يعمل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على ترتيب أوراقه، قبل انطلاق الانتخابات التمهيدية، في فبراير/ شباط 2024، داخل الحزب الجمهوري، لاختيار مرشح الحزب لرئاسيات 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
ويتمسك ترامب بفرضية "تزوير" انتخابات 3 نوفمبر 2020، و"سرقتها" منه، رغم يقينه بعدم صحة هذا الادعاء، خصوصاً بعدما تبين أن حملته سبق أن كلفت شركة أبحاث لإثبات مزاعم الاحتيال الانتخابي لكن الشركة عارضت نظريات التزوير وعجزت عن تقديم أي دليل على أن ترامب هو الفائز، ما قاد فريقه إلى عدم نشر النتائج.
ترامب وطيّ الملفات
في موازاة ذلك يسعى ترامب إلى طيّ ملفات نشأت في الأشهر الماضية، كي لا تؤثر سلباً على زخمه الانتخابي، لضرب خصومه داخل المعسكر الجمهوري، وعلى رأسهم حاكم فلوريدا، رون ديسانتيس، أقرب منافسي ترامب.
وأهم ما يبغي الرئيس السابق التخلّص منه، هو ملف مداهمة مقرّه في منتجع مارآلاغو ـ فلوريدا، في أغسطس/ آب الماضي، حيث خزّن العديد من الوثائق السريّة، والتي نقلها معه إلى هناك، قبل مغادرته البيت الأبيض، في 20 يناير/ كانون الثاني 2021، بعد انتهاء ولايته.
ووفقاً لصحيفة "سبوكسمان" الأميركية، فإن فريق محامي ترامب سلّم في الأشهر الأخيرة العديد من الوثائق، مع جهاز كومبيوتر محمول يحتوي على النسخة الإلكترونية من الوثائق، إلى مكتب التحقيق الفيدرالي "أف بي آي"، حسبما كشف مصدر مطّلع على الملف.
وذكر المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن عملية التسليم جرت في شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير الماضيين. وأشار المصدر للصحيفة إلى أن فريق ترامب استعان بخدمات محققين خاصين، لإجراء عمليات تفتيش في ممتلكاته، في مارآلاغو وأماكن أخرى.
رفض ترامب نتائج التحقيقات التي أجرتها الشركة الخاصة
ووجد المحققون في ديسمبر الماضي مجموعة من الصفحات التي تحمل علامات تصنيف في صندوق. وتمّ إبلاغ وزارة العدل بذلك الوقت. ولفت المصدر إلى أن الوثائق الجديدة لم تكن في الموقع نفسه الذي داهمه "أف بي آي" في أغسطس الماضي، لكنه رفض تحديده.
وأظهر ترامب تعاوناً غير مسبوق في قضية الوثائق، بعد مواجهة شرسة في الصيف الماضي مع سلطات وزارة العدل، إثر مداهمة "أف بي آي" منتجعه، قبل أن يخضع أمام التحقيقات، وصولاً إلى بروز عامل آخر، وهو اكتشاف وثائق في مواقع عائدة للرئيس الحالي جو بايدن، وأيضاً لدى نائب ترامب السابق مايك بنس.
وبالإضافة إلى هذه الخطوات، فقد مثل إيفان كوركوران، محامي ترامب، الذي تواصل مع وزارة العدل في مسألة وثائق مارآلاغو، أمام هيئة محلفين فيدرالية كبرى في يناير، حسبما ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الجمعة الماضي. كما كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن كريستينا بوب، وهي محامية أخرى لترامب، مثلت أيضاً أمام الهيئة في القضية عينها.
وفي موازاة هذه الخطوات من فريق ترامب، يعيد الرئيس الـ45 للولايات المتحدة التركيز على موضوع "تزوير الانتخابات" وفقاً له، خصوصاً أنه في مرحلة ما قبل إعلانه رسمياً في 15 نوفمبر الماضي الترشح لانتخابات 2024، كثيراً ما شدّد ترامب على قضية "سرقة الانتخابات" لشحذ همم جمهوره.
ولعل مرحلة ما بعد الإعلان، الذي أطلقه في مارآلاغو بالذات ستعيد توجيه المعركة باتجاه "التزوير والسرقة"، خصوصاً بعد عجز الكونغرس عن مواصلة تحقيقاته في قضية اقتحام "كابيتول هيل" في 6 يناير 2021، إثر الانتخابات النصفية التي أُجريت في 8 نوفمبر، وأدت إلى تشكّل هيكل معقّد في المجلس بغرفتيه، النواب والشيوخ.
وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن فريق ترامب كلّف شركة "مجموعة بيركلي للأبحاث" للقيام بتحقيقاتها حول حصول عمليات تزوير في رئاسيات 2020، غير أن النتائج لم تُنشر علناً.
وعزت الصحيفة ذلك إلى أن الشركة شككت في العديد من نظريات ترامب، ولم تستطع تقديم أي دليل على أنه كان الفائز الشرعي في الانتخابات، وفقاً لأربعة أشخاص مطلعين على الموضوع. وذكر الأشخاص أن "مجموعة بيركلي" أجرت أبحاثاً في ست ولايات، بحثاً عن الاحتيال والمخالفات لتسليط الضوء عليها ونقلها إلى القضاء.
وعملت الشركة على دراسة "الأعطال في آلات الناخبين" و"حالات تصويت الموتى"، وأي دليل يمكن أن يساعد ترامب على إظهار فوزه. وقال الأشخاص الأربعة إن 12 موظفاً في الشركة عملوا على التقرير، بما في ذلك خبراء اقتصاديين يستخدمون الإحصاءات لقراءة النتائج والتنبؤ بها.
أظهر ترامب تعاوناً غير مسبوق في قضية الوثائق
وعملت "بيركلي" على دراسة "كل ما يمكن التفكير به"، وفقاً للأشخاص الأربعة، ومنها "تغيير العناوين، المهاجرين غير النظاميين، تعداد بطاقات الاقتراع، تصويت الناس مرتين، الآلات الإلكترونية، الحالات غير الاعتيادية لجذب الناخبين، ولم يظهر شيئاً غير طبيعي".
وأفادوا بأن الأبحاث تمّت في الأسابيع الأخيرة من عام 2020، أي قبل حصول اقتحام الكونغرس في 6 يناير 2021. وخيّبت نتائج تحقيقات "مجموعة بيركلي للأبحاث" حملة ترامب، حسبما نقلت "واشنطن بوست" عن الأشخاص الأربعة.
أخطاء عادية في كل انتخابات
وفي حين اعتقد فيه الباحثون من المجموعة أنهم سيجدون مخالفات عدة، غير أنها في الواقع كانت محدودة لدرجة أنها لا تحدث فارقاً انتخابياً. وذكر أحد المطلعين على تحقيقات "بيركلي" أنه "مثل أي انتخابات، هناك دائماً أخطاء وسهو ومخالفات. ولم تكن نتائج التحقيقات قريبة كفاية مما أرادوا إثباته".
وكشفت "واشنطن بوست" أن أشخاصاً من "بيركلي" أطلعوا ترامب وكبير موظفيه في حينه مارك ميدوز وآخرين على النتائج في مؤتمر عبر الهاتف في ديسمبر 2020. وأظهر ميدوز شكوكاً في النتائج متمسكاً بفرضية فوز ترامب، الذي أيّد كبير موظفيه. لكن مسؤولي مجموعة الأبحاث، شدّدوا خلال المكالمة على أنهم لم يقوموا سوى بفحص البيانات التي قدمتها حملة ترامب".
مع ذلك، رفض ترامب نتائج التحقيقات، على الرغم من شمولها الولايات، التي اعتبر فريقه أنها "سُرقت" منه، وهي جورجيا وبنسلفانيا وميشيغن وويسكونسن وأريزونا ونيفادا.
مع العلم أن ترامب فاز بخمس من الولايات الست في انتخابات 2016، باستثناء نيفادا. ولم تطّلع صحيفة "واشنطن بوست" على نسخة من تقرير "مجموعة بيركلي للأبحاث"، لكن ثلاثة أشخاص مطلعين على محتوياته تحدثوا لها عن النتائج.
ومن بين الذين عملوا على التقرير جانيت ثورنتون، التي تمتلك خبرة تمتد لنحو 40 عاماً في المحاسبة والتحقيقات، فضلاً عن كريغ فريمان وجون أورباخ، اللذين ترتبط سيرتهما الذاتية المهنية بعقود من الخبرة في مجال المحاسبة والتحقيق في احتيال الشركات. ورفض أورباخ وفريمان، اللذين غادرا "بيركلي" وثورنتون التعليق للصحيفة.
(العربي الجديد)