نفذت القوات التركية، اليوم الأحد، ضمن عملية "المخلب-السيف" الجوية، عدة غارات في شمال العراق وسورية، معتبرة أن هذه المناطق "يستخدمها إرهابيون كقواعد"، وأن العملية هي "بدء ساعة الحساب"، وذلك رداً على الاعتداء الأخير في منطقة تقسيم وسط إسطنبول، الذي اتهمت السلطات التركية حزب "العمال الكردستاني" بالوقوف خلفه.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن العملية أطلقت "وفقاً لحقوق الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، بهدف التخلص من الهجمات الإرهابية من شمال العراق وسورية، وضمان سلامة الحدود، والقضاء على الإرهاب في منبعه".
Millî Savunma Bakanı Hulusi Akar, Hava Kuvvetleri Harekât Merkezinde aldığı son brifingin ardından, "Şu andan itibaren Pençe Kılıç Harekâtı'nı başlatıyoruz." dedi ve uçaklar terör yuvalarını yerle bir etmek için üslerinden havalandı.https://t.co/nliSmpStzB#MSB #HulusiAkar pic.twitter.com/3WRcWaz5qC
— T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) November 20, 2022
كما ذكرت وزارة الدفاع التركية، في ساعة مبكرة من صباح يوم الأحد، أنها نفذت ضربات جوية على قواعد للمسلحين الأكراد في شمال سورية وشمال العراق.
وأضافت الوزارة في بيان أن الضربات استهدفت قواعد حزب "العمال الكردستاني" المحظور ومليشيات "وحدات حماية الشعب" الكردية السورية، التي تقول تركيا إنها جناح لحزب العمال الكردستاني.
10 ضربات جوية تركية شمالي العراق
وأكد مسؤولون عراقيون أكراد في إقليم كردستان، شمالي البلاد، الأحد، أن الطيران التركي وجه ما لا يقل عن 10 ضربات جوية جديدة، استهدفت مواقع مسلحي حزب العمال الكردستاني في قنديل وأطراف سوران وسنجار.
وأبلغ مسؤول محلي في محافظة دهوك "العربي الجديد" بأن مقاتلات تركية حلقت على ارتفاع متوسط ونفذت عدة ضربات كانت مسموعة لأهالي دهوك والعمادية وزاخو، وكانت تتركز في سفوح جبال قنديل الخاضعة لسيطرة الحزب.
ولفت إلى أن ألسنة دخان ارتفعت عقب الهجمات، من دون معرفة ما أسفرت عنه تلك الضربات.
فيما أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان بزعامة مسعود البارزاني، حكمت آميدي، لـ"العربي الجديد"، أن القصف سبقه تحليق طائرات مسيّرة للمراقبة، وأضاف أن الضربات التركية طاولت أيضاً مقار لحزب العمال في جبل سنجار، 115 كيلومتراً غرب الموصل، وتحدث عن تسبب القصف التركي باحتراق مساحات زراعية في بعض المناطق المستهدفة.
مقتل 32 مسلحاً في سورية
من جهتها، أعلنت مؤسسة مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق عن مقتل 32 مسلحاً من "حزب العمال الكردستاني" و"وحدات حماية الشعب"، في مناطق متفرقة من الإقليم وشرق سورية، نتيجة القصف التركي اليوم الأحد.
ونقلت محطة تلفزيون "زاكروس"، المقربة من حكومة الإقليم في أربيل، بيانا رسمياً عن مؤسسة مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق، أكدت فيه أن معلوماتها تشير إلى أن "العملية التي نفذها الجيش التركي فجر اليوم على مسلحي حزب العمال في إقليم كردستان ومسلحي "وحدات حماية الشعب" في كردستان سورية، تسببت بمقتل وإصابة العشرات من المسلحين".
ولفت البيان أيضاً إلى أن تركيا شنّت أكثر من 25 غارة جوية على مقار ومواقع حزب العمال ووحدات حماية الشعب في الحسكة وريف حلب والرقة وكوباني، إضافة إلى قرى قضاء ماوَت وجبل قنديل وجبل كورتَك وجبل آسوس ومنطقة برادوست.
وبحسب البيان، فإن تلك الغارات نتج عنها مقتل 32 مسلحاً من حزب العمال و"وحدات حماية الشعب"، وإصابة عدد آخر بجروح، حتى الآن.
وبحسب مصادر كردية، فقد قتل 11 من قوات "قسد" و10 عناصر من قوات النظام السوري نتيجة هذه الغارات، إضافة إلى إصابة عشرات آخرين، مشيرة إلى أن معظم قتلى النظام السوري قتلوا في القصف الذي استهدف، فجر اليوم، قرية الشوارغة بريف حلب الشمالي، وخلال القصف الجوي على نقطة لحرس الحدود التابع للنظام في قرية أم حرمل بريف أبو رأسين شمال غربي الحسكة، وعلى موقع عسكري في قرية قزعلي بريف تل أبيض شمالي الرقة.
وبحسب مراسل "العربي الجديد" في سورية، طاول القصف الجوي قرية عين دقنة التابعة لبلدة تل رفعت، حيث تتمركز قوات النظام، وتبعت ذلك عدة غارات على قريتي مرعناز والمالكية، وقرى أخرى على محور قرية شيخ عيسى وبلدة تل رفعت، وعلى محور مطار منغ العسكري وقرية مرعناز، فيما شاركت المدفعية التركية في قصف محيط القرى والبلدات التي تعرضت للقصف الجوي.
وبحسب مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، فإن أصوات انفجارات سمعت في مدينة المالكية، شرقي محافظة الحسكة، وسط معلومات عن إخلاء "قسد" نقطتين عسكريتين لها في محيط بلدة الدرباسية الملاصقة للحدود التركية، فيما تعرضت مدينة عين العرب/ كوباني الواقعة على الحدود السورية- التركية لقصف مماثل، وخاصة "تلة مشتنور" جنوب شرقي المدينة، وبالقرب من منطقة الإذاعة غربي المدينة. كما أدى القصف التركي لتدمير مشفى كورونا بالكامل في مدينة كوباني.
وذكر تلفزيون "روناهي" المقرب من "قسد" أن القصف التركي استهدف غابة عين العرب وطريق جرابلس في الطرف الغربي للمدينة، وحي كانيا كوردا وقرية حلنج في الريف الشرقي للمدينة. كما طاول القصف قريتي بيلونية وشيخ عيسى وقلعة شوارغة في ناحية شرا قرب عفرين، وصومعة ضهر العرب شمال شرق ناحية زركان في محافظة الحسكة، وفق التلفزيون.
كما شمل القصف المنطقة الواقعة بين قريتي كركندال و"تقل بقل" التابعتين لمنطقة الكوجرات في ناحية ديرك، مشيرة الى أنه بعد القصف الأول الذي قتل فيه شخصان، تجدد على المنطقة ما تسبب في مقتل 9 آخرين، وفق وكالة أنباء "هاوار" التابعة للإدارة الذاتية الكردية.
كما أعلنت الوكالة فقدان مراسلها عصام عبد الله حياته أثناء تغطيته القصف التركي على ديرك، أقصى شرقي سورية.
مظلوم عبدي: الضربات ستتواصل
في السياق، قال القائد العام لقوات "قسد"، مظلوم عبدي، إن الضربات الجوية التركية على مناطق في شمال سورية "لا علاقة لها بتفجير إسطنبول، وإن تركيا تخطط للهجوم منذ سنة.
وأضاف عبدي، في لقاء مع فضائية "روناهي"، أن الضربات التركية ستستمر فترة معينة دون تحديدها، متوقعاً استمرارها ساعات أو أياماً مقبلة، لكنه استبعد حدوث اجتياح بري، حيث لا توجد تحركات عسكرية على الأرض للفصائل المعارضة المدعومة من لتركيا. وقال إن القصف التركي تسبب في وقوع قتلى وجرحى، معتبراً أن الغارات التركية "مرتبطة بالانتخابات التركية، وليس بتفجير إسطنبول".
وناشد عبدي سكان شمالي سورية "عدم مغادرة منازلهم كي لا يتضرروا، وأن القوى الأمنية ستبلغهم كيفية التحرك وفق التطورات الميدانية".
كما استبعدت مصادر عسكرية من "الجيش الوطني السوري"، تحدثت لـ"العربي الجديد"، حدوث عملية برية في الوقت الحاضر، حيث لا توجد تحشيدات للجيش الوطني على حدود المناطق التي تتعرض لقصف جوي تركي.
ويفرض مسلحو حزب "العمال الكردستاني" إجراءات مشددة في المناطق التي يوجدون داخلها في العراق. كما أقدم المسلحون، أخيراً، على منع الفلاحين وأهل القرى القريبة من الدخول إلى مناطق وجودهم، بسبب الضربات التركية الدقيقة التي يعزوها الحزب إلى من يصفهم بـ"العملاء المحليين المتعاونين مع الاستخبارات التركية ضدهم".
وفي السياق، نقلت وكالة أخبار محلية عراقية كردية عن مصادر أمن في إقليم كردستان، لم تسمها، تأكيدها أن القصف التركي استهدف صباح اليوم قرى أنديزه، وزراكلي، وقلاتوكان، وجبال أسوس، موضحة أن "حجم الأضرار لم يتم تحديده حتى الآن".
وقال الصحافي المحلي من مدينة زاخو العراقية الحدودية، كاميران الجاف، إن القصف التركي هو الأوسع منذ أسابيع، واستهدف مناطق غير مأهولة بالسكان وتخضع لنفوذ حزب "العمال الكردستاني".
وأضاف الجاف، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه من الصعوبة معرفة حجم الخسائر البشرية أو المادية، لأن الحزب يمنع الاقتراب من مقاره.
إخلاء نحو 200 قرية حدودية
في غضون ذلك، أكد مسؤولون في إقليم كردستان العراق إخلاء نحو 200 قرية حدودية من ساكنيها خلال الفترة الماضية، بسبب العمليات العسكرية في تلك المناطق.
والقرى التي أخليت أخيراً تقع جميعها في قضاء سوران، شمالي محافظة أربيل، الذي يضم 4 نواح هي خليفان، سيدكان، ديانا وسرشمة.
ووفقاً للمشرف على إدارة البلدة هلكورد نجيب، فإن "الصراع والقتال بين مسلحي العمال الكردستاني وتركيا في المناطق الحدودية داخل إقليم كردستان، ضمن حدود إدارة سوران، أديا إلى إخلاء 200 قرية من سكانها، وعدم تمكن مؤسسات إدارة سوران من إيصال الخدمات الى الكثير من المناطق خصوصاً الحدودية منها".
وأكد نجيب، في تصريح لمحطة إخبارية كردية محلية، أن "الكثير من قرى منطقة بالكايتي واقعة تحت سيطرة حزب العمال، وتعاني من مشاكل أمنية، وتداعيات الصراع والاشتباكات بين مسلحي الحزب والجيش التركي تحرمها من الخدمات".
وأشار إلى أن "أكثر سكان تلك القرى والمناطق الحدودية يمتهنون الزراعة والرعي، وبسبب وجود مسلحي الحزب في المنطقة، وما يسببه ذلك من توترات أمنية، حُرم سكان هذه القرى من مصادر عيشهم، كما يفرض مسلحو الحزب الإتاوات والضرائب على سكان المنطقة من دون وجه حق".
ويتخذ مسلحو "العمال الكردستاني" من جبال قنديل والمناطق الحدودية الوعرة داخل إقليم كردستان معقلاً له، وينشط مسلحوه في تلك المناطق، كما يفرضون ضرائب وإتاوات على سكان المنطقة، وتسببوا في إخلاء مئات القرى الحدودية داخل الإقليم من ساكنيها، خصوصاً ضمن حدود محافظتي أربيل ودهوك، كما يعرقلون إيصال الخدمات إلى عشرات أخرى منها.
وتحمّل حكومةُ الإقليم حكومةَ بغداد مسؤولية وجود حزب "العمال الكردستاني" في مناطق الإقليم، وما يترتب عنه من تراجع أمني وتعرض القرى والمناطق الحدودية للقصف التركي، الذي يستهدف تحركات الحزب.