عضوية النظام السوري في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، ومنعه من استخدام امتيازاته كعضو"، لافتاً إلى أن "هذا التقرير الذي أشار اليوم إلى أنه لا يزال هناك استخدام للأسلحة الكيميائية في سورية سيصعّد أيضاً الجلسات اللاحقة التي سيعقدها مؤتمر دول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية"، منوهاً إلى أنه شارك في هذا التقرير كلّ من "مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية"، ومنظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء).
وكانت القوات الروسية قد عمدت إلى تفجير "مستشفى المغارة"، وتبيّن ذلك من خلال مقطع مصور بثته قناة "زفيزدا" الروسية في 1 مارس/آذار من العام الفائت. وحينها أدانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في بيانٍ لها تفجير المستشفى، واعتبرت "أن الحكومة الروسية تهدف لإزالة العمل البطولي الذي قام به الكوادر الطبية لإسعاف المصابين وإنقاذ حياتهم، كما يهدف إلى محو آثار العدوان والجريمة التي قامت بها القوات الروسية في قصفها البربري لمستشفى بعيد تماماً عن المدينة وعن المراكز العسكرية".