نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، السبت، عن أحد الأشخاص المطلعين، القول إنّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بدا "منزعجاً وغاضباً ومنكمشاً ومصدوماً"، عقب توجيه هيئة المحلفين الكبرى في مانهاتن بنيويورك لائحة الاتهام الجنائية ضده يوم الخميس الماضي.
ووجه المدعي العام في مانهاتن، ألفين براغ، الذي يتبع مكتبه لقضاء ولاية نيويورك، التهم رسمياً إلى الرئيس السابق الطامح للعودة إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024، في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد، لشراء صمتها قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.
وطبقاً لـ"واشنطن بوست"، أشار البعض إلى أنّ ترامب ظل "هادئاً جداً" و"رزيناً" إلى حد ما، لافتة إلى أنّ الرئيس السابق بدأ بالاتصال بالجمهوريين في الكونغرس، ووعد بمحاربة لائحة الاتهام.
وكان محامي ترامب، جو تاكوبينا، قد قال في برنامج "ذا توداي شو" على "إن بي سي" يوم الجمعة: "لقد صُدم (ترامب) في البداية"، مشيراً إلى أنه قرر "القتال" بشأن شيء يعتقد أنه "ظلم". وأضاف تاكوبينا: "ركبتاه لا تنثنيان، لذا فهو الآن في وضع الاستعداد للقتال".
وقالت محامية ترامب، لوكالة فرانس برس، الجمعة، إنّ الرئيس الأميركي السابق يمثل أمام المحكمة، الثلاثاء.
تهمة جناية واحدة على الأقل
ويواجه ترامب تهماً متعددة بتزوير السجلات التجارية، بما في ذلك جريمة جناية واحدة على الأقل، في لائحة الاتهام التي أصدرتها هيئة محلفين كبرى في مانهاتن، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر لوكالة أسوشييتد برس، يوم الجمعة.
وسيُلقى القبض عليه رسمياً ويُحاكَم يوم الثلاثاء في قضية الأموال الصامتة، ما يهيئ المشهد للحظة تاريخية صادمة عندما يضطر رئيس سابق للوقوف أمام قاضٍ للاستماع إلى التهم الجنائية الموجهة إليه، بحسب "أسوشييتد برس".
وظلت لائحة الاتهام مختومة، ولم تُعرف التهم المحددة على الفور، ولكن التفاصيل أكدها أشخاص تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، لـ"أسوشييتد برس"، لمناقشة المعلومات التي لم تُنشَر بعد.
وعندما يسلّم ترامب نفسه، سيُحجَز في الغالب مثل أي شخص آخر يواجه التهم، وستؤخذ بصماته، لكن ليس من المتوقع تقييد يديه، وفق ما تورد الوكالة، وسيتمتع بحماية الخدمة السرية، ومن شبه المؤكد أنه سيُطلَق سراحه في اليوم نفسه.
فريق دفاع ترامب في وجه فريق براغ
في غضون ذلك، أعد الفريق القانوني لترامب دفاعه، بينما دافع مكتب المدعي العام عن تحقيق هيئة المحلفين الكبرى، الذي دفع الأمر نحو المحاكمة. ويؤكد الجمهوريون في الكونغرس، وكذلك ترامب نفسه، أن الأمر برمته "له دوافع سياسية".
وكتبت ليزلي دوبيك، المستشارة العامة في مكتب المدعي العام لمقاطعة مانهاتن ألفين براغ، رسالة أرسلت يوم الجمعة إلى ثلاثة من رؤساء لجان مجلس النواب الجمهوريين، وحصلت على نسخة منها وكالة أسوشيتيد برس، وجاء فيها: "نحثكم على الامتناع عن هذه الاتهامات المثيرة، وسحب طلبكم للحصول على معلومات، والسماح لعملية العدالة الجنائية بالمضي قدماً دون تدخل سياسي غير قانوني".
وبدأ كبار الجمهوريين في توحيد الصفوف حول ترامب، إذ وعد رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي باستخدام إشراف الكونغرس للتحقيق مع براغ. وطلب النواب جيمس كومر، وجيم جوردان، وبريان ستيل، رؤساء اللجان الذين وصلت إليهم الرسالة، من مكتب المدعي العام الحصول على شهادة هيئة محلفين كبرى ووثائق ونسخ من أي اتصالات مع وزارة العدل.
ويشمل إشراف الكونغرس المراجعة والمراقبة والإشراف على الوكالات والبرامج والأنشطة الفيدرالية وتنفيذ السياسة. ويمارس الكونغرس هذه السلطة إلى حد كبير من خلال نظام لجانه.
وأوضحت "واشنطن بوست" أنّ فريق ترامب القانوني وفريق حملته أمضوا أسابيع في التحضير لصدور لائحة الاتهام ضد الرئيس الأميركي السابق، مشيرة إلى أنهم بحثوا عن خطط الهجوم ضد براغ، ومايكل كوهين، المحامي السابق لترامب ومساعده، وهو أحد الشهود الرئيسيين في القضية.
وأضافت: "لقد صاغوا بيانات ونداءات لجمع التبرعات، فضلاً عن خطة واسعة لحلفاء ترامب، من النواحي القانونية والسياسية والإعلامية".
وقالت حملة ترامب إنها جمعت ما يزيد على 4 ملايين دولار في الـ24 ساعة الأولى بعد إعلان لائحة الاتهام.
ترتيبات أمنية
وكشف تقرير سابق لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن ترتيبات أمنية متوقعة تحضيراً لاستدعاء ترامب، بعد أن تجوّل عملاء "الخدمة السرية" (وكالة حكومية تتبع وزارة الأمن الداخلي الأميركية)، الجمعة، في قاعة المحكمة التي سيمثل أمامها ترامب، لرسم خريطة لمساره داخل المبنى وخارجه.
ونقلت الصحيفة، الجمعة، عن أشخاص مطلعين على الترتيبات، أن ترامب سيسافر إلى نيويورك، يوم الاثنين، ويبقى طوال الليل في انتظار مثوله أمام محكمة مؤمنة بشكل خاص في مانهاتن على خلفية تهم جنائية.
ورأت الصحيفة أن أول لائحة اتهام على الإطلاق لرئيس أميركي سابق، يأمل العودة إلى البيت الأبيض في عام 2024، تجلب تحديات أمنية غير عادية لمجمع المحكمة في مانهاتن السفلى، علاوة على ما يضيفه ذلك من تعكير مستمر للمشهد السياسي.
وسيُحاكم ترامب في ذات قاعة المحكمة في مانهاتن حيث حوكمت شركته وأدينت بتهمة الاحتيال الضريبي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وحيث جرت محاكمة المنتج الأميركي هارفي وينستين المتهم بالاغتصاب.
وأغلق ضباط المحكمة وأمّنوا الوصول إلى الطابق الخامس عشر، حيث كان القاضي خوان مانويل ميرشان الذي يتولى قضية ترامب، يواصل عمله في القضايا غير ذات الصلة. وقال ترامب، في منشورات سابقة على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال" عن القاضي ميرشان: "إنه يكرهني".
وسُمح للمحامين المعنيين ببعض القضايا وبعض الموظفين بالبقاء في المحكمة، يوم الجمعة، بعد إغلاقها بحسب "أسوشييتد برس"، لكن الضباط كانوا صارمين بحق وسائل الإعلام، والمراسلين الذين كانوا يقفون أمام حاجز، إذ صرخ ضباط في المراسلين الذين غامروا بالتقدم نحو قاعة المحكمة، قائلين: "هذا الطابق مغلق"، وأمروهم بالمغادرة.
وقالت المحكمة في بيان: "حُذِّر الضباط بالبقاء يقظين والحفاظ على الوعي بالأوضاع، سواء داخل المحاكم أو في أثناء الدوريات المحيطة".