تصاعدت الأزمة الدبلوماسية بين وزارتي الخارجية في كل من مصر وليبيا، والتي تسببت بها شكاوى مواطنين ليبيين من "سوء معاملة على الحدود المصرية"، ووصلت إلى حد توجيه الخارجية الليبية الاتهام إلى مصر بالتدخل في شؤون ليبيا والتعدي على سيادتها الوطنية.
وقالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية، في بيان، إنها "تابعت رد الخارجية المصرية في ما يتعلق بالشكوى المثارة من المواطنين الليبيين على الحدود الليبية المصرية، وتعتبره رداً في غير محله ومجافياً للواقع والحقيقة".
وأعربت الوزارة عن استغرابها من "تصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية بشأن حكومة الوحدة الوطنية وخريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الموقع في جنيف"، واعتبرتها "تدخلاً في الشأن الليبي، وتعدياً على السيادة الوطنية، باعتبار العملية السياسية ملكية وطنية لليبيين وحدهم، وليس لدولة أن تحدد تاريخ بدء أو انتهاء المواعيد السياسية الوطنية".
وأضافت الخارجية الليبية، في بيان، أن "اتفاق جنيف أكد انتهاء المرحلة الانتقالية بإجراء الانتخابات وجعل المواعيد تنظيمية وليست ملزمة، كما أن مثل هذه البيانات لها تداعيات خطيرة على أمن واستقرار ليبيا، وأن ليبيا قادرة بقيادتها وشبابها أن تقرر مصيرها".
وأشادت الخارجية الليبية بما جاء في بيان الأمم المتحدة وحثها على الامتناع عن استخدام تاريخ 22 يونيو/ حزيران أداةً للتلاعب السياسي، وقالت إنها "تشارك الأسرة الدولية أسفها على ضياع أبرز معالم خريطة الطريق السياسية وهي إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي".
وكانت الخارجية المصرية قد عقبت على البيان الصادر عن وكيل وزارة الخارجية الليبية في طرابلس، أمس الأربعاء، بشأن لقائه مع رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية في ليبيا. ونفى السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، "ما نُسب إلى رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية من تصريحات في بيان الجانب الليبي"، مؤكدًا أن "الحكومة المصرية توفر كافة سبل الرعاية وحسن المعاملة للأشقاء الليبيين في بلدهم الثاني مصر، على ضوء العلاقات الأخوية والروابط التاريخية بين البلديّن والشعبيّن الشقيقين".
وأضاف حافظ أنه "كان من المقرر عقد أعمال اللجنة القنصلية المشتركة المصرية الليبية يوم 24 مايو/أيار 2022 في القاهرة، بحيث يجرى خلالها تناول جميع الموضوعات القنصلية، والتي تتعلق بأوضاع جاليتيّ البلدين وبما يسهم في تذليل أي عقبات في هذا الخصوص، إلا أن الجانب الليبي طلب تأجيلها، وهو ما تجرى توضيحه في أكثر من مناسبة لجهات الاختصاص الليبية، بما في ذلك خلال لقاء رئيس البعثة الدبلوماسية المصرية اليوم مع وكيل الخارجية الليبية".
وأهاب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية "بضرورة تحري الدقة فيما يُنقل من بيانات بشأن أوضاع جاليتيّ البلديّن بما يتواءم مع خصوصية العلاقات المصرية الليبية"، مؤكدًا أن مصر مستمرة في جهودها الرامية لمساعدة الأشقاء الليبيين على استعادة أمن واستقرار البلاد، وصولاً إلى عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، وبما يُتيح للشعب الليبي الشقيق المجال الحر لاختيار قياداته الوطنية التي تمثله وتحظى بثقته في الإطار الشرعي".
واختتم حافظ تصريحاته بأنه "ليس من المستغرب أن تحاول بعض الأطراف تناول بيانات غير دقيقة في محاولة لتشتيت الانتباه، لا سيما مع حلول تاريخ اليوم 22 يونيو/حزبران 2022 موعد انتهاء خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي وولاية حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنبثقة عنه".
وأعلنت وزارة الخارجية الليبية، أمس الأربعاء، أنها أبلغت القائم بالأعمال في السفارة المصرية لدى ليبيا بـ"استياء الوزارة حول الطريقة السيئة التي تجرى فيها معاملة المواطنين الليبيين خلال دخولهم وخروجهم من الأراضي المصرية عبر منفذ السلوم البري".
وقالت الوزارة، في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك: "بناء على توجيهات وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش ومتابعتها، استقبل وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية محمد خليل عيسى بمكتبه القائم بالأعمال بالسفارة المصرية لدى ليبيا تامر مصطفى، وذلك لإبلاغه باستياء وزارة الخارجية من الطريقة السيئة التي تجرى فيها معاملة المواطنين الليبيين خلال دخولهم وخروجهم من الأراضي المصرية عبر منفذ السلوم البري، والتي من بينها الانتظار داخل الصالة المخصصة للجوازات لساعات طويلة تصل إلى 15 ساعة، من دون مراعاة للحالات الإنسانية ومن دون وضوح الأسباب أو الموانع القانونية التي تؤدي لذلك، هذا ناهيك عن المعاملة السيئة التي تصل إلى حد التعدي بالسب على المسافرين الليبيين، والإشكاليات الأخرى الموجودة داخل المعبر".
وأضاف البيان: "جرى خلال اللقاء استعراض التقارير الواردة إلى كل من وزارة الخارجية ومصلحة الجوازات والجنسية بهذا الخصوص مع القائم بالأعمال المصري، حيث أوضح الوكيل أن وزارة الخارجية تبدي استهجانها الشديد ما ورد في هذه التقارير، مدركة في ذات الوقت أن هذه الأفعال المشينة هي أفعال فردية تمس صاحبها فحسب، وأن الجانب المصري لربما ليس على دراية واضحة بها، ولهذا وجب التوضيح ومعالجة الخلل الحاصل اتساقاً مع العلاقات التاريخية التي يحظى بها الشعبين الشقيقين".
وتابع البيان: "أكد الوكيل أن الشعب الليبي يعتبر أي مساس بكرامة مواطن ليبي هو مساس بكرامة كل الليبيين، وعلى ذلك، فإن وزارة الخارجية تتطلع إلى أن يعمل الجانب المصري على تلافي هذه الإشكاليات ومعالجتها بأسرع وقت".
وقال بيان الخارجية الليبية إن "القائم بالأعمال المصري عبّر عن رفضه هذه الأفعال المشينة وأنها غير مقبولة بالمرة ومستهجنة، وسيعمل بشكل جدي على نقل هذه المشاكل إلى السلطات المصرية المختصة وموافاة وزارة الخارجية الليبية بما سيرد"، وفقا للبيان.