بينما برزت في الآونة الأخيرة تصريحات في الأوساط الإسرائيلية عن ضرورة كبح إرهاب المستوطنين لمنع توتر الأوضاع في الضفة الغربية، تقدم حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خطوات تنطوي على دعم حاسم للبؤر الاستيطانية التي تؤوي في الغالب المستوطنين المتطرفين ممّن ينتمون إلى "تنظيم شبيبة التلال" الإرهابي، وعادة ما يقفون وراء الهجمات الإرهابية الدامية على الفلسطينيين، وآخرها قتل الشاب قصي معطان في قرية برقة شرقيّ رام الله.
في هذا السياق، يكشف موقع "تايمز أوف إسرائيل" عن أن وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش يُعدّ خطة لإضفاء الشرعية على 155 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة.
وبرغم أن الاستيطان بكل أشكاله غير شرعي، وفقاً للقانون الدولي، إلا أن الاحتلال يقسمه إلى قسمين: المستوطنات ويعتبرها شرعية، والبؤر العشوائية التي أقيمت بخلاف القانون الإسرائيلي.
خطة سموتريتش تستهدف هذه البؤر، عبر "إضفاء الشرعية" على 155 بؤرة في شتى أنحاء الضفة. وينقل الموقع عن مسؤولين أمنيين "أسفهم" لعجزهم عن إيقاف ذلك بحكم سيطرة سموتريتش على وزارة المالية وكذلك "شؤون المستوطنات" داخل وزارة الأمن.
وحسب الموقع، فإن الخطة ترسم خرائط لجميع البؤر الاستيطانية الإسرائيلية "غير القانونية" في الضفة، بهدف إضفاء الشرعية عليها جميعاً في نهاية المطاف.
وفيما أقيمت هذه البؤر الاستيطانية في الغالب على أراضٍ فلسطينية خاصة، يهدف سموتريتش إلى نقلها إلى ما تعتبره حكومة الاحتلال "أراضي دولة"، أو إلى تطبيق آليات قانونية بديلة تسمح لهذه البؤر بالبقاء في مكانها.
ونقل الموقع عن القناة 12 الإسرائيلية أن سموتريتش بدأ بـ14 بؤرة استيطانية غير قانونية لإضفاء الشرعية عليها.
ووفقاً للموقع، تُعرف خمسة من المواقع الاستيطانية الـ14 بـ"المزارع"، والمقصود هنا بؤر الاستيطان الرعوي، التي تؤوي عصابات مستوطنين إرهابيين بالدرجة الأولى، وقامت على تهجير عديد من القرى البدوية والتجمعات السكانية الزراعية الفلسطينية.
وقال الموقع إن هذه البؤر "يستخدمها المستوطنون المتطرفون غالباً للاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي بقوى بشرية محدودة، ما يخيف الفلسطينيين القريبين في هذه العملية من خلال استخدام التهديدات والعنف".
وشنّ قاطنو هذه البؤر هجمات إرهابية دامية استهدفت على وجه الخصوص القرى البدوية شرقي محافظة رام الله، ما أدى في نهاية المطاف إلى تهجير عدد من القرى، أبرزها عين سامية التي هدم الاحتلال، أخيراً، مدرسة أشرف على تأسيسها الاتحاد الأوروبي لخدمة القرية.
ووفق مراسلي "العربي الجديد"، هجرت الهجمات الإرهابية التي تنطلق من نحو 10 بؤر استيطانية شرقي محافظة رام الله، 5 قرى بدوية في غضون السنوات الثلاث الأخيرة، وهي: عين سامية، والقبون، والمرج، والبقعة، وراس التين.
وهذه القرى، بالإضافة إلى 5 أخرى، لا تزال صامدة وتواجه حصاراً من قبل المستوطنين، كانت تشكل هوية البادية الفلسطينية في الشريط الشرقي للضفة الغربية، وتعتمد في معظمها على تربية الماشية مصدراً للدخل.
وقال الموقع إن خطة سموتريتش "ستركز أولاً على إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية في شمال الضفة الغربية ووسطها قبل الانتقال إلى مناطق الخليل (مسافر يطا)، والأغوار حيث البادية الفلسطينية.
وستشهد الخطة تخصيص المكاتب التي يسيطر عليها الوزير المتطرف في وزارة المالية ووزارة الأمن، الملايين لتمويل للبؤر الاستيطانية، بالإضافة إلى بناء طرق وصول إليها وربطها بشبكات الكهرباء والمياه، وفقاً للموقع.
ونقلت القناة 12 عن مصدر لم تسمه، قوله: "كل هذا يتم من وراء ظهر الحكومة. إنه ينتهز الفرصة. إذا كان هناك وزير مالية مختلف، ستتوقف التحركات. نظراً لأنه يتقلد منصبي وزارة المالية والإدارة المدنية، يمكنه التصرف دون أي قيود".
وأضاف المصدر للقناة أن "هذا يزيد التوترات مع الفلسطينيين بشكل دراماتيكي، ومن المتوقع مواجهة مع الولايات المتحدة بسبب ذلك أيضاً".
الرئاسة الفلسطينية تحذر
وفي السياق، حذّر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، اليوم السبت، من تبعات خطة سمويتريتش الاستيطانية على استقرار المنطقة بأكملها.
وقال أبو ردينة في بيان صحافي، "إن سياسة الضم والتوسع التي تسعى إليها حكومات الاحتلال المتعاقبة لن تؤدي لتحقيق السلام والاستقرار، بل تدفع بالأمور نحو أمور خطيرة"، مؤكداً أن العودة لحدود عام 1967، وعلى رأسها القدس الشرقية، هي مفتاح تحقيق الأمن، والسلام، والاستقرار".
وأكد أبو ردينة "أن محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي ووزرائها المتطرفين لن تفلح في إعطاء شرعية لأي مستوطنة تقام على أرض دولة فلسطين، لأن القرار (2334) الصادر عن مجلس الأمن الدولي ينص صراحة على ضرورة إزالة جميع المستوطنات باعتبارها غير شرعية، ومخالفة للقانون الدولي بما فيها القدس الشرقية"، مشددًا على أن "الاستيطان جميعه غير شرعي، حسب قرارات الشرعية الدولية، وهو مدان ومرفوض".
وشدد أبو ردينة على أن الإدارة الأميركية تتحمل "مسؤولية" وقف مثل هذه القرارات "الخطيرة"، وأن تتخذ إجراءات جادة بخصوص ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من "عدوان وجرائم وعقاب جماعي ضد الشعب الفلسطيني، والذي يصل إلى حد الأبارتهايد".
ونبّه إلى أن "هذه السياسة الهادفة لشن حرب على شعبنا الفلسطيني، وأرضه، ومقدساته، وتوفر الحماية لإرهاب المستوطنين، تجر المنطقة إلى مربع العنف والتصعيد الذي لن يتحمل أحد نتائجه، والشعب الفلسطيني بصموده وتمسكه بأرضه وثوابته سيفشل جميع هذه المحاولات الرامية لتصفية قضيته وسرقة أرضه".