أكد مصدر عسكري حكومي يمني أن ما يسمى بقوات "درع الوطن"، المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، تسلمت أول من أمس السبت، مواقع مهمة داخل قاعدة العند العسكرية بمحافظة لحج، جنوبي البلاد، بحسب توجيهات قيادة التحالف.
وتعد قاعدة العند الاستراتيجية، والتي تبعد 63 كيلومتراً شمال عدن، ثاني أكبر قاعدة جوية في البلاد، بعد الديلمي في صنعاء. وبناها الاتحاد السوفييتي إبان الحرب الباردة في ثمانينيات القرن الماضي لتشرف على مساحة أوسع بين باب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي.
وسيطر "المجلس الانتقالي"، الذي يطالب بانفصال جنوب البلاد، عليها بالتزامن مع سيطرة قواته على معظم مناطق محافظات جنوب البلاد عقب مواجهات مع القوات الحكومية في أغسطس/آب 2019.
تسلمت قوات "درع الوطن" مهام تأمين قاعدة العند من وحدات عسكرية سودانية
وقال المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد" طالباً عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالتصريح، إن قيادة التحالف أصدرت توجيهات إلى قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" بتسليم قاعدة العند إلى قوات "درع الوطن" ("اليمن السعيد" سابقاً). وأوضح أن قوات "الانتقالي" سلمت مواقع داخل القاعدة، في حين رفضت تسليم أخرى داخلها، مبررة ذلك بعدم وجود مقر بديل.
"درع الوطن" تتسلم مهام حماية مطار القاعدة
وأشار المصدر إلى أن الوحدات العسكرية من قوات "درع الوطن" تسلمت مهام حماية مطار القاعدة وأجزاء واسعة منها، تمهيداً لوصول لواء من هذه القوات إليها بهدف تأمينها بشكل كامل. واعتبر أن تسلم هذه القوة مهمة تأمين القاعدة العسكرية الأهم جنوباً يعد مقدمة لتسلم مواقع عسكرية مهمة في محافظات عدن ولحج وأبين خلال الفترة المقبلة.
و"درع الوطن" هي قوات يمنية تشكلت في العامين الماضيين، وينتمي معظم أفرادها إلى التيار السلفي. وكان تم إنشاء عدة ألوية وكتائب في مأرب وشبوة وأبين ولحج، تحت مسمى "قوات اليمن السعيد"، قبل أن تغير اسمها لاحقاً. وبحسب المصدر العسكري، الذي تحدث مع "العربي الجديد" فإنّ "التحالف، والسعودية تحديداً، يسعى لتمكين هذه القوات، إلى جانب قوات "العمالقة"، للسيطرة على مناطق أوسع جنوباً مقابل تحجيم دور الانتقالي".
في المقابل، تناقلت مواقع إخبارية بياناً منسوباً لمصدر عسكري، لم تسمه، ينفي الأنباء التي تحدثت عن تسليم القاعدة، ويصفها بـ"الشائعات الكاذبة التي روجتها بعض الجهات المعادية". وقال المصدر، في بيان أول من أمس السبت، إن "القوات المسلحة الجنوبية، ممثلة بكتيبة من اللواء الثاني حزم التابعة إلى قيادة المنطقة العسكرية الرابعة، تسلمت مهام تأمين قاعدة العند العسكرية بشكل رسمي".
من جانبه، نشر المتحدث الرسمي باسم "القوات المسلحة الجنوبية" محمد النقيب، تغريدة السبت الماضي، قال فيها: "لن نلتفت إلى إشاعاتهم المكررة وأعيننا على حضرموت الوادي. وصوب الاتجاه الذي تسير عليه الهبة الحضرمية وتصعيدها. نمضي قدماً".
إلا أن المصدر العسكري الحكومي الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، اعتبر أن ما يردده إعلام الانتقالي "محاولات يائسة لتطمين أنصار المجلس". وأشار إلى أن قوات "درع الوطن" تسلمت بالفعل مهام تأمين القاعدة من وحدات عسكرية سودانية كانت تتواجد فيها منذ سنوات، وذلك بعد أيام من زيارة وزير الدفاع اليمني محسن الداعري إلى الخرطوم. وأعلن أن وحدات تابعة إلى قائد المنطقة العسكرية الرابعة فضل حسن لا تزال تتواجد في ثكنات بأجزاء من القاعدة في انتظار أن يحدد موقع انتقالها.
وأشار المصدر الحكومي إلى أن التحالف يسعى من خلال هذه التوجيهات للحفاظ على توازن القوى جنوباً، وللضغط على "المجلس الانتقالي" الذي أصبح يمثل عائقاً أمام تواجد مجلس القيادة الرئاسي في عدن، الخاضعة لسيطرته أمنياً وعسكرياً، ولوقف التحركات التي يقوم بها نحو محافظتي الشرق، حضرموت والمهرة الحدوديتين مع السعودية وسلطنة عمان.
