استمع إلى الملخص
- **ردود الفعل**: إسرائيل قلقة وتصف القرار بأنه "سيئ جداً"، بينما تدعمه 49 دولة وثلاث منظمات دولية، منها جنوب أفريقيا، السعودية، مصر، والإمارات. الولايات المتحدة تدعو المحكمة للحد من تقديم أي رأي استشاري.
- **التبعات المحتملة**: القرار غير ملزم لكنه قد يزيد الضغط الدولي على إسرائيل ويفتح الباب لعقوبات أوسع، وربما يدفع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم حرب محتملة.
من المقرر أن تصدر محكمة العدل الدولية، اليوم الجمعة، رأياً استشارياً في العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ظل توقعات بأن تعلن المحكمة أن الاحتلال الإسرائيلي "غير شرعي على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967"، ما يعني أن على إسرائيل بصفتها دولة احتلال مسؤولية إنهاء الاحتلال "بالسرعة القصوى الممكنة".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، اليوم الجمعة، عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمّهم توقعاتهم بأن القرار سيراوح بين "سيئ جداً" و"فظيع ورهيب"، وأن إسرائيل لن تلتزم به. ويسود التشاؤم في صفوف المسؤولين في وزارتي القضاء والخارجية الإسرائيليتين، قبيل إعلان الرأي الاستشاري، وسط تخوفات من أن يعقّد القرار أكثر وضع إسرائيل على الساحة الدولية، وكذلك التسبب بمزيد من العقوبات، تتجاوز تلك المفروضة على بعض المستوطنين في الأشهر الأخيرة.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أن قرار المحكمة "ليس ملزماً، ولن يؤدي إلى اتخاذ إجراءات فورية ضد إسرائيل، ولكن قد تكون له تبعات كبيرة في الساحة الدولية، وسيؤثر على صورة إسرائيل، وعلى اتّساع الاحتجاجات ضد المستوطنات". ونقلت الصحيفة عن نشطاء حقوق إنسان مطّلعين على التفاصيل التي قُدّمت إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي أن اتخاذ المحكمة قراراً بـ"عدم شرعية السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، سيشكّل خطوة إضافية في النضال من أجل إنهاء الاحتلال، خاصة على المستوى الدولي".
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين إسرائيليين كباراً وفي وزارتي الخارجية والقضاء عبّروا عن قلقهم في الأيام الأخيرة من أن ينص قرار المحكمة على أن إسرائيل تمارس احتلالاً دائماً في الضفة الغربية وغير قانوني بموجب القانون الدولي، وهو ما سيزيد الضغط الدولي على إسرائيل بشأن المستوطنات، كما أن القرار قد يفتح الباب على فرض عقوبات واسعة أكثر على شخصيات ومنظمات متماهية مع الاستيطان.
واستبقت إسرائيل قرار محكمة العدل الدولية بتصويت الكنيست، ليلة الأربعاء، بأغلبية 68 نائباً من أصل 120، تشمل نواباً من المعارضة، لصالح مشروع قرار يعارض إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن. كما رفض الكنيست مقترحات قدمتها القوائم العربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي حين أن الرأي الاستشاري لقضاة محكمة العدل الدولية غير ملزم، فإن له وزنا بموجب القانون الدولي. ومن شأن توصل قضاة محكمة العدل الدولية إلى نتيجة واضحة بأن الاحتلال غير قانوني أن يؤدي إلى تآكل الدعم لإسرائيل.
وجرت صياغة الرأي الاستشاري بشأن الآثار القانونية الناجمة عن انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بناءً على طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول 2022. وفي فبراير/ شباط من هذا العام، عقدت المحكمة سلسلة من المناقشات حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقدّم الفلسطينيون، بالإضافة إلى 49 دولة عضواً في الأمم المتحدة، وثلاث منظمات دولية، إلى المحكمة تصريحات شفهية، عرضوا فيها مواقفهم من مدى شرعية الاحتلال الإسرائيلي.
ومن أبرز ما جاء في القرار الصادر في 2022 الطلب من محكمة العدل الدولية أن تصدر "فتوى" أو رأياً قانونياً في مسألتين: الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وأيضاً احتلالها طويل الأمد للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، واستيطانها وضمها إليها، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير الوضع الديمغرافي لمدينة القدس وطابعها ووضعها، واعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية في هذا الشأن.
ومن الدول التي مثلت أمام المحكمة جنوب أفريقيا، والسعودية، وهولندا، وكوبا، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، وفرنسا، والصين، واليابان، والأردن، وباكستان، وإندونيسيا، وقطر، وبريطانيا، والسودان، وسويسرا، وإسبانيا، والمجر، وغيرها. في المقابل، قاطعت إسرائيل ذلك، ولم تمثل أمام المحكمة.
وحضرت بعثة إسرائيلية من قبل وزارة الخارجية بعض الجلسات التي شهدتها المحكمة، لكنها لم تشارك بشكل فعلي فيها، في حين حاولت إسرائيل من وراء الكواليس نقل موقفها إلى المحكمة من خلال دول صديقة لديها تمثيل في المحكمة، وعلى رأسها بريطانيا، من أجل ممارسة ضغط عليها، واتخاذ قرار لصالح إسرائيل. ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن المحامي ميخائيل سفراد، المستشار القضائي لحركة "سلام الآن" والمختص في القانون الدولي، تأكيده أنه من بين 60 دولة قدمت رأيها المكتوب أو الشفهي أمام المحكمة، لا توجد أي دولة قالت إن إسرائيل تعمل وفق القانون الدولي.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي المناطق التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم المستقلة عليها، في حرب 1967، وتبني منذ ذلك الحين مستوطنات في الضفة الغربية وتعمل بشكل مطرد على توسعتها.
غالبية الدول تطالب العدل الدولية باعتبار الاحتلال غير شرعي
وطلبت غالبية الدول المشاركة من المحكمة اعتبار الاحتلال غير قانوني، في حين قالت مجموعة قليلة من الدول، من بينها كندا وبريطانيا، إنه يتعين على المحكمة رفض تقديم رأي استشاري، فيما دعت الولايات المتحدة، أقوى داعم لإسرائيل، المحكمة إلى الحد من تقديم أي رأي استشاري، وألا تأمر بانسحاب القوات الإسرائيلية من دون شروط من الأراضي الفلسطينية. وستبدأ هيئة المحكمة، المكونة من 15 قاضياً، إعلان رأيها في الساعة 13:00 بتوقيت غرينيتش.
ويُعتبر الرأي الاستشاري الحالي هو الأول الذي يتناول ملف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، لكنه ليس الأول بشأن إسرائيل. ففي العام 2004 كتب قضاة محكمة العدل الدولية رأياً قضائياً اعتبر أن بناء جدار الفصل العنصري يتعارض مع القانون الدولي، وأنه لا يمكن لإسرائيل تبرير إقامته بادّعاء الدفاع عن النفس، وأن عليها التوقف فوراً عن بنائه وهدم الأجزاء التي أقامتها، وتعويض الفلسطينيين الذين تضرروا. كما دعت المحكمة لمحاكمة مسؤولين إسرائيليين أصدروا أوامر تنتهك القانون الدولي من خلال التخطيط للجدار وبنائه. ولاحقا أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً مخالفاً لقرار محكمة لاهاي بشأن قانونية الجدار، وقررت أن الهدف من إقامته كان أمنياً، وأن محكمة العدل الدولية لم تعتمد على أسس صحيحة في قرارها، وبالتالي وصلت إلى استنتاجات خاطئة.
ما القرار المتوقع من العدل الدولية اليوم؟
من بين الإمكانيات المطروحة على الطاولة، بحسب ما أوردته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، قبل أيام، صدور قرار عن المحكمة بأن الاحتلال غير قانوني، لأنه يقوم بأعمال تغيير ديموغرافي من خلال المشروع الاستيطاني، الأمر الذي يمثّل ضماً فعلياً. وإذا تم قبول هذا القرار، يجوز للمحكمة أن تطالب إسرائيل بمغادرة الضفة. ويمكن للمحكمة أن تقرر أن القانون الدولي يحظر على الدول التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي. ويمكن لمثل هذا القرار من طرف محكمة العدل الدولية أن يدفع العديد من الدول حول العالم إلى اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل.
ومن بين مخاوف إسرائيل، التي أشارت إليها الصحيفة، أن تنقل الجمعية العامة للأمم المتحدة الرأي القانوني الذي يُرسل إليها عقب قرار محكمة العدل الدولية لمعالجة المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كريم خان، الذي طلب في الآونة الأخيرة إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة.
وفي مثل هذه الحالة، قد يفحص المدعي العام مقاضاة المسؤولين عن جريمة الاستيطان، سواء أكانوا في الحكومة أم في المؤسسة الأمنية. واحتمال آخر، هو أن الرأي القانوني سيحدد أن إسرائيل تمارس الفصل العنصري في الضفة الغربية، وهو ما يعد جريمة ضد الإنسانية، الأمر الذي يمكن أن تكون له عواقب وخيمة أيضاً. ومثل هذا القرار لن يترك للمدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أي خيار سوى التحقيق مع إسرائيل ضمن الشكاوى التي يحقق فيها.
هناك أيضاً احتمال أن يُحال الرأي الاستشاري إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن السؤال كيف ستتصرف الولايات المتحدة في هذه الحالة، وما إذا كانت ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مثل هذا الإجراء. وإذا دعت المحكمة دول العالم إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال، فسيُسمح للدول بالمبادرة بنفسها إلى فرض عقوبات عليها. وإذا قررت المحكمة أن على دول العالم أن تفعل ما في وسعها للضغط على إسرائيل لإنهاء الوضع غير القانوني، فسيكون بمقدورها استخدام القرار لفرض عقوبات على إسرائيل.