تأكيد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي بشأن إعادة تنظيم دوره في العراق، لتتحول مهامه إلى استشارية، على أن تنتهي بشكل تدريجي بحلول نهاية العام الحالي، أثار تساؤلات بشأن مستقبله في العراق، في ظل وجود مخاوف من احتمال استغلال الأميركيين مظلة التحالف الدولي للإبقاء على قواتهم القتالية بمسميات أخرى.
وتنفذ القوات الأميركية الموجودة داخل التحالف في العراق أكثر من 75 بالمائة من مجمل العمليات القتالية واللوجستية التي يضطلع بها التحالف.
وقال المتحدث باسم التحالف واين ماروتو، نهاية الأسبوع الماضي، إن "التحالف الدولي يعيد تنظيم دوره في العراق ليصبح استشاريا ومساعدا بحلول نهاية العام الحالي"، مشددا على "التزام التحالف بالتعاون الأمني والشراكة مع حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان في الحرب على الإرهاب".
وبمقتضى الاتفاق بين الحكومة العراقية والإدارة الأميركية، الذي تم التوصل إليه خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى واشنطن نهاية يوليو/ تموز الماضي لاستئناف الجولة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين البلدين، فإن القوات الأميركية القتالية ستغادر العراق في موعد أقصاه الحادي والثلاثون من ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ومن المرتقب، خلال أيام قليلة، الإعلان عن انسحاب أولى الدفعات القتالية من البلاد، بحسب ما أكده المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة اللواء تحسين الخفاجي.
ووفقا للواء الخفاجي، فإن ثلاث وحدات تابعة لقوات التحالف الدولي ستغادر البلاد نهاية الشهر الجاري، مضيفا، في إيجاز قدمه للصحافيين ببغداد، أن "القوات العراقية تحتاج إلى التدريب والاستشارة وإلى العمل في مجال التسليح وتبادل المعلومات والاستطلاع الجوي وسلاح الجو، في حال حاجتنا إلى ضربات وطيران الجيش أيضاً وبناء قدراتها وتعزيز إمكانياتها ورفع جهدها الفني".
وأضاف المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة أن "عدد قوات التحالف في العراق هو 2500 الآن، وهي ستنسحب خلال هذه الأيام، ومن سيأتون سيعملون استشاريين، وعددهم يعتمد على القوات الأمنية والتقديرات لاحتياجاتها في مجالات التدريب والاستشارة".
خشية من استغلال القوات الأميركية لملف وجود التحالف في العراق كمظلة لوجود من نوع آخر لها
الخفاجي قال إن "الأميركيين سينسحبون من قاعدتي عين الأسد وحرير، كما ستغادر ثلاث وحدات تابعة لقوات التحالف الدولي العراق نهاية الشهر الجاري"، مردفاً بأنه "ستأتي قوات أو أفراد مهمتهم الاستشارة وبناء القدرات وتبادل المعلومات".
المتحدّث باسم قيادة العمليات المشتركة شدّد على أن القوات العراقية ستكون بحاجة للإسناد الجوي من جانب التحالف بعد انسحاب القوات الأجنبية من البلاد، مشيراً إلى أنه "في حال احتياجنا إلى نوع معين من الضربات، وإذا كانت خارج إمكانيات القوة الجوية، فقد أبدى التحالف استعداده لتنفيذ مثل هذا النوع من الضربات بسلاح معين في مناطق جبلية يصعب الوصول إليها، وذلك بطلب من قيادة العمليات المشتركة إلى التحالف الدولي".
وفي هذا السياق، قال عضو البرلمان العراقي أحمد الكناني إن "التحالف الدولي تشكل من الأساس لمحاربة تنظيم "داعش" الذي تم القضاء عليه، وهناك خشية من استغلال القوات الأميركية ملف وجود التحالف في العراق كمظلة لوجود من نوع آخر لها".
وأضاف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وجود القوات الأميركية في العراق بات أمرا غير مقبول، ودعونا الحكومة لمناقشة وجود التحالف الدولي بعيدا عن الضغوط الأميركية، إذ إن الولايات المتحدة الأميركية هي التي تسيطر على التحالف الدولي"، موضحا أن "مستقبل التحالف وطبيعة مهامه المقبلة يتطلبان إجراء نقاشات واسعة بين بغداد وواشنطن".
وقلل الكناني من أهمية مخاوف البعض من احتمال حدوث خروقات أمنية بعد خروج التحالف الدولي من العراق، موضحا أن "القوات العراقية تسيطر على جميع أراضي البلاد، وعليها ألا تتهاون وتكثف جهودها الاستخبارية للقضاء على بقايا داعش"، كما استبعد احتمال سيطرة فصائل مسلحة على بعض المناطق، قائلا "على العكس من ذلك، بقاء القوات الأجنبية يعطي هذه الفصائل مبررات للاستمرار في ممارسة أعمالها".
عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بدر الزيادي ربط بين موعد خروج القوات القتالية الأميركية، وانتهاء مهام التحالف الدولي، قائلا، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن التحالف الدولي ستنتهي مهامه في الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وأشار إلى أن أمام التحالف الدولي ثلاثة أشهر فقط للبقاء في العراق، وعليه أن يرتب أوراقه فيها، مؤكدا أن التحالف سيبقى في قواعده بدول مجاورة بعد انسحابه من العراق.
وتابع "في حال احتاج العراق مساعدة التحالف الدولي مستقبلا، يمكن للحكومة المقبلة أن تطلب ذلك"، موضحا أن "انسحاب التحالف لن يكون له تأثير كبير على الأمن، لأنه لا يقوم بمهام قتالية في العراق الآن، باستثناء الضربات الجوية".
وأضاف أن "مساعدة التحالف الدولي جوية فقط، وبالتالي، يمكن تحقيقها من خارج العراق أو داخله"، مبينا أن الحكومة المقبلة مطالبة باتخاذ قرارات قوية ومهمة تصب في مصلحة البلاد.
في المقابل، فرّق مسؤول حكومي عراقي بين مهام القوات الأميركية القتالية التي ستنسحب نهاية العام الحالي، ودور التحالف الدولي الاستشاري الذي لا يوجد أمد زمني لخروجه، قائلا، لـ"العربي الجديد، إن "الحادي والثلاثين من ديسمبر/ كانون الأول المقبل هو موعد لخروج القوات الأميركية بموجب اتفاق سابق بين بغداد وواشنطن، أما التحالف الدولي، فهو باق ولم يجرى الحديث بشأن خروجه".
وأشار إلى عدم وجود مدة زمنية لبقاء التحالف الدولي في العراق، مبينا أن ذلك يعتمد على مدى حاجة القوات العراقية للدعم والاستشارات والأسلحة التي يمكن أن يقدمها التحالف.
ومنذ سبتمبر/ أيلول 2014، التزمت 83 دولة بقتال تنظيم "داعش" الإرهابي ضمن التحالف الدولي، وقررت مواجهة التنظيم على مختلف الجبهات، والعمل على تفكيك شبكاته ومجابهة طموحاته. ولم يقتصر دور التحالف الدولي في العراق وسورية على الجانب العسكري، إذ دعم، خصوصاً الولايات المتحدة، جهود إعادة الإعمار في المدن العراقية المحررة من سيطرة التنظيم.