وقال رئيس مركز البلاد للدراسات الكاتب والصحافي حسين الصوفي، لـ"العربي الجديد": "كان الملف الأمني والعسكري هو المهمة الأولى المنوطة بمجلس القيادة الرئاسي، ويفترض بالمجلس إنجازه في أشهره الأولى، لكن ذلك لم يحدث".
وأضاف أن: "مقابلة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي مؤخراً مع قناة الحدث، وهو الرجل الأول في المجلس والدولة، وحديثه عن تأجيل حسم الملف الأمني والعسكري، دليل على وجود خلافات قد تكون عميقة بين مكونات المجلس".
وتابع: "كما ظهر ذلك من القلق السعودي الزائد من تحركات المجلس الانتقالي في حضرموت، والتي يعتبرها الجانب السعودي استهدافاً مباشراً للسعودية من قبل الفعاليات المدعومة من الإمارات. ومن هنا فإن تسليم قاعدة العند وتوزيع سيطرة القوى يأتيان في هذا الإطار، لمحاولة توزيع القوى وخريطة السيطرة وإيجاد توازن على الأرض، ليتحقق توازن حقيقي للمجلس الذي يعيش خارج البلاد منذ فترة بسبب الملف الأمني والعسكري".
وأضاف: "حالياً على مجلس القيادة الرئاسي أن يكون أكثر جدية وحزماً في تنفيذ الأولويات والمهام التي أسندت إليه، ولا سيما الملف الأمني والعسكري، لتجنيب البلاد مرحلة صراعات جديدة قد تكون الأسوأ".
تصعيد "الانتقالي" باتجاه وادي حضرموت
وكان "المجلس الانتقالي الجنوبي" قد صعد أخيراً من تحركاته باتجاه مناطق وادي حضرموت، كبرى المحافظات اليمنية شرقي البلاد. ودشن تظاهرات تطالب بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى، التي يتهمها بموالاة حزب "الإصلاح" ونائب الرئيس السابق علي محسن صالح، من المنطقة. ويقول خصومه إن ما يردده مبررات، فيما هو يسعى لتمكين قواته من السيطرة على موارد المحافظة.
مصدر عسكري حكومي: التحالف يسعى للضغط على "الانتقالي" الذي يمثل عائقاً أمام تواجد مجلس القيادة الرئاسي في عدن
وكرد فعل على تلك التحركات احتفلت تيارات قبلية حضرمية بما أطلق عليه "اليوم الوطني لحضرموت" في 20 الشهر الحالي، في سابقة غير معهودة، حيث طالب المشاركون بتمكين أبناء المحافظة من إدارتها. ورُفع في التظاهرات والفعاليات علم دولة حضرموت التاريخية، ورددت شعارات تطالب بإقامة دولة حضرموت المستقلة.
وفي السياق، ما تزال اللجنة العسكرية والأمنية، برئاسة اللواء هيثم قاسم طاهر، تواصل تحركاتها، دون أفق لخطوات عملية من شأنها أن تساهم في توحيد القوات تحت قيادة مجلس القيادة الرئاسي، كما هو مناط بها في إعلان الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي نقل السلطة في 7 إبريل/نيسان الماضي.
ونص إعلان نقل السلطة، المعلن في الرياض وقتها، على تشكيل لجنة لتحقيق الأمن والاستقرار، واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون.
ونتيجة لذلك أعلن مجلس القيادة الرئاسي، نهاية مايو/أيار الماضي، تشكيل لجنة عسكرية من 59 عضواً، لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن تحت قيادة واحدة، في مسعى من التحالف، الداعم للسلطات الشرعية، احتواء الاختلالات الأمنية والعسكرية، وتوحيد الفصائل والجماعات المسلحة، متعددة الولاءات، داخل معسكر القوى المناوئة للحوثيين، ضمن هيكل وزارتي الدفاع والداخلية.
لكن اللجنة لم تحقق أي تقدم على الأرض، رغم إعلانها في 8 ديسمبر/كانون الأول الحالي تسليم تقريرها النهائي، بخصوص توحيد مؤسسة الجيش والأمن، لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
وكانت اللجنة أنهت، قبل أيام، زيارة إلى محافظة مأرب. ووفق بيان نشره الجيش، أول من أمس السبت، التقت رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، قبل أن تبدأ عملها الميداني بزيارة سكن الجرحى والمستشفى العسكري، ولقاء قيادات عسكرية، وزيارة مقر اللواءين الأول والثاني احتياط، ومدرسة القوات الخاصة، ومعسكر النصر التدريبي، إضافة إلى قيادة المناطق العسكرية الثالثة والسادسة والسابعة وقيادة الشرطة بالمحافظة.