انتخابات الرئاسة الأميركية: ترامب يأمل بتكرار سيناريو أكتوبر 2016... وبايدن يقاتل للاحتفاظ بأرقامه
بعد أسبوع من مغادرته المستشفى، استأنف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الإثنين، جولاته الانتخابية بمهرجان في ولاية فلوريدا. وكان منافسه جو بايدن قد كثّف هو الآخر من جولاته المتقيدة بضوابط كورونا، خلافاً لنشاطات ترامب المكشوفة، والتي يريد من خلالها الإيحاء بعودة الأمور إلى طبيعتها.
وبذلك، تدخل الماكينة الانتخابية لكليهما مرحلة العمل بطاقتها القصوى، ومن غير توقف، إذا لم يستجدّ طارئ حتى يوم الاستحقاق الكبير بعد 3 أسابيع. كل الأسلحة والأوراق المتاحة مباحة. الرئيس ترامب يجهد لتكرار سيناريو أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وبايدن يحاول الصمود عند خطوطه المتقدمة. وفي الحالتين التحدي كبير.
بايدن لا يملك ترف الاسترخاء، على الرغم من تفوقه لغاية الآن على الرئيس، ولذا، فهو يتحرك بكثير من التأني لتحاشي زلات القدم. والرئيس ترامب داهمه الوقت، والفسحة المتبقية ضاغطة عليه من كافة الجوانب، أكثرها ثقلاً الفيروس ومضاعفاته. ولهذا وغيره، استقرّ وضعه بين المراوحة والهبوط. وحتى مالية الدعاية لحملته شحّت.
مع ذلك، بقي شبح انقلاب الموازين في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات، وبما مكّن ترامب من انتزاع فوز سهل خلافاً للتوقعات، يخيف الديمقراطيين. لذلك، تحذر أوساطهم بايدن وحملته من النوم على حرير الاطمئنان كما فعلت هيلاري كلينتون في أسابيعها الأخيرة، وبما أدّى إلى هزيمتها.
مجرد استحضار تلك اللحظة يثير الهواجس لديهم، ولو أن مرشحهم يتقدم بثبات على الرئيس، حسب عموم الاستطلاعات. "فإذا كان بايدن في وضع جيد، فإنّ إمكانية فوز ترامب ما زالت واردة"، يقول مراقب انتخابي. عبارته تكاد تلخص جوّ التحفظ العام، على الرغم من اختلاف ظروف معركتَي هيلاري وبايدن.
في مثل هذا الوقت، كان فارقها قد هبط مع ترامب إلى حوالي 3 نقاط. هامش لم يصل إليه أبداً وضع بايدن، الذي احتفظ منذ البداية بمعدل 6 نقاط لصالحه، وليقفز في الأيام الأخيرة إلى ما بين 10 و12 نقطة.
ومن هنا، تزايدت التكهنات بفوزه، لكن هذا الفارق يقول المتحفظون، ليس من العيار الكاسح، ثم إنّ الاستطلاعات تتحمل الخطأ بنسبة 3 أو 4 نقاط. وإذا كان الأمر كذلك، واستطاع ترامب تقليص الفجوة بعض الشيء في الأسبوعين المقبلين، بحيث تأتي النتائج متقاربة، عندئذ تتحول النتائج إلى قضية متنازَع حولها في المحاكم، من دون استبعاد امتداد خلافاتها إلى الشارع. ومثل هذا الاحتمال تقوله الألسنة في واشنطن، جهاراً نهاراً، وكأنه بات في حكم النتيجة المتوقعة للانتخابات.
وفعلاً، هناك مؤشرات تعزز مثل هذا السيناريو، ليست أقلَّها تلميحاتُ الرئيس بعدم تسليم السلطة لو بدا له أنّ الانتخابات تعرضت للتلاعب والتزوير.
لكن في المقابل، هناك مؤشرات معاكسة، أبرزها أنّ بعض الولايات التي فاز بها ترامب في 2016، والتي كانت محسوبة عليه هذه المرة أيضاً مثل أوهايو ونورث كارولينا وفلوريدا وحتى جورجيا وغيرها، باتت أرقامها تميل لحساب بايدن، أو على الأقل، بدا فيها هذا الأخير منافساً جدياً للرئيس.
ومثل هذا التحول الذي يربطه المراقبون باستفحال أزمة كورونا وخسائرها، وإصابة الرئيس نفسه بها، غير قابل على الأرجح للتصحيح، طالما بقي الفيروس ينهش بالبلد. كان التصور أن بدء جلسات اللجنة العدلية في مجلس الشيوخ الإثنين وحتى الأربعاء، للبت في تعيين القاضية آمي باريت، ربما قد يخطف الأضواء لصالح الرئيس. لكن الحديث الطاغي بقي بين الانتخابات وكورونا. يُذكر أن المرجع الطبي الكبير الدكتور أنتوني فاوتشي حذر الإثنين من خريف وشتاء قاسيين، إذا ما بقيت حالة التفشي وقلة الاحتراز على وضعها الراهن الذي يشجعه الرئيس.
ومن العلامات المؤذية أيضاً لحملة ترامب، ما يتردّد عن تزايد "ابتعاد" الممولين الجمهوريين عن حملته، وبما يعني أنّ المعركة صارت "محسومة" للمرشح الديمقراطي جو بايدن. وإذا صحت روايات تراجع الجمهوريين عن الدعم، واحتفظ بايدن بوضعه، عندئذ تكون العملية مسألة وقت قبل أن تُطوى الصفحة.