يعرض وزير الأمن في دولة الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت والمستوى الأمني، خلال جلسة مجلس الحرب والمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، ليلة الخميس، خطة المستوى الأمني لما يُسمى "اليوم التالي" للحرب على قطاع غزة، التي تقترح إدارة محلية للقطاع وإشرافاً دولياً، و"حرية الحركة" لجيش الاحتلال في القطاع.
ويتصرف الاحتلال كأنه واثق من تحقيق أهداف الحرب، وعلى رأسها القضاء على حركة حماس ومختلف فصائل المقاومة الفلسطينية، رغم الخسائر الفادحة المستمرة في صفوف قواته.
وكشف غالانت، في حديث للصحافيين قبل انطلاق الجلسة، أجزاءً من الخطة التي بموجبها "ستتولى إسرائيل المسؤولية الأمنية عن كل ما يجري في القطاع"، كما تطمح إلى الإبقاء على حرية العمليات العسكرية على نحو كامل.
وتعرض الخطة أن تتولى المسؤولية المدنية في القطاع، بحسب مقترح المستوى الأمني الإسرائيلي، جهات فلسطينية محلية تعمل إلى جانب قوات دولية، بقيادة الولايات المتحدة، بالتعاون مع دول من أوروبا الغربية وعدد من الدول العربية التي تصفها إسرائيل بـ"المعتدلة".
وقال غالانت إن "إسرائيل لن تسيطر مدنياً على قطاع غزة، لكن حماس لن تحكمها أيضاً"، على حد تعبيره، بل "جهات فلسطينية ليست معادية لإسرائيل، ولا يمكنها العمل ضدها".
وأشارت صحيفة "معاريف" في استعراض الخطة إلى أن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يعملون على صوغ الخطة المقترحة، في هذه الأيام، بالتنسيق مع البيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، وأن "وضع الخطة مستمر".
أربع نقاط مركزية في خطة الاحتلال:
- ستكون إسرائيل مسؤولة عن توفير المعلومات التي يكون هدفها توجيه الأعمال والنشاطات المدنية للقوة الدولية متعددة الجنسيات، التي سيتم تشكيلها خصيصاً لإعادة بناء القطاع. ونظراً للاحتياجات الأمنية، ستقوم إسرائيل بإجراء تفتيش لأي بضائع تدخل القطاع.
- قيادة الولايات المتحدة القوة متعددة الجنسيات بالشراكة مع دول أوروبا الغربية و"دول الخليج المعتدلة" التي تربطها اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، على أن تتولى القوة مسؤولية إعمار غزة على مستوى البناء والمنظور الاقتصادي، كما ستكون العنوان الرئيسي لجميع الأطراف الدولية المهتمة بالمساعدة في إعادة إعمار القطاع جراء الدمار الذي لحق به خلال الحرب.
- ستكون مصر بمثابة جسر الدخول المدني إلى القطاع، وبمثابة "محطة رئيسية".
في هذا السياق، تشير تقديرات الاحتلال الإسرائيلي إلى أن "التعاون مع المصريين سيكون مهمًا ومحوريًا لأي حل. وفي ما يتعلق بمحور فيلادلفيا والخط الحدودي بين قطاع غزة وسيناء، يبدو أن النية إجراء عملية لتنفيذ "عزل فعّال" للحدود باستخدام وسائل تكنولوجية فوق الأرض وتحتها. وعملياً يتحدث الاحتلال عن سيطرة إسرائيلية مصرية مشتركة على المعبر الذي ستدخل عبره البضائع إلى قطاع غزة، وستعمل تل أبيب والقاهرة معًا على بنائه. - تشكيل الجهة الفلسطينية التي ستحكم القطاع، على أساس الجهاز الإداري القائم في غزة، إذ إن هناك نحو 30 ألف شخص في قطاع غزة يشكلون الجهاز الإداري الفعلي منذ عقود. وستكون هذه اللجان عنواناً للقوة متعددة الجنسيات، وتتم الموافقة على أعضائها من قبل إسرائيل من خلال جهاز "الشاباك" ومنسّق عمليات الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة.
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن "نسبة معيّنة من هؤلاء السكان ما زالوا مؤيدين لحركة "حماس"، لكن معظمهم ليسوا معادين (لإسرائيل)، ويرتبطون باللجان المحلية الموجودة في مدن وبلدات القطاع كممثلين عن السكان".
وبحسب "معاريف"، بات لدى إسرائيل "خريطة للعشائر المحلية والجهات التي يمكنها حكم قطاع غزة، ويمكن أن تشكّل أساساً لليوم التالي".
وأشارت الصحيفة العبرية عبر موقعها الإلكتروني إلى أن هذه المبادرة لا تزال قيد الإعداد، كذلك هناك قضايا كثيرة لم تتضح بعد، على رأسها قضية إنفاذ القانون وفرض النظام في قطاع غزة، مضيفة أن التقديرات الراجحة في إسرائيل حالياً أنه ليس من الصحيح تولي السلطة الفلسطينية السيطرة المدنية على قطاع غزة، وأن الولايات المتحدة أيضاً تفهم ذلك.
ردود إسرائيلية
وعلّق وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على الخطة بقوله إنها "عودة إلى اليوم الذي سبق 7 أكتوبر. الحل في غزة يتطلب تفكيراً خارج الصندوق وتغيير التصوّر من خلال تشجيع الهجرة الطوعية والسيطرة الأمنية الكاملة (من قبل إسرائيل) بما في ذلك إعادة الاستيطان".
من جهتها، قالت وزيرة الاستيطان أوريت ستروك: "عندما يجتمع الكابينت لمناقشة اليوم التالي، عليه تذكّر العقد المكتوب بينه وبين الجنود الذين خرجوا للحرب وعائلاتهم. في العقد مكتوب "القضاء على جميع قدرات حماس العسكرية والسلطوية والاقتصادية. والقضاء على أي تهديد من غزة تجاه إسرائيل". الخطة التي ستعرض هذه الليلة في الكابينت لا تلبي الحد الأدنى من هذه الأمور، لذلك من الناحية الأخلاقية يجب رفضها".
واشنطن تقترح نموذجا يجمع بين غزة والضفة "تحت إدارة واحدة"
في سياق متصل، قال متحدث وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، إنه ينبغي مناقشة نموذج إدارة من شأنه توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت إدارة واحدة في المستقبل.
وأوضح ميلر، في مؤتمر صحفي الخميس، أن بلاده ستناقش الحاجة إلى إدارة توحد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت قيادة فلسطينية.
وامتنع ميلر عن تقديم مزيد من التفاصيل حول هذا المقترح، مكتفيا بالقول: "يجب إجراء المناقشات حول هذا الأمر في اجتماعات دبلوماسية خاصة".
يشار إلى أن رئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية قال، أول من أمس الثلاثاء، إنّ أي ترتيبات في القضية الفلسطينية دون حركة حماس هي "وهم وسراب"، في إشارة إلى مساعي واشنطن وإسرائيل لتغير شكل الحكم في قطاع غزة، مضيفاً أنه "لن يكون هناك فوضى أو فراغ في القطاع، فالأجهزة الشرطية والأمنية تعمل حالياً، والمؤسسات الحكومية تقوم بجهدها بالإمكانات المتاحة في ظل الحرب والعدوان".
كما أشار هنية إلى أنّ حركته "تلقت العديد من المبادرات التي تتعلق بالوضع الفلسطيني الداخلي الصادرة عن جهات وشخصيات فلسطينية وعربية حريصة على شعبنا وقضيتنا، وأكدنا للجميع تمسك الحركة بوحدة الشعب والقضية (...) ونحن منفتحون على كافة المكونات الوطنية من أجل إعادة بناء المرجعية الوطنية في إطار المنظمة عبر الخيار الديمقراطي، إلى جانب الاتفاق على حكومة وطنية للضفة والقطاع".
وقبل أسبوع، أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، خلال مؤتمر صحافي، ردا على الحديث عن مستقبل قطاع غزة و"اليوم التالي" للحرب، أن "إدارة الشأن الفلسطيني قرار فلسطيني داخلي ولا يقبل شعبنا قيادة تأتيه على ظهر دبابة".