تشهد ساحة المواجهة في العراق بين قوات التحالف الدولي والسلطات العراقية من جهة، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، من جهة أخرى، ومنذ أيام غير قليلة، حرباً استخبارية واسعة لا تقل سخونة عن الحرب الجارية على الأرض، تهدف لمنع امتلاك تنظيم "داعش" أسلحة غير تقليدية يصفها مسؤولون أميركيون وعراقيون بالكارثية.
ويكشف تقرير استخباري عراقي ـ أميركي مشترك أُعدّ في السادس والعشرين من الشهر الماضي، واطلع "العربي الجديد" على فقرات منه، "امتلاك تنظيم داعش جميع المقوّمات للحصول على أسلحة دمار شامل بعد توفّر عوامل المال والأرض والصواريخ متوسطة المدى القادرة على حمل رؤوس خبيثة"، وفقاً للتقرير الذي يطالب بتكثيف الجهود وتسخير جميع الإمكانيات لإبقاء قوة التنظيم ضمن إطار محدود.
ويؤكد ضابط رفيع في وزارة الدفاع العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن الولايات المتحدة طلبت من العراق أخيراً إعادة احتضان جميع خبراء مفاعل "تموز النووي" العراقي وضباط منشآت حطين والقادسية وعمورية وبغداد والفتح والقدس التابعة لمنظومة التصنيع العسكري العراقي، والتي فككتها الولايات المتحدة الأميركية وسرحّت العاملين فيها.
ويضيف الضابط أن التقرير الأميركي ـ العراقي المشترك أكد "رصد اتصالات هاتفية ولقاءات شخصية بين خبراء أسلحة عراقيين في نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وشخصيات مُشتبه بها، ويُعتقد أن لتلك الاتصالات علاقة بمحاولة التنظيم المتطرف امتلاك أسلحة غير تقليدية، وهو ما دفع إلى إصدار تلك التوصية باحتضان جميع العاملين السابقين في هذا المجال إبان نظام صدام حسين".
ويشير الضابط إلى أن "6 علماء عراقيين في مجال الأسلحة غير التقليدية يتواجدون في العراق، ويجري حالياً التحرك لإعادة احتضانهم مجدداً وإبعادهم عن مناطق تواجد تنظيم داعش، ومنحهم ضمانات معيشة تحصّنهم من الانخراط في أي نشاط للتنظيم وتقطع الطريق عليهم، فيما يتواجد نحو 20 عالماً آخر خارج البلاد في دول متفرقة غالبيتها مجاورة للعراق".
ويؤكد التقرير، وفقاً للمصدر نفسه، أن "تنظيم داعش حصل فعلاً على 40 غراماً من مادة اليورانيوم من مختبرات كلية العلوم في جامعة الموصل بعد اقتحامه للمدينة في العاشر من يونيو/ حزيران الماضي، لكن تلك الكمية كانت تُستخدم لأغراض البحث والدراسة وهي خاملة غير نافعة لتصنيع أي قنبلة من خلالها، لكنها تبقى دليلاً على سعي التنظيم الحثيث لامتلاك سلاح غير تقليدي".
ويوضح الضابط أن "التقرير أكد بشكل جازم عدم امتلاك داعش في الوقت الحالي أي سلاح خبيث أو غير تقليدي، لكنه كشف عن محاولات كبيرة من قِبله للحصول على هكذا نوع من السلاح، معتمداً على الوفرة المالية لديه والمنشآت العسكرية العراقية والسورية التي يسيطر عليها والصواريخ القادرة على حمل هذا السلاح".
ويلفت إلى أن "مواقع الكترونية متطرفة تابعة لتنظيم داعش، أو مناصرة له، تعجّ بمواضيع تُفصّل وتشرح عملية تصنيع مثل تلك القنابل بطرق بدائية، وهو دليل إضافي يزيد المؤشرات لدى الإدارة الأميركية بشكل خاص حول ما جاء في التقرير".
وتعليقاً على ما جاء في التقرير، يقول المحلل السياسي العراقي، فؤاد علي، لـ"العربي الجديد"، إنه "مُبالغ به ولا يتعدى نطاق تضخيم خطر تنظيم داعش لحشد دعم دولي أكبر ضده واستخدام الموضوع لتمرير أجندات الغرب في العراق على حساب إيران خصوصاً".
ويشير علي إلى أن "التقرير أغفل أعمار خبراء السلاح العراقي الذين تجاوز عمر أصغرهم الـ65 عاماً، وهم يخضعون للرقابة منذ سنوات، سواء الذين هم داخل العراق أو خارجه، وهم غير قادرين على فعل شيء".
ويرى المحلل السياسي العراقي أن "أكبر إنجاز للجماعات الإرهابية في العراق كان استخدام غاز الكلور المخصص لأغراض التبريد في بغداد صيف العام 2006، والذي لم يكن ذو تأثير"، معتبراً أن "مثل تلك التقارير قد تكون غطاءً لاستخدام أسلحة محرّمة ضد المسلّحين أنفسهم في المستقبل، في حال استعصاء عدد من المدن التي يتحصّن فيها مقاتلو "الدولة الإسلامية"، على غرار ما حدث في الفلوجة عام 2005، عندما استخدم الجيش الأميركي مادة الفوسفور الأبيض للقضاء على جيوب المقاومة هناك".