أعلنت المحكمة الإدارية العليا في تركيا، اليوم الأربعاء، رفع دعوى قضائية لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي، بعد اتهامات لقيادات وأعضاء الحزب بارتباطهم بحزب العمال الكردستاني المحظور في البلاد.
وتأتي الدعوى القضائية تتويجا لتحقيقات أجرتها المحكمة الإدارية العليا، وبظل ضغوط من حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، حليف حزب العدالة والتنمية الحاكم، وبعد وقت قصير من طرد البرلمان، في وقت سابق اليوم، نائبا من الحزب الكردي، عقب ثبوت حكم نهائي بالسجن في حقه.
وطالب المدعي العام في المحكمة الإدارية العليا بكير شاهين بإغلاق الحزب بعد اكتمال إعداد مذكرة الادعاء وإرسالها للمحكمة الدستورية العليا، بحجة أن "أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي في خطابهم وتصرفاتهم يعملون على تخريب وحدة الشعب والدولة ويهدفون إلى إزالة الدولة".
واستند المدعي العام، في بيان صدر عنه، على المادة 90 الفقرة 68/3 من الدستور، والتي تنص على ممارسة الحزب السياسي فعالياته وفق القواعد الديمقراطية والعالمية بطريقة سلمية، والمادة 14 التي تنص على مبادئ الدولة ووحدة الشعب والبلاد، والمواد 69 و103 و68 المرتبطة بالقضية، واستندت المذكرة كذلك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان حسب المادة 11، الفقرة الأولى والثانية المتعلقة بحرية ممارسة العمل المدني، بما يضمن الأمن العام على الصعيد الوطني.
وبحسب المعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام التركية، فإن المذكرة تشمل مئات الصفحات التي تتضمن التصريحات السياسية للأعضاء التي تؤكد الارتباط بين عناصر الحزب السياسي وحزب العمال الكردستاني، وتشمل قيادات الحزب السابقين والحاليين، وطلبت المذكرة منع 600 عضو وقيادي في الحزب من ممارسة العمل السياسي، والحجز الاحتياطي على أموالهم.
ومن المنتظر أن تنظر المحكمة الدستورية العليا بمذكرة الادعاء، وتحديد موعد لعقد المحكمة بعد تكليف مقرر، وبطلب من حزب الشعوب الديمقراطي، تقديم مدافعة، لتقرر المحكمة ارتباط الحزب بتنظيم محظور أم لا، وفي حال ثبوت الادعاءات فإن المحكمة من الممكن أن تصدر قرار الإغلاق، ومنع أعضاء الحزب من ممارسة السياسة ومنع المساعدات المقدمة من قبل الخزانة العامة للأحزاب البرلمانية.
وشكل موضوع إغلاق الحزب حديث السياسيين مؤخرا مع طلب الأحزاب القومية إغلاق الحزب، في ظل صمت من الحزب الحاكم، ورفض من المعارضة، خاصة أن حزب العدالة والتنمية سبق أن عانى من دعوى قضائية في عام 2008 لإغلاق الحزب ولكنه نجا بأعجوبة وعمل على تعديلات دستورية تصعب من إغلاق الأحزاب، وحصر ذلك بالقضاء، إذ كان سابقا يمكن تقديم الطلب مباشرة للمحكمة الدستورية العليا.
وعلى الرغم من اتهامات حزب العدالة والتنمية بالتصاق حزب الشعوب الديمقراطية بحزب العمال الكردستاني، لكنه يبدو أنه ترك الأمر للقضاء ليسير بموضوع الإغلاق ليكون الأمر محصورا بالقضاء، ومن اللافت أن هذه الدعوى تأتي بعد أسبوعين فقط من الإعلان عن خطة عمل حقوق الإنسان والإصلاحات القضائية التي شملت حديثا عن مساحة أكبر لحقوق الإنسان والممارسات السياسية.
ويعتبر حزب الشعوب الديمقراطية الحزب الكردي الوحيد في البرلمان وحقق في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2018 نسبة 11.7٪ من الأصوات بمجموع 67 نائبا برلمانيا، ولكن مع الاستقالات وطرد الحزب بعض الأعضاء، وطرد البرلمان لآخرين، انخفض عدد النواب إلى 55 نائبا من إجمالي 600 نائب يشكلون البرلمان التركي.
وتأسس حزب الشعوب الديمقراطية في عام 2012، وخلف حزب السلام والديمقراطية الكردي الذي أغلق في عام 2014، وحزب المجتمعات الديمقراطية الكردي الذي أغلق في عام 2009، ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تظاهرات من مؤيدي وأنصار الحزب اعتراضا على هذا القرار